قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. حفظ
الطالب : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، قال رحمه الله تعالى : " وهؤلاء الباطنية هم الملاحدة الذين أجمع المسلمون على أنهم أكفر من اليهود والنصارى ، وما يحتج به على الملاحدة أهل الإيمان والإثبات يحتج به كل من كان من أهل الإيمان والإثبات على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم ، فإذا أثبت لله تعالى الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات - كما دل على ذلك الآيات البينات - كان ذلك هو الحق الذي يوافق المعقول والمنقول ويهدم أساس الإلحاد والضلالات، والله سبحانه لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه فإن الله لا مثيل له ; بل له المثل الأعلى ، فلا يجوز أن يشرك هو والمخلوقات في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده ، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى ، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به ، وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه ، فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق ، وإن حصلت موافقة في الاسم .
وهكذا القول في المثل الثاني : وهو أن الروح التي فينا ، فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية ، وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء ، وأنها تقبض من البدن وتسل منه كما تسل الشعرة من العجينة ، والناس مضطربون فيها ; فمنهم طوائف من أهل الكلام يجعلونها جزءا من البدن أو صفة من صفاته ، كقول بعضهم أنها النفس أو الريح التي تردد في البدن ، وقول بعضهم : إنها الحياة أو المزاج أو نفس البدن ، ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود عندهم ، وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود ، فيقولون : لا هي داخلة في البدن ولا خارجة ولا مباينة له ولا مداخلة له ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض ، وقد يقولون : أنها لا تدرك الأمور المعينة والحقائق الموجودة في الخارج وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة ، وقد يقولون : إنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة ، وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها ، مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية ، فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع ، وإذا قيل لهم : إثبات مثل هذا ممتنع في ضرورة العقل ، قالوا : بل هذا ممكن بدليل أن الكليات ممكنة موجودة وهي غير مشار إليها ، وقد غفلوا عن كون الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في العيان ; فيعتمدون فيما يقولونه في المبدأ والمعاد على مثل هذا الخيال الذي لا يخفى فساده على غالب الجهال ".
وهكذا القول في المثل الثاني : وهو أن الروح التي فينا ، فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية ، وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء ، وأنها تقبض من البدن وتسل منه كما تسل الشعرة من العجينة ، والناس مضطربون فيها ; فمنهم طوائف من أهل الكلام يجعلونها جزءا من البدن أو صفة من صفاته ، كقول بعضهم أنها النفس أو الريح التي تردد في البدن ، وقول بعضهم : إنها الحياة أو المزاج أو نفس البدن ، ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود عندهم ، وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود ، فيقولون : لا هي داخلة في البدن ولا خارجة ولا مباينة له ولا مداخلة له ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض ، وقد يقولون : أنها لا تدرك الأمور المعينة والحقائق الموجودة في الخارج وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة ، وقد يقولون : إنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة ، وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها ، مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية ، فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع ، وإذا قيل لهم : إثبات مثل هذا ممتنع في ضرورة العقل ، قالوا : بل هذا ممكن بدليل أن الكليات ممكنة موجودة وهي غير مشار إليها ، وقد غفلوا عن كون الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في العيان ; فيعتمدون فيما يقولونه في المبدأ والمعاد على مثل هذا الخيال الذي لا يخفى فساده على غالب الجهال ".