تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " قال له سائر أهل الإثبات : لك جوابان : أحدهما أن يقال : عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين , فهب أن ما سلكت من الدليل العقلي لا يثبت ذلك فإنه لا ينفيه , وليس لك أن تنفيه بغير دليل لأن النافي عليه الدليل كما على المثبت , والسمع قد دل عليه ولم يعارض ذلك معارض عقلي ولا سمعي فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالم عن المعارض المقاوم ". حفظ
الشيخ : ... في هذا يقول المؤلف إذا قال إن العقل دل عليها ، يقول : " قال له سائر أهل الإثبات لك جوابان : " سائر أهل الإثبات من هم .؟ أهل السنة والجماعة الذين يثبتون جميع الأسماء والصفات " لك جوابان : أحدهما أن يقال : عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين ".
الطالب : ... .
الشيخ : إيه المثبتة أهل السنة والجماعة .
ما معنى هذا الكلام .؟ الأشياء التي لها أدلة ، إذا علم من هذه الأدلة دليل واحد هل يستلزم عدم المدلول .؟ يعني مثلا إذا فرضنا أن هذا الشيء محرم ، وله عدة أدلة على التحريم ، إذا انتفى واحد من هذه الأدلة هل نقول أنه الآن صار مباحا .؟
الطالب : لا .
الشيخ : ما يكون مباحا ، يبقى محرما بالدليل الثاني ، أو لا .؟ إذا قلنا الصلاة واجبة لأن الله يقول : (( وأقيموا الصلاة )) الصلاة واجبة لأن الله توعد المتهاونين بها : (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة )) الصلاة واجبة لأن الله تعالى فرضها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله فرض عليكم خمس صلوات ) هذه مثلا ثلاثة أدلة إذا انتفى واحد من هذه الثلاثة ولم نجد دليلا يدل على أنها فرض بهذا اللفظ ، هل معنى ذلك أنها لا تكون فرضا .؟ لا، لكن فيه أدلة ثانية غير هذه أو لا .؟
أقول مثلا إذا وجد شيء له عدة أدلة ، وانتفى واحد من هذه الأدلة فهل يلزم من ذلك انتفاء المدلول أو ما يلزم .؟ ما يلزم ، واضح الآن لكم ، قلنا مثلا وجوب الصلاة له أدلة كثيرة أو لا .؟ مثل (( وأقيموا الصلاة )) (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة )) (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) نعم ( من لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة يوم القيامة وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف ) وما أشبه ذلك ، الأدلة كثيرة أو لا ، إذا قدر أن واحدا من هذه الأدلة لم يوجد هل معنى ذلك أن الأدلة الثانية تنتفي وينتفي المدلول .؟ لا .
طيب نقول : عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول ، وش السبب .؟ لأن المدلول قد يثبت بدليل آخر غير هذا الدليل المعين ، فإذا قدرنا أن العقل ما يدل على بقية الصفات على زعم الأشعري فالسمع دل على هذه الصفات ، هذا هو ما يريده المؤلف ، واضبطوا هذه القاعدة فهي نافعة ، إذا واحد أبطل دليل على شيء ، وقال هذا لا يدل على هذا الشيء ، هل يلزم من بطلان الدليل على هذا المدلول على هذا الشيء أن لا يثبت هذا الشيء بدليل آخر أو ما يلزم .؟ ما يلزم ، لأنه قد ينتفي الدليل هذا لكن يثبت الشيء بدليل آخر .
والقاعدة هذه : عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين ، وش السبب الذي ما يستلزم .؟ علل .؟ لأنه قد يثبت بدليل آخر .
يقول : " فهب أن ما سلكت من الدليل العقلي لا يثبت ذلك " هب بمعنى قدّر أو افرض ، قدّر أن الذي سلكت من الدليل العقلي لا يثبت ذلك ، وش معنى ذلك .؟ أي ما نفيته من الصفات ، لأن الأشعري ينفي ما نفى من الصفات حجته أن العقل لا يدل عليه ، نقول هب أن ما سلكت من الدليل العقلي لا يثبت ذلك ، أي لا يثبت ما نفيت من الصفات " فإنه " أي الدليل العقلي " لا ينفيه " يعني مثلا إذا قلت أن الدليل العقلي ما يدل على إثباتبقية الصفات، فإن الدليل القعلي أيضا لا ينفي هذه الصفات ، لو فرض أن هناك هذه الصفات لكان ننظر هل هو صحيح نفاها أو لا .؟ لكن هو لا ينفيها .
والنافي لا بد أن يأتي بدليل كالمثبت كل إنسان ينفي شيئا فعليه الدليل على نفيه ، والدليل قد يكون ثبوتيا وقد يكون بناء على الأصل ، وقد يكون بناء على الظاهر ، المهم أن من نفى شيئا لابد أن يأتي بدليل كالمثبت سواء بسواء .
" وليس لك أن تنفيه " أن تنفي إيش .؟ أن تنفي ما نفيت من الصفات " بغير دليل لأن النافي عليه الدليل كما على المثبت " إذا الآن نقول لهذا الأشعري الذي أنكر ما أنكر من الصفات بناء على أن العقل لا يدل عليه ، وش نقول له .؟ لك جوابان :
الجواب الأول : أن عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين ، لماذا .؟ لأنه قد يثبت بدليل آخر ، هذا واحد .
فإذا قدّرنا أن ما سلكت من الدليل العقلي لا يثبت ما نفيت من الصفات فإنه لا ينفيه ، وإذا كان لا ينفيه فعليك الدليل على نفيه ، لأن النافي عليه الدليل كما على المثبت .
" والسمع قد دل عليه " السمع المراد به هنا الكتاب والسنة ، هذا السمع ، لأنه دليل بطريق السمع " قد دل عليه " وش عليه .؟ أي على ما نفيت من الصفات " ولم يعارض ذلك معارض عقلي " لأن الأشعري لا يقول أن العقل ينفي ذلك ، يقول العقل لا يثبت ، فإذا قلنا العقل لا يثبت ليس يثبت .
" ولم يعارض ذلك معارض عقلي ولا سمعي " فإذا إذا دل عليه السمع ولا فيه معارضة ، وش الواجب .؟ قال : " فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالم عن المعارض المقاوم " أظنه واضح يا جماعة .؟ تقرير هذا الجواب أن نقول : إن عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين ، لأنه قد يثبت بغيره ، وأنا ضربت لكم مثلا ، وش يقول .؟ بالصلاة التي دل على وجوبها عدة نصوص ، فإذا انتفى نص من هذه النصوص على الدلالة ، لم يلزم انتفاء وجوب الصلاة لأن له دليلا آخر .
كذلك هنا الصفات نقول هب أن ما سلكته من الدليل العقلي لا يثبت ما نفيته من الصفات ، فإنه لا ينفيه ، وإذا كان لا ينفيه فإنه لا يجوز لك نفيه بغير دليل ، وإذا كان الدليل العقلي كما زعمت لا يثبته فإن الدليل السمعي قد أثبته ، وليس له معارض من عقل ولا سمع ، إذا أثبته الدليل السمعي بدون معارض ، وش الواجب .؟ الواجب إثباته . واضح الكلام ، والجواب متضح جدا نعم .
الطالب : المعارض ... بالسمع والعقل ... .
الشيخ : المعارضة للدليل السمعي والعقلي ، لكن هنا لا يعترف بدلالة العقل عليه ، الأشعري لا يعترف بدلالة العقل على ما نفى .
الطالب : المعارضة على القرآن أو على من أثبت .؟
الشيخ : المعارضة على نفس الدليل ، ما هو الدليل يدل على ثبوت شيء .؟ ما له معارض ينفي هذا الشيء .
اتضح المقام يا جماعة .؟ الدليل العقلي واضح جدا أو ما هو بواضح .؟ يعني هذا الجواب على الأشعري واضح أنه ملزم له أو غير واضح .؟ واضح ، أظن ما فيه إشكال ، وإذا كان أحد عنده إشكال يببنه .