تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) " . حفظ
الشيخ : طيب ذكر المؤلف فيما سبق عدة آيات ثم بدأ رحمه الله بالإثبات المفصل ، فذكر منه آية الكرسي وهي مشتملة على عدة أسماء وصفات لله عزّ وجل ، وذكر سورة الإخلاص وفيها صفات إثبات ، وصفات نفي أو صفات إثبات .؟
الطالب : نفي وإثبات .
الشيخ : نفي وإثبات ، ثم ذكر أيضا صفات كثيرة متعددة في الإثبات ، مثل العليم والحكيم والعزيز والغفور والرحيم ، والأول والآخر والظاهر والباطن ، (( وهو بكل شيء عليم )) وهذا أظن آخر ما قرأنا .؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب زين نعم .
الطالب : ... المقابلة .؟
الشيخ : أما المقابلة فنعم صحيح ، المقابلة هذه تأتي أيضا ، لكن المقابلة مثل ما قلنا أنها تأتي أحيانا ابيان صفة الكمال .
أقول : " (( ... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ والله بما تعملون بصير )) " (( وَهُوَ مَعَكُمْ )) هذه صفة ثبوتيه أو نفي .؟ إثبات المعية صفة ثبوتية ، هذه المعية يجب أن نعرف أنها لا تقتضي ولا تستلزم أن يكون معنا في المكان ، نعم ، لأن بعض المبتدعة كحلولية الجهمية يقولون إن معنى قوله : (( وَهُوَ مَعَكُمْ )) أنه معنا في المكان ، يعني إذا كنت في الغرفة صار الله في الغرفة ، وإذا كنت في المسجد صار الله في المسجد ، إذا كنت في السوق صار الله في السوق ، لو كنت في محل قذر - والعياذ بالله - على رأيهم صار الله في هذا المحل .
لأنهم يرون أن المعية هي حلول الله عزّ وجل في المكان الذي أنت فيه، فهمتم هذا .؟ طيب هل هذا لائق بالله عز وجل ؟!
الطالب : لا .
الشيخ : أبدا ممتنع ، لأن الله لا يحيط به شيء من مخلوقاته ، وكيف يكون الله مثلا عندنا في هذه الغرفة وعند الذين بجنبنا في غرفتهم ، كم يصير الله من واحد ؟! نعم .
متعدد بتعدد الأمكنة ، وهذا شيء مستحيل ، هو معنا وهو فوقنا ، لأن من كان محيطاً بك علماً ورؤيةً وسمعاً وتدبيراً وسلطاناً فهو معك وإن كان فوقك .
مثلا نحن هنا والله تبارك وتعالى لا يخفى عليه أمرنا ، يرى ما نفعل ويسمع ما نقول ويدبر أمرنا ، إذا هو في الحقيقة معنا وإن كان في السماء هو معنا وإن كان في السماء .
فإذا قال قائل: هل يعقل أن يقال للشيء إنه معك وهو في السماء.؟
قلنا : نعم يعقل هذا وهو مستعمل لغة ، فالعرب يقولون : ما زلنا نسير وسهيل معنا أو والقمر معنا أو والقطب معنا ، وأين محلها .؟ في السماء ، وهذا شيء مستعمل ، بل إن الإنسان يأتيه ولده يبكي يقول : يا أبي الأولاد ضربوني في السوق ، والآن أنا خارج ألعب ، ما ألعب في السوق لأن الأولاد يضربونني ، فيقول الأب له : اخرج أنا معك اخرج أنا معك فيخرج ، الابن وأبوه في البيت ، وهو يشعر أن والده معه لأنه يسمع ما يقال له ، ويرى ما يفعل به ، مفهوم فهكذا إذاً معية الله عزّ وجل .
المؤمن بفطرته لا يتصور عندما يقرأ قول الله تعالى : (( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ )) ما يمكن أن يتصور أن الله معه في مكانه أبدا ، بفطرته لا يتصور هذا ، نعم فأمر لا تقتضيه الفطرة ولا تقتضيه اللغة ولا يمكن في حق الله ، كيف نقول إن هذا هو ما دل عليه كلام الله، وهل كلام الله يدل على شيء محال ؟ لا ، إذاً هو معنا لكنه في السماء على عرشه ، لكن معنا بالإحاطة علماً وقدرة وسلطانا وتدبيراً ورؤية وبصيرا إلى آخره .
نعم وقوله تعالى : (( أَيْنَ مَا كُنْتُمْ )) هذه للتعميم للمكان ، يعني في أي مكان كنتم (( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) كل هذه صفات ثبوتيه.