تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقيل لك ثانيا : فما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعمى والبصر ونحو ذلك من المتقابلات أنقص مما يقبل ذلك - فالأعمى الذي يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجماد الذي لا يقبل واحدا منهما . فأنت فررت من تشبيهه بالحيوانات القابلة لصفات الكمال ووصفته بصفات الجامدات التي لا تقبل ذلك ". حفظ
الشيخ : " وقيل لك ثانيا : فما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعمى والبصر ونحو ذلك من المتقابلات أنقص مما يقبل ذلك " هذا واضح أيضا جدا ، نقول إنما أرفع النقيضين عن الله لأنه غير قابل لهما ، نقول لك ما لا يقبل ذلك أنقص مما يقبله وعدم فيه ، الذي لا يقبل هذا الشيء وليس في شأنه أن يكون متصفا بهذا الشيء هو أنقص مما يكون من شأنه الاتصاف به ، ولكنه لا يتصف به لعلة .
أرجو الانتباه يا جماعة ، ... يقال لك : " فما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعمى والبصر ونحو ذلك من المتقابلات أنقص مما يقبل ذلك " وإن كان معدوما فيه ، الشيء الذي لا يصح أن نقول له إنه حي ولا ميت ولا أعمى ولا مبصر ، ولا أصم وسميع ولا عالم ولا جاهل ، الذي لا يصح أن نقول فيه ذلك ، أيهم أنقص أو الذي يصح أن نقول فيه ذلك .؟ الأول أنقص ما الدليل عليه .
قال : " فالأعمى الذي يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجماد الذي لا يقبل واحدا منهما ". الأعمى وإن كان غير مبصر أكمل حالاً من الجدار الذي لا يقبل العمى ولا البصر ، صح أو لا .؟
وبذلك يكون قد شبه بما هو أنقص لأنه يقول : أشبه الله بالجدار ، الذي ليس من ملكته السمع والبصر ، نقول فيه الآن : أنت شبهت الله بما هو أنقص ، لأن الذي لا يقبل السمع والبصر أنقص من الذي يمكن أن يقبل السمع والبصر ولكن ليس له بصر .
طيب نمشي : " فأنت فررت من تشبيهه بالحيوانات القابلة لصفات الكمال ، ووصفته بصفات الجمادات التي لا تقبل ذلك " ...
نقول الآن : شبهت الله بالجماد الذي لا يقبل أن يكون بصيراً ، وفررت من تشبيهه بالأعمى الذي يقبل أن يكون بصيراً ، لأن الحيوان الذي يقبل السمع والبصر خير وأكمل من جماد لا يقبل البصر ، ولا يمكن أن يتصف بالبصر ، وليس من شأنه وحقيقته أن يكون متصفا بالبصر .
فتبين الآن ولله الحمد أنه وإن فرّ ، كلما فرّ إلى شيء وجده مسدودا، كلما في المعطل إلى شيء وجده مسدودا ، وأرجو يا جماعة أنكم تمشون معي ، لأن هذه أدلة عقلية وليست تنفعكم بالنسبة للمعنزلة والأشعرية فحسب ، لأنه فيه ناس يجادلون في الله ، الآن فيه ناس شيوعيين يجادلون في الله ، فهذه الأدلة العقلية تتمكنون بها بواسطتها أن تردوا على هؤلاء ، بأدلة عقلية ، وأظنكم أن هذه الأدلة غريبة عليكم ، ممكن ما قرأتموها في الثانوي أو ما قبله ، فعلى هذا لابد أنكم تدركونها ، وأنا أنصحكم بإدراكها ، لا تقولوا والله هذه صعبة ونحن ما نفهمها ، حاولوا أن تفهموا في الدرس أو بعده، لأن هذه مفيدة جدا للإنسان ، وأنا أخشى أن يكون هذا الزمن زمن مناظرات ، بين أهل التوحيد وأهل الجهل ، فلهذا يجب أن نعتني بهذه الأدلة العقلية ، لأنها والله أدلة ممتازة جدا .
فالحاصل الآن نقول لهذا الرجل المرة الثانية ، نقول له : أنت إذا قلت إن الله لا يقبل السمع والبصر ولا العلم ولا الجهل ، ولا الحياة والموت ، فرارا من تشبيهه بالموجودات التي تتصف بهذا ، قلنا لك الآن : أنت شبهته بإيش .؟ شبهته بالذي ما يقبل هذا الشيء إطلاقا ، والذي ليس من شأنه أن يسمع ويبصر ، وليس من شأنه أن يعلم ، وتشبيهك إياه بهذا أشد تنقيصا من تشبيهه بجماد أو بجسم يسمع ويبصر ويقبل ذلك ، أظن إن شاء الله واضح الآن . طيب نمشي : " وأيضا فما يقبل الوجود والعدم ... ".
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، الحين مثلا هذا الرجل الذي ينفي يقول : والله أنا ما أشك أقول الله ليس ببصير ولا أعمى ، ينفي البصر وضده الذي هو العمى ، يقول لأني إن شبهته بالبصير شبهته بمن .؟ بالإنسان مثلا ، رجل يقول : ما يمكن تصف الله بأنه ليس أعمى ولا مبصر ، ما يمكن هذا متناقض ، قال هذا ما يمكن صحيح بالنسبة للإنسان ، ما يمكن أقول إنسان ليس أعمى ولا مبصر ، لأنه ما من إنسان إلا أعمى أو مبصر ، لكن إذا قلت للجدار ليس أعمى ولا مبصر ، فهذا صحيح ، لأن الجدار ليس قابلا للبصر والعمى ، نقول أنت إذا قلت إن الله ليس ببصير ولا أعمى ، شبهته بإيش .؟ بالجدار أو بالإنسان .؟ شبهته بالجدار لأنك تقول إن الله ما يقبل أن يكون بصيرا أعمى، ما يقبل ، فشبهته بالجماد ، أيهما أكمل أن تشبهه بالجماد الذي ليس من شأنه أن يكون بصيرا ولا يقبل البصر أو بالإنسان الذي من شأنه أن يكون بصيرا .؟ بالإنسان أهون وأكمل ، مع أنه ليس مشبها بالإنسان نريد أن نتنزل معه ، واضح الحين .
فيصير معنى قوله : " فما لا يقبل الاتصاف " يعني هذا الذي أنتم يلزم على قولكم أن تشبهوا الله بشيء لا يقبل الاتصاف بالسمع ولا البصر ولا العمى ولا الصمم ، لأنه لا يقبلها ، ليست من شأنه ، وهذا أنقص بالنسبة لله . طيب والله أعلم .