تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ثم إنه متناقض فإنه إن جوز ذلك جاز أن يكون وجود هذا هو وجود هذا . فيكون الوجود واحدا بالعين لا بالنوع وحينئذ فإذا كان وجود الممكن هو وجود الواجب كان وجود كل مخلوق يعدم بعدم وجوده ويوجد بعد عدمه : هو نفس وجود الحق القديم الدائم الباقي الذي لا يقبل العدم وإذا قدر هذا كان الوجود الواجب موصوفا بكل تشبيه وتجسيم وكل نقص وكل عيب ; كما يصرح بذلك أهل وحدة الوجود الذين طردوا هذا الأصل الفاسد وحينئذ فتكون أقوال نفاة الصفات باطلة على كل تقدير ". حفظ
الشيخ : طيب يقول : " ثُمَّ إنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّهُ إنْ جَوَّزَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ هَذَا هُوَ وُجُودَ هذا " أليس متناقضا من يقول إن الصفة هي الموصوف .؟ متناقض ، كيف ذلك .؟ يقول : " فَإِنَّهُ إنْ جَوَّزَ ذَلِكَ" أي جوز أن تكون الصفة هي الموصوف ، " جَازَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ هَذَا هُوَ وُجُودَ هَذَا فَيَكُونُ الْوُجُودُ وَاحِدًا بِالْعَيْنِ لَا بِالنَّوْعِ " ، صحيح يلزم إذا ادّعى أن الصفة عين الموصوف أن يكون وجود فلان هو وجود فلان ، وإذا كانت الصفة عين الموصوف صار فلانا هو فلان ، أرجو الانتباه يا جماعة ، إذا جوز أن تكون الصفة عين الموصوف وش لزمه أن يجوز .؟ أن الصفة بالنسبة لموصوفاتها صفة واحدة ، مهما كانت في الموصوفين ، فيكون وجود هذا الشخص هو وجود هذا الشخص ، بل وجود الخالق هو وجود المخلوق ، طيب وإن قلنا أن الصفة هي الموصوف ، وقلنا أن وجود هذا هو وجود هذا ، لزم أن يكون عين هذا هو عين هذا ، فيكون الموجود واحدا بالعين لا بالنوع ، يعني أنا أنت وأنت أنا ، وصاحب الحمار هو الحمار ، والحمار هو صاحب الحمار ، نعم يعني هذا هو وحدة أهل وحدة الوجود ، هذا مذهبهم يقولون الخالق والمخلوق شيء واحد ، والذكر والأنثى شيء واحد ، والحيوان البهيمة والإنسان شيء واحد ... .
المهم أننا نقول لهذا الرجل الذي جوز أن تكون الصفة هي عين الموصوف ، نقول إن جوزت هذا لزم أن تجعل وجود هذا الشيء هو وجود هذا الشيء ، وإذا جعلت وجود هذا الشيء هو وجود هذا الشيء ، وأنت تقول إن الصفة عين الموصوف ، وش يلزم .؟ أن يكون عين هذا الشيء هو عين الشيء الآخر ، فيكون الموجود واحد في العين لا بالنوع ، وأظنكم تعرفون الفرق بين الواحد بالعين والواحد بالنوع ، الواحد بالنوع مثلا الآدمي ، نوع من المخلوقات ، يصح أن نقول واحد بالنوع أو ما يصح .؟ يصح ، بالنسبة للأنواع الأخرى هو واحد ، نوع واحد آدمي ، وذاك نوع ثاني بعيد ، وذاك نوع ثالث بقرة ، وذاك نوع رابع ضأن وهكذا ، لكن الواحد بالعين أن تكون المخلوقات كلها واحد بالعين ، لا يمكن هذا ، إلا على رأي وحدة الوجود ، ولهذا يقول المؤلف :
" وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ وُجُودُ الْمُمْكِنِ هُوَ وُجُودَ الْوَاجِبِ كَانَ وُجُودُ كُلِّ مَخْلُوقٍ يُعْدَمُ بِعَدَمِ وُجُودِهِ وَيُوجَدُ بَعْدَ عَدَمِهِ " الظاهر أن النسخة فيها تحريف ، إذا كان وجود الممكن هو وجود الواجب ، الممكن عندهم المخلوق ، والواجب .؟
الطالب : الله .
الشيخ : الخالق . إذا قلنا إن الوجود شيء واحد ، وأنه يلزم من اتحاد الوجود اتحاد الموجود ، في عينه أو في نوعه .؟ اتحاده بعينه ، وش لزم .؟ يقول : " فَإِذَا كَانَ وُجُودُ الْمُمْكِنِ هُوَ وُجُودَ الْوَاجِبِ كَانَ وُجُودُ كُلِّ مَخْلُوقٍ " ، هذه النقطة العبارة ما هي مستقيمة " كَانَ وُجُودُ كُلِّ مَخْلُوقٍ يُعْدَمُ " الظاهر " يعدم بعد وجوده ".
الطالب : النسخة هذه ... .
الشيخ : ما هي موجودة ، كل العبارة هذه ما هي موجودة .
" كَانَ وُجُودُ كُلِّ مَخْلُوقٍ يُعْدَمُ بعد وجوده ويُوجَدُ بَعْدَ عَدَمِهِ " بدليل ما بعدها ... .
" هُوَ نَفْسُ وُجُودِ الْحَقِّ الْقَدِيمِ الدَّائِمِ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ " ... أرجوا الانتباه يا جماعة ، الآن وصلنا إلى أن الوجود واحد بالنسبة للممكن والواجب ، إذا كان الوجود واحدا بالنسبة للممكن والواجب صار وجود الإنسان بعد عدمه ثابتا ، لأن الواجب وهو الخالق لا يعدم ، وكان وجود الإنسان قبل أن يوجد ثابتا أيضا ، مادمنا نقول إن الوجود شيء واحد لزم أن يكون الإنسان معدوما موجودا قبل أن يوجد ، وموجودا بعد أن يوجد ، لأننا نقول إن صفة الوجود والموجود شيء واحد بالعين لا بالنوع ، وعليه فوجود الله هو وجود المخلوق ، ووجود المخلوق ووجود الله ، فيلزم من ذالك أن يكون المخلوق موجودا وهو معدوم ، وهذا لاشك ممتنع .
قال المؤلف : " وَإِذَا قُدِّرَ هَذَا كَانَ الْوُجُودُ الْوَاجِبُ مَوْصُوفًا بِكُلِّ تَشْبِيهٍ وَتَجْسِيمٍ وَكُلِّ نَقْصٍ وَكُلِّ عَيْبٍ " وهذا واضح ، إذا قدر هذا صار الواجب الذي هو الله واجب الوجود موصوفاً بكل تشبيه وتمثيل و لأنك جعلت وجود الخالق هو وجود المخلوق وجعلت الخالق هو المخلوق ، وهذا تشبيه أو لا .؟ أعظم تشبيه وأعظم تجسيم وأعظم نقص أيضا ، لأنه والعياذ بالله يجعلون الخالق هو نفس الكلاب والحمير والخنازير والذئاب والسباع وغيرها ، وهذا لا شك أنه من أعظم ما يكون من تنقص الخالق ، والغريب أن هؤلاء يريدون أن يفروا من التشبيه ، ويقعون في ما هو أعظم وأفضع منه .
قال : " كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ أَهْلُ وَحْدَةِ الْوُجُودِ الَّذِينَ طَرَدُوا هَذَا الْأَصْلَ الْفَاسِدَ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ أَقْوَالُ نفاة الصِّفَاتِ بَاطِلَةً عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ " وصحيح أن هذا مهما كان مهما حاولوا فأقوالهم باطلة .
وخلاصة هذه الفقرة أنها تعود إلى أي شيء .؟ إلى إبطال القول بأن تعدد الصفات يلزم منه تعدد الموصوف والتركيب ، وهذا مخالف للتوحيد . أجابهم المؤلف رحمه الله بجوابين :
الجواب الأول : أنكم أنتم تقولون بتعدد الصفات ، فتقولون بأنه واجب ، وش بعد .؟ وواجب الوجود ، وتقولون إنه عاقل ، وعاقل ومعقول ، وتقولون إنه عاشق ومعشوق ، وأنه لذيذ ولذة وملتذ ، فهذه كلها صفات ومع ذلك تزعمون أنه توحيد ، وتقولون إننا نحن أهل السنة والجماعة إذا قلنا بتعدد الصفات لسنا موحدين ، وأنتم موحدون ، فإذا يلزمكم فيما نفيتم نظير ما يلزمكم فيما أثبتم ، فإما أن تثبتوا الجميع وإما أن تنفوا الجميع .
ثانيا : أننا نقول إذا قلتم إن الصفة هي عين الموصوف ، وأنه يلزم من تعدد الصفة تعدد الموصوف ، فقولكم هذا قول مخالف لجميع العقلاء ، كل يعرف أن الصفة ليست عين الموصوف ، كل يعرف أن العلم ليست هي العالمة ، بل كل إنسان يعلم أن العالم ليس هو الذات ، لأن العالم وصف زائد على الذات ، وأنتم إذا قلتم ذلك لزم أن تجعلوا وجود فلان هو وجود فلان ، ثم ننتقل إذا كانت الصفة هي الموصوف لزم أن يكون فلان هو فلان ، وحينئذ نرتقي فيكون المخلوق هو عين الخالق ، وبهذا نصل إلى القول بوحدة الوجود ، ونصل أيضا إلى أن نصف الله بكل تشبيه وتجسيم ونقص وعيب .
طيب هذا جواب الذين يقولون إنه يلزم من تعدد الصفات تعدد التركيب وعدم التوحيد .