تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وما يحتج به على الملاحدة أهل الإيمان والإثبات يحتج به كل من كان من أهل الإيمان والإثبات على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم ". حفظ
الشيخ : قال المؤلف " وَمَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِثْبَاتِ يَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى مَنْ يُشْرِكُ " أو عندي من يشارك " هَؤُلَاءِ فِي بَعْضِ إلْحَادِهِمْ " .
أي نعم ، يعني قصد المؤلف رحمه الله أن هناك من أهل الإثبات يحتجون على هؤلاء المنكرين لحقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر ، يحتجون عليهم بحجج عقلية ، هذه الحجة التي يحتج بها هؤلاء على هؤلاء ، يحتج بها أهل الإثبات المطلق على هؤلاء الذين يثبتون بعضاً وينكرون بعضا . فقوله رحمه الله : " وَمَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِثْبَاتِ يَحْتَجُّ بِهِ " أيضا أهل الإثبات على هؤلاء الذين شاركوهم في بعض إلحادهم ، مثال ذلك الأشاعرة والمعتزلة يثبتون حقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر ، المعتزلة يقولون ما أخبر الله به عن اليوم الآخر حق ، ففيه يوم آخر وثواب وعقاب إلى آخره . لكنهم ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه ، إما إنكاراً كلياً كالمعتزلة ، أو إنكاراً جزئياً كالأشاعرة ، مفهوم .؟
هؤلاء الجماعة يحتجون على الذين ينكرون حقائق اليوم الآخر مثل من .؟ مثل الباطنية ، والذين سماهم المؤلف في الحموية أهل التخييل، الذين يقولون هذه الأمور التي أخبر الله بها عن اليوم الآخر خيال مالها حقيقة . يحتجون عليهم بأي شيء .؟ يقولون نحن نعلم أن الرسل ، نعلم بالاضطرار علم ضروري ، أن الرسل جاؤوا بإثبات المعاد حقيقة ، هذا أمر ضروري أو لا .؟ ضروري ، لأن الرسل جاءت بهذا ، كل الرسل يؤمنون بذلك ، وجاؤوا به وأيدوه وأكدوه ، يقولون وقد علمنا فساد الشبهة المانعة منه ، الشبهة المانعة من الإيمان بيوم البعث شبهة فاسدة ، لأن أقوى ما احتج به من أنكره قال : (( من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم )) .
إذا ثبت بالدليل حقيقة اليوم الآخر ، وانتفت الشبهة المانعة منه بالدليل أيضا ، إذا وجد الشيء بالدليل وانتفى مانعه ، فما الواجب علينا نحوه .؟ إنكاره أو الإيمان به .؟ الإيمان به وإثباته ، أليس كذلك .؟ طيب هؤلاء احتجوا على الملاحدة الباطنية وغيرهم ، احتج عليهم أهل الإثبات المطلق وهم أهل السنة والجماعة ، وأهل الإثبات الجزئي مثل الأشاعرة والمعتزلة ، لأن هذان يثبتون حقائق اليوم الآخر ، احتجوا على الملاحدة الذين ينكرون بهذه الحجة التي سمعتم ، ما يحتج به هؤلاء أهل الإثبات الجزئي ، على الملاحدة لإثبات اليوم الآخر ، يحتج به أهل الإثبات المطلق الذين يثبتون حقيقة ما أخبر به عن اليوم الآخر وما أخبر به عن نفسه ، وهم أهل السنة والجماعة ، يحتجون به على من .؟
الطالب : على الأشاعرة .
الشيخ : على الأشاعرة والمعتزلة الذين أنكروا حقائق ما أخبر الله به عن نفسه ، فيقولون : نحن نعلم بالضرورة ، علما ضروريا أن الرسل جاءت بإثبات صفات الكمال لله أو لا .؟ ولاحظوا لو قارنتم بين آيات المعاد وآيات الأسماء والصفات في القرآن ، لوجدتم ، الجواب.؟ لوجدتم أن آيات الأسماء والصفات في القرآن أكثر بكثير من آيات المعاد أو لا ، طيب وكذلك أيضا بالنسبة للكتب السابقة ، كالتوراة والإنجيل في إثبات الصفات أكثر منها في إثبات المعاد ، بل إنهم يقولون : إنه ما جاء تقرير المعاد وإثباته في كتاب أبلغ من القرآن لأنه يخاطب من ينكرونه ، على كل حال نقول : قد علم بالضرورة أن الرسل جاؤوا بإثبات صفات الكمال لله صح أو لا ، وقد علمنا فساد الشبهة المانعة منه ، أي من إثبات الصفات ، وش الشبهة المانعة منه.؟ حجتهم كما مر ، أن ذلك يقتضي التشبيه والتجسيم وما أشبه ذلك ، هذه الشبهة هل هي واردة أو باطلة .؟ باطلة ، لأننا نثبت الشيء بدون تشبيه ، كما أثبتم أنتم أيها الأشاعرة والمعتزلة أثبتم حقائق اليوم الآخر بدون تشبيه ، يقولون الآن في الجنة وفي النار ثواب وعقاب لكن ما يشبه عقاب الدنيا وثوابها ، بل هو أعظم وأعظم بكثير أرجوا الانتباه يا جماعة ، فإذا ما يحتج به هؤلاء على الملاحدة يحتج به أهل السنة على هؤلاء ، وقد علمتم الآن أن الدليل هو نفس الدليل، قد علم بالضرورة أن الرسل جاءت بإثبات الصفات لله ، وأن الشبهة المانعة من ذلك فاسدة ، فيجب علينا بعد ذلك القول به ، كما قلتم أنتم بالنسبة للملاحدة إنه قد علم بالضرورة أن الرسل جاءت بإثبات المعاد وقد علم فساد الشبهة المانعة منه ، فيجب علينا القول به .
" على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم " طيب في بعض إلحادهم ، ما هذا البعض .؟ إنكار حقائق صفات الله ، هذا الإلحاد ، لأن هؤلاء ينكرون حقائق اليوم الآخير والصفات ، وهؤلاء ينكرون حقائق الصفات دون اليوم الآخر ... .