تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " الثاني أن يقال : يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبت به تلك من العقليات فيقال نفع العباد بالإحسان إليهم دل على الرحمة كدلالة التخصيص على المشيئة وإكرام الطائعين يدل على محبتهم وعقاب الكافرين يدل على بغضهم , كما قد ثبت بالشهادة والخبر من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه ؛ والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته - وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة - تدل على حكمته البالغة ; كما يدل التخصيص على المشيئة وأولى " . حفظ
الشيخ : الجواب " الثاني : أن يقال : يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبت به تلك من العقليات " هم قد أثبتوا ما سبق من العلم والقدرة والإرادة بدليل عقلي ، الإحكام قال إنه دليل على العلم ، والتخصيص دليل على الإرادة ، والحدوث دليل على القدرة ، كذا أو لا .؟ أثبت هنا بطريق عقلي ، يمكن أن نثبت ما نفى هو من الصفات بدليل عقلي أيضاً ، ونقول له إن قولك أن العقل لا يدل على إثبات ما نفى قول خطأ ، وأن العقل قد دل على إثبات هذه الصفات ، كيف ذلك .؟
" فيقال نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة " أليس كذلك ، الإنسان من الذي يخرج له الزرع .؟ من الذي ينزل له الماء .؟ من الذي أمده بالصحة .؟ الله سبحانه وتعالى ، هذا وش يدل عليه .؟ يدل على الرحمة ، لأنه لولا رحمة الله ما حصلت هذه المنافع ، ولولا رحمة الله ما اندفعت المضار ، فوجود المنافع واندفاع المضار يدل على الرحمة بلا شك ، يدل على رحمة الله سبحانه وتعالى بالخلق ، ولولا رحمته ما حصلت هذه المنافع ، ولا اندفعت هذه المضار .
" كدلالة التخصيص على المشيئة " وش هي دلالة التخصيص على المشيئة .؟ الأشعري كما مر استدل بالتخصيص على الإرادة ، والإرادة والمشيئة واحدة . نعم
الطالب : كدلالة التخصيص على المشيئة ... ؟
الشيخ : بالعقل ، ما هم استدلوا على الإرادة بالتخصيص .؟ سبق قريبا في درس أمس ، أنت ما حضرت أمس .؟ ... بالأمس قلنا أن الأشاعرة استدلوا على التخصيص ، وأن الله يخلق هذا وهذا ، وهذا له ميزاته وهذا له ميزاته دليل على الإرادة ، لولا الإرادة ما حصل التخصيص ، كان يصير خلط كل واحد ، فهم يقولون إن التخصيص يدل على ثبوت صفة الإرادة لله ، والمؤلف يقول إن دلالة نفع العباد على الرحمة كدلالة التخصيص على المشيئة ، والمشيئة هي الإرادة ، اختلاف لفظ فقط .
طيب " وإكرام الطائعين يدل على محبتهم " وإكرام الطائعين موجود مشاهد أو لا .؟ مشاهد أن الله تعالى يكرم الطائعين بنصرهم وخذل عدوهم ، وما أشبه ذلك ، هذا وش يدل عليه .؟ يدل على المحبة ، لأن الله لو لم يحبهم هل يكرمهم أي نعم ، ما يكرمهم أبدا ، لا يمكن لأي أحد أن يكرم أحداً إلا محبة أو خوفاً ، والخوف ممتنع على الله ، ممتنع أن الله يكرم أحدا لأنه يخافه ، لأن الله يخاف من هذا الرجل فيكرمه ،لكن إذا فيه الدلالة على المحبة .
" وعقاب الكافرين " ثابت ومشاهد أو لا .؟ والقرآن مملوء من ذكر الأمم التي عاقبها الله ، يدل على أي شيء .؟ " يدل على بغضهم" بلا شك ، لولا أن الله أبغضهم ما عاقبهم " كما قد ثبت " عندكم " بالشهادة والخبر " وعندي " بالمشاهدة والخبر " والمعنى واحد ، " كما قد ثبت " يعني ثبت إكرام الطائعين وعقاب الكافرين " بالمشاهدة والخبر " شيء شاهدناه نحن وشيء أخبرنا عنه. طيب يقول المؤلف : " من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته - وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته " ، عندكم " وهي " أو " هي ما تنتهي " .؟
الطالب : " وهي ما تنتهي ".
الشيخ : " وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة - يدل على حكمته البالغة كما يدل التخصيص على المشيئة وأولى " هذه صحيح ، استدلال عقلي أو لا .؟ الغايات المحمودة هي مفعولاته ، مفعولاته يعني مخلوقاته ، وفي مأموراته يعني الشرع ، الخلق له حكمة أو لا .؟ حكمة وغاية عظيمة ، منافع الشمس معروفة ، منافع الليل والنهار معروفة ، منافع المياه والأمطار معروفة ، وهكذا ... هذه الغايات محمودة في المفعولات ، المأمورات وش مثل .؟ الشرع ، وجوب الصلاة ، وجوب الصيام ، وجوب الحج ، كل له غايات معروفة مشهودة ، هذه الغايات في المفعولات وفي المأمورات وش تدل عليه .؟
الطالب : العواقب الحميدة .
الشيخ : لا ، الغايات يقول هذه العواقب الحميدة ، تدل على الحكمة ، يعني ما فعل هذا إلا لهذه الغاية المحمودة ، إذاً الغايات المحمودة في مفعولاته وفي مأموراته وش تدل عليه .؟ على حكتمه ، أنه ما فعل شيئا ولا شرع شيئا إلا لحكمة ، لأن السفيه يفعل الشيء اعتباطاً بدون أن ينظر إلى عواقبه ، وبدون أن ينظر إلى حاله ، لكن الحكيم لا يفعل شيئا ولا يأمر بشيء إلا لحكمة ، وكلنا يعرف الغايات الحميدة التي تنشأ من مأموراته ومن مفعولاته ، وهذا دليل عقلي على الحكمة ، وأنه سبحانه وتعالى له الحكمة ، طيب الحكمة والرحمة والمحبة والغضب الأربع صفات التي مثل بها المؤلف ، هل يقر بها الأشاعرة أو لا .؟ لا ، لماذا .؟ لأنهم يزعمون أن العقل لا يدل عليها ، ونحن نقول بل العقل يدل عليها ، ووجه الدلالة من العقل على هذه ما أشار إليه المؤلف رحمه الله .
" فيقال نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة " أليس كذلك ، الإنسان من الذي يخرج له الزرع .؟ من الذي ينزل له الماء .؟ من الذي أمده بالصحة .؟ الله سبحانه وتعالى ، هذا وش يدل عليه .؟ يدل على الرحمة ، لأنه لولا رحمة الله ما حصلت هذه المنافع ، ولولا رحمة الله ما اندفعت المضار ، فوجود المنافع واندفاع المضار يدل على الرحمة بلا شك ، يدل على رحمة الله سبحانه وتعالى بالخلق ، ولولا رحمته ما حصلت هذه المنافع ، ولا اندفعت هذه المضار .
" كدلالة التخصيص على المشيئة " وش هي دلالة التخصيص على المشيئة .؟ الأشعري كما مر استدل بالتخصيص على الإرادة ، والإرادة والمشيئة واحدة . نعم
الطالب : كدلالة التخصيص على المشيئة ... ؟
الشيخ : بالعقل ، ما هم استدلوا على الإرادة بالتخصيص .؟ سبق قريبا في درس أمس ، أنت ما حضرت أمس .؟ ... بالأمس قلنا أن الأشاعرة استدلوا على التخصيص ، وأن الله يخلق هذا وهذا ، وهذا له ميزاته وهذا له ميزاته دليل على الإرادة ، لولا الإرادة ما حصل التخصيص ، كان يصير خلط كل واحد ، فهم يقولون إن التخصيص يدل على ثبوت صفة الإرادة لله ، والمؤلف يقول إن دلالة نفع العباد على الرحمة كدلالة التخصيص على المشيئة ، والمشيئة هي الإرادة ، اختلاف لفظ فقط .
طيب " وإكرام الطائعين يدل على محبتهم " وإكرام الطائعين موجود مشاهد أو لا .؟ مشاهد أن الله تعالى يكرم الطائعين بنصرهم وخذل عدوهم ، وما أشبه ذلك ، هذا وش يدل عليه .؟ يدل على المحبة ، لأن الله لو لم يحبهم هل يكرمهم أي نعم ، ما يكرمهم أبدا ، لا يمكن لأي أحد أن يكرم أحداً إلا محبة أو خوفاً ، والخوف ممتنع على الله ، ممتنع أن الله يكرم أحدا لأنه يخافه ، لأن الله يخاف من هذا الرجل فيكرمه ،لكن إذا فيه الدلالة على المحبة .
" وعقاب الكافرين " ثابت ومشاهد أو لا .؟ والقرآن مملوء من ذكر الأمم التي عاقبها الله ، يدل على أي شيء .؟ " يدل على بغضهم" بلا شك ، لولا أن الله أبغضهم ما عاقبهم " كما قد ثبت " عندكم " بالشهادة والخبر " وعندي " بالمشاهدة والخبر " والمعنى واحد ، " كما قد ثبت " يعني ثبت إكرام الطائعين وعقاب الكافرين " بالمشاهدة والخبر " شيء شاهدناه نحن وشيء أخبرنا عنه. طيب يقول المؤلف : " من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته - وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته " ، عندكم " وهي " أو " هي ما تنتهي " .؟
الطالب : " وهي ما تنتهي ".
الشيخ : " وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة - يدل على حكمته البالغة كما يدل التخصيص على المشيئة وأولى " هذه صحيح ، استدلال عقلي أو لا .؟ الغايات المحمودة هي مفعولاته ، مفعولاته يعني مخلوقاته ، وفي مأموراته يعني الشرع ، الخلق له حكمة أو لا .؟ حكمة وغاية عظيمة ، منافع الشمس معروفة ، منافع الليل والنهار معروفة ، منافع المياه والأمطار معروفة ، وهكذا ... هذه الغايات محمودة في المفعولات ، المأمورات وش مثل .؟ الشرع ، وجوب الصلاة ، وجوب الصيام ، وجوب الحج ، كل له غايات معروفة مشهودة ، هذه الغايات في المفعولات وفي المأمورات وش تدل عليه .؟
الطالب : العواقب الحميدة .
الشيخ : لا ، الغايات يقول هذه العواقب الحميدة ، تدل على الحكمة ، يعني ما فعل هذا إلا لهذه الغاية المحمودة ، إذاً الغايات المحمودة في مفعولاته وفي مأموراته وش تدل عليه .؟ على حكتمه ، أنه ما فعل شيئا ولا شرع شيئا إلا لحكمة ، لأن السفيه يفعل الشيء اعتباطاً بدون أن ينظر إلى عواقبه ، وبدون أن ينظر إلى حاله ، لكن الحكيم لا يفعل شيئا ولا يأمر بشيء إلا لحكمة ، وكلنا يعرف الغايات الحميدة التي تنشأ من مأموراته ومن مفعولاته ، وهذا دليل عقلي على الحكمة ، وأنه سبحانه وتعالى له الحكمة ، طيب الحكمة والرحمة والمحبة والغضب الأربع صفات التي مثل بها المؤلف ، هل يقر بها الأشاعرة أو لا .؟ لا ، لماذا .؟ لأنهم يزعمون أن العقل لا يدل عليها ، ونحن نقول بل العقل يدل عليها ، ووجه الدلالة من العقل على هذه ما أشار إليه المؤلف رحمه الله .