تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فيقال له : لا فرق بين ما نفيته وبين ما أثبته , بل القول في أحدهما كالقول في الآخر ; فإن قلت : إن إرادته مثل إرادة المخلوقين فكذلك محبته ورضاه وغضبه وهذا هو التمثيل وإن قلت : إن له إرادة تليق به ; كما أن للمخلوق إرادة تليق به , قيل لك : وكذلك له محبة تليق به وللمخلوق محبة تليق به وله رضا وغضب يليق به , وللمخلوق رضا وغضب يليق به , وإن قلت : الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام فيقال له : والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة فإن قلت : هذه إرادة المخلوق قيل لك : وهذا غضب المخلوق ". حفظ
الشيخ : " فيقال له " لمن .؟
الطالب : الأشاعرة .
الشيخ : للمخاطب الذي يقول بإثبات هذه الصفات السبع دون غيرها وهم الأشاعرة مثلا " يقال له لا فرق بين ما نفيته وبين ما أثبته ، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر " يقول : " لا فرق بين ما نفيته " مثل إيش .؟
الطالب : مثل الغضب .
الشيخ : المحبة والغضب والكراهة والرضا إلى آخره ، ما عدا السبع صفات .
" وبين ما أثبته " السبع صفات ، لا فرق بينهما ، طيب " بل القول في أحدهما كالقول في الآخر " إثباتاً أو نفياً .
طيب " فإن قلت :‏ إن إرادته مثل إرادة المخلوقين فكذلك محبته ورضاه وغضبه‏‏ وهذا هو التمثيل " يقول أنت الآن أيها الأشعري مثلا تثبت الإرادة ، يقول نعم أو لا .؟ يقول نعم .
يقول : طيب هذه الإرادة أنت إن جعلتها مثل إرادة المخلوقين فإننا نقول أيضاً غضبه ومحبته ورضاه وكراهته كلها أيضاً من جنس صفات المخلوقين ، وحينئذ نقع نحن وأنت في التمثيل ، وأنت لا تقر بالتمثيل ، ونحن كذلك لا نقر بالتمثيل ، مفهوم هذا .؟
طيب " وإن قلت‏:‏ أن له إرادة تليق به ، كما أن للمخلوق إرادة تليق به ، قيل لك‏ :‏ وكذلك له محبة تليق به ، وللمخلوق محبة تليق به ، وله رضا وغضب يليق به " صح أو لا .؟
فصار الآن يلزمه فيما أثبت مثل ما يلزمه فيما نفاه ، لأن الكل واحد ، فإذا قلنا له أنت الآن تثبت لله إرادة مثل إرادة المخلوقين ، إذا قال : نعم أثبت ذلك مثل إرادة المخلوقين ، قلنا : نعم ونحن أيضاً نثبت مثلك محبة تماثل محبة المخلوقين ، فنقع نحن وأنت في التمثيل .
وإن قلت : لا أبدا حاشا لله أن تثبت إرادة مثل إرادة المخلوقين بل أقول له إرادة تليق به ، وله كلام يليق به ، وله سمع يليق به ، وله قدرة تليق به إلى آخر الصفات السبع ، قلنا له نحن : وكذلك له محبة تليق به ، وغضب يليق به ، وكل شيء من الصفات التي تنفي تليق به .
" قيل لك‏ :‏ وكذلك له محبة تليق به ، وللمخلوق محبة تليق به ، وله رضا وغضب يليق به وللمخلوق رضا وغضب يليق به ، وإن قلت ‏:‏ الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام " نعم ، فهذا صحيح أن القلب يغلي ، ولهذا يفور الدم ، وتحمر العين ، ويقف الشعر ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ) ، فهي حرارة يفور الإنسان منه ، أليس كذلك .؟ هذا هو الغضب ، لكن هذا غضب من .؟ غضب المخلوق .
نقول له أيضا : " فيقال له‏ :‏ والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة " الإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة . أريد مثلاً أن أدرس في الكلية ، هذا لأي شيء .؟ لجلب منفعة ، أريد أن ألبس ثوباً أتدفى منه عن البرد .؟ هذا لدفع مضرة ، إذاً الإرادة هي ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة ، والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى جلب منفعة ولا إلى دفع مضرة ، وأنت أثبت لله الإرادة ، فإذا أنت الآن أثبت أن الله تعالى يحتاج إلى جلب منفعة ودفع مضرة، " فإن قلت : هذه إرادة المخلوق " التي هي ميل النفس إلى جلب المنفعة أو دفع المضرة ، قيل لك وهذا ، وش هو هذا .؟ يعني غليان القلب لطلب الانتقام ، هذا غضب المخلوق ، فهمتم الإلزام أو لا.؟
إلزام بين واضح لا ينفك عنه أبداً ، لا يمكن أن ينفك عنه ، لأنه كل شيء يجي يقدره في الصفات التي نفاها ، نحن نقدره في الصفات التي أثبتها ، كل شيء يقدره في الصفات التي نفاها نحن نقدره في الصفات التي أثبتها ، إذا لا فرق .
فيقال فيما نفاه مثل ما يقال في ما أثبته ، فإذا كان يثبت إرادة قلنا له الإرادة هي ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة ، والله جل وعلا لا يليق به هذا الشيء ، قال هذه إرادة المخلوق وأنا أثبت لله إرادة تليق به وللمخلوق إرادة تليق به ، قلنا له : إذا الغضب الذي أنت تقول أنه غليان دم القلب لطلب الانتقام ، إنما هو غضب المخلوق ، ونحن نثبت لله غضباً يليق به وللمخلوق غضبا يليق به ، واضح هو الآن ينسد عليه الباب ويلزمه أي شيء .؟ يلزمه أن يقر بأي شيء .؟ بالصفات التي نفاها ، لأنه الآن كل على تقدير المؤلف رحمه الله ساق البحث على تقدير الإثبات وعلى تقدير النفي ، فإذا أثبت قلنا الإرادة بهذا المعنى لا تليق بالله ، وش المعنى الذي لا يليق بالله ميل النفس لجلب منفعة أو دفع مضرة .
إذا أثبت الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام فالغضب بهذا المعنى لا يليق بالله ، إذاً يجب عليه نفي الإرادة ونفي الغضب ... المؤلف رحمه الله ناقش كلامهم بالنفي والإثبات ، قالوا إذا أثبتنا لله إرادة ، فالإرادة ميل النفس لجلب منفعة أو دفع مضرة ، وهذه ما تليق بالله ، الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام وهذا لا يليق بالله ، إذا قال الأشعري نثبت الإرادة وننفي الغضب ، إذا قال أنا أريد بالإرادة الإرادة التي تليق بالله ، والإرادة التي هي جلب منفعة أو دفع مضرة هذه إرادة للمخلوق ، وأنا أثبت لله إرادة لا تشبه إرادة المخلوق .
قلنا له إذا الغضب الذي أنت قلت أنه غليان دم القلب لطلب الانتقام إنما هو غضب المخلوق ، ولماذا لا تثبت لله غضباً يليق به مثلما أثبت لله إرادة تليق به ؟!