تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقوله تعالى : (( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط اللهَ وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم )) وقوله : (( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )) الآية وقوله : (( رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه )) وقوله : (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه )) وقوله : (( إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون )) وقوله : (( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة )) وقوله : (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )) " . حفظ
الشيخ : " (( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم )) " فيها صفتان ثبوتيتان ما هما .؟ (( ما أسخط الله )) السخط ، (( وكرهوا رضوانه )) الرضا ، فلله تعالى سخط ورضا يليقان به ، يليقان بالله عزّ وجل .
وقرأتم أنتم قبل هذا المكان أو قبل هذه المرحلة ، قرأتم أن أهل التعطيل ينكرون أن الله يغضب ، يقولون أن الله لا يغضب ، ويفسرون الغضب بأي شيء .؟ بالانتقام أو بإراداته ، ما يفسرون الغضب بصفة في نفس الله تقتضي الانتقام ، لا ، يقولون الغضب هو الانتقام وهذا خطأ ، ليش .؟ قال : لأن الغضب ، يعني إنكارهم لأي شيء .؟ قال : لأن الغضب عبارة عن غليان دم القلب ، يغلي دم القلب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ) فيقولون : إن الغضب غليان القلب ، ولهذا تنتفخ عيونه وتنتفش الشعور نعم نقول هذا الغضب الذي ذكرتموه غضب من .؟ غضب المخلوق ، أما غضب الله سبحانه وتعالى فإنه يليق به كسائر الصفات ... طيب فيها إثبات السخط وإثبات الرضا .
" وقوله : (( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )) " .
(( فسوف )) هذه جواب لشرط في أول الآية ، وهي قوله : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه )) في هذا إثبات صفة المحبة لله عز وجل ، (( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )) وش معنى أذلة عليهم .؟ يعني لا يستكبرون على المؤمنين ولا يغضبون عليهم وإنما هم أذلة .
أما على الكافرين فهم : (( أَعِزَّةٍ )) أقوياء أشداء ، مثل ما وصف الله عز وجل نبيه وأصحابه بأنهم : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) طيب ... .
" وقوله (( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ )) " في هذا أيضا إثبات صفة الرضا لله عزّ وجل ، نعم وقوله (( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ )) وش معنى خشيه .؟ أي خافه مخافة صادرة عن علم ، لأن الله يقول : (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء )) .
" وقوله أيضا : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ )) " هذا فيه وعيد ... جهنم ، الخلود فيها ، الغضب ، اللعنة (( وأعد لهم عذاباً عظيما )) في آخر الآية ، خمس عقوبات لمن يقتل مؤمناً متعمداً ، والشاهد من هذه الآية في هذا المقام قوله : (( وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ )) فاللعنة من فعل والغضب من وصف ، فالله سبحانه وتعالى يغضب ويلعن ، ومعنى اللعنة .؟
الطالب : ... .
الشيخ : الطرد والإبعاد من رحمة الله ، طيب استرح ، أما الغضب فهو صفة نفسية في ذات الله عز وجل تليق به ليس كغضب المخلوقين .
" وقوله : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ )) " متى هذا النداء .؟ يوم القيامة (( لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ )) اللام هذه للابتداء ... ومقت ، وش معنى مقت .؟
الطالب : أي أبغضه .
الشيخ : زين صحيح ، المقت معناه البغض أو أشد البغض (( لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ )) مقت مضاف ، الله مضاف إليه ، وهو من باب إضافة المصدر إلى فاعله ، أو من باب إضافة المصدر إلى مفعوله .؟ أنتم تتصورون معنا زين ، هل المصدر هنا مضاف إلى الفاعل أو للمفعول.؟
الطالب : للمفعول .
الشيخ : طيب نشوف ، إلى الفاعل فالمعنى : لمقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم (( إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون )) . إذا كان مضافا إلى المفعول يصير : لمقتكم الله ، يعني بغضكم لله حين تدعون إلى الإيمان فتكفرون أشد (( أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ )) .
المعنى الآن إذا قلنا هو مضاف إلى الفاعل : لمقت الله إياكم ، يعني بغض الله لكم أكبر من بغضكم أنفسكم ، إذا كان مضافا إلى المفعول يعني : لبغضكم الله ، أنتم تبغضون الله أكبر من بغضكم أنفسكم ، طيب نفهم منها بغض أنفسهم .؟ يوم القيامة إذا رأوا العذاب حينئذ لاموا أنفسهم على ما قدموا من الكفر ، ينادون توبيخاً يقال : إن مقتكم لله أو إن مقت الله إياكم حين دعيتم إلى الإيمان فكفرتم أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم .
والشاهد من هذه الآية في هذا المقام قوله : (( لّمَقْتُ اللَّهِ )) وظاهر كلام ابن تيمية رحمة الله تعالى حينما استشهد بها على إثبات صفة الله أنها مضافة إلى .؟ هيا يا جماعة .؟
الطالب : إلى الفاعل .
الشيخ : إلى الفاعل ، يعني يريد أن يثبت أن الله تعالى يمقت يعني يبغض أشد البغض .
" وقوله (( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ )) [البقرة] " هل استفهام لكن بمعنى النفي ، وينظرون بمعنى ينتظرون ، يعني ما ينتظر هؤلاء إلا هذا اليوم الذي يأتي به الله سبحانه وتعالى في ظلل من الغمام وهو يوم القيامة .
(( يأْتِيَهُمُ اللَّهُ )) الفاعل فاعل يأتي من .؟ الله ، فإذا الآتي من .؟ الله (( يأْتِيَهُمُ اللَّهُ )) هذه صفة ثبوتية أو سلبية .؟
الطالب : سلبية .؟
الشيخ : السلبية يعني النفي ، هذه الصفة ثبوتية ، أثبت الله لنفسه الإتيان ، ومر عليكم وأنتم تقرؤون التوحيد في الثانوي أن أهل البدع يقولون إن الله لا يأتي ، وش الذي يأتي .؟
الطالب : أمره .
الشيخ : أمره ، يأتيهم أمر الله ، ولا شك أن هذا تحريف لأنه إخراج للكلام عن ظاهره ، فالله تعالى يقول : (( يأْتِيَهُمُ اللَّهُ )) فكيف تقول يأتيهم أمر الله ، جناية هذه ، (( يأْتِيَهُمُ اللَّهُ )) فيها إثبات الإتيان . (( فِي ظُلَلٍ )) جمع ظلة (( مِنَ الْغَمَامِ )) وهذا الغمام ورد في الحديث أنه غمام أبيض عظيم يملأ الأجواء كلها ، وكما قال الله تعالى : (( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنزلَ الْمَلائِكَةُ تَنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن )) [الفرقان]
" وقوله : (( ثم اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )) " ثم : أي بعد خلق الأرض استوى إلى السماء ، بمعنى قصد إلى السماء على وجه التمام والتنفيذ وقوله : (( وَهِيَ دُخَانٌ )) جملة حالية ، وش معنى (( دخان )) .؟ أي مثل الدخان (( فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ )) الشاهد قوله : (( فقال لها )) إثبات القول ، وأن الله تعالى يقول ، وش قال .؟ (( اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا )) ومعنى ائتيا أي انقادا لأمره (( طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )) .
الشاهد في هذه الآية أن المؤلف أتى بها لإثبات أن الله تعالى يقول، وأهل السنة والجماعة كما مر عليكم يثبتون أن الله تعالى يتكلم ، ويقول بقول مسموع ، بحروف أو لا .؟ بحروف ، لكن الصوت الذي يتكلم الله به لا يشبه أصوات المخلوقين أبدا ، ولا يمكن أن يشبه أصوات المخلوقين لأن الله تعالى (( ليس كمثله شيء )) .