تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإذا أثبت لله تعالى الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات - كما دل على ذلك الآيات البينات - كان ذلك هو الحق الذي يوافق المعقول والمنقول ويهدم أساس الإلحاد والضلالات, والله سبحانه لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه فإن الله لا مثيل له ; بل له المثل الأعلى , فلا يجوز أن يشرك هو والمخلوقات في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده , ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى , وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به , وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه , فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق , وإن حصلت موافقة في الاسم . ". حفظ
الشيخ : " فَإِذَا أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى الصِّفَاتِ وَنَفَى عَنْهُ مُمَاثَلَةَ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَاتُ الْبَيِّنَاتُ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْحَقَّ الَّذِي يُوَافِقُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ وَيَهْدِمُ أَسَاسَ الْإِلْحَادِ وَالضَّلَالَاتِ " فإذا أثبت لله الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات وش يصير .؟ هذا هو الحق أو هو الباطل .؟ هذا هو الحق .
" وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا تُضْرَبُ لَهُ الْأَمْثَالُ الَّتِي فِيهَا مُمَاثَلَةٌ لِخَلْقِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا مَثِيلَ لَهُ ، بَلْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرَكَ هُوَ وَالْمَخْلُوقَاتُ فِي قِيَاسِ تَمْثِيلٍ وَلَا فِي قِيَاسِ شُمُولٍ تَسْتَوِي أَفْرَادُهُ " .كما قال المؤلف لا مثيل له ، بل لله المثل الأعلى ، كما قال الله عن نفسه : (( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )).
فلا يشرك مع خلقه في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده، هذا أظن قرأتموه في أصول الفقه ، قرأتم قياس التمثيل وقياس الشمول أو لا .؟
الطالب : قياس العكس ... .
الشيخ : الذي قرأتم في أصول الفقه قياس التمثيل ، وقياس الشمول لا قياس التمثيل قرأتموه أكثر لأن باب القياس في أصول الفقه هو قياس التمثيل ، بمعنى أنك تقول هذا مثل هذا ، فمثلا إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( البر بالبر مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ) فنحن نقول : الرز مثل البر ، فالرز بالرز يجب أن يكون مثلا بمثل سواء بسواء يداً بيد ، هذا نسميه قياس تمثيل ، لأن كلمة البر ما تشمل الرز ، لكن الرز مثله فيقاس عليه قياس تمثيل ، لأن كلمة البر لا تشمله .
أما قياس الشمول فهو ما قرأتموه في باب العام ، باب العام والخاص ، فاللفظ العام تدخل فيه جميع أفراده ، أو جميع أنواعه أيضاً على وجه قياس الشمول ، عندكم قاعدة في العام : العبره بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإذا ورد لفظ عام على سبب خاص قلنا أنه شامل لجميع أفراده .
(( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا )) وردت في قصة رجل معين ، هو أوس بن الصامت حينما ظاهر من زوجته ، لكن الذين يظاهرون نجد أنه لفظ عام ،فعمومه لزيد و عمرو وبكر وخالد سوى أوس ، عمومه هنا قياس شمول ، لأن الذين يظاهرون شاملة لكل الناس الذين يقع منهم هذا الأمر . فقياسهم على أوس بن الصامت قياس شمول ، لأن اللفظ تستوي فيه هذه الأفراد ، يستوي فيه أوس بن الصامت وزيد وعمرو وخالد إلى آخره أنتم معي يا جماعة .
إذن هل الله سبحانه وتعالى يقاس بخلقه قياس تمثيل أو قياس
شمول تستوى أفراده ؟ لا هذا ولا هذا ، لأن ذلك نقص في الله عز وجل لو فرض .
" ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى ، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به ".
لكن لاحظوا أن الكمال نوعان :
* كمال مطلق : فهذا هو الذي إذا اتصف به المخلوق فللخالق منه الأكمل .
* وكمال نسبي : فهذا لا يلزم إذا اتصف به المخلوق أن يتصف به الخالق .
عندنا مثلا كون الإنسان يأكل ويشرب شرباً عادياً ، وينام نوماً طبيعاً ، هذا كمال بالنسبة للإنسان ، هذا كمال نسبي ، فالإنسان الذي يأكل ويشرب وينام أكمل من الذي لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ، لكن هل يمكن أن يوصف الله بذلك ، لأن هذا كمال نسبي بالنسبة للإنسان في هذه الحياة ، لكنه في الحقيقة هو صفة نقص ، لأن من يحتاج إلى الأكل والشرب ، ولا يقوم إلا بأكل وشرب ونوم ناقص بالنسبة لمن لا يحتاج إلى الأكل والشرب (( وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ )) [الأنعام].
أرجو الانتباه يا جماعة ، لأنه قد يرد علينا واحد يجي يقول لنا النوم كمال في الإنسان ، الطعام كمال في الإنسان ، الولد كمال في الإنسان ، الزوجة كمال في الإنسان ، فماذا نقول له .؟ نقول هذا كمال نسبي ، وليس كمالا مطلقا ، لكن الكمال المطلق كالحياة والعلم والقدرة والعزة والحكمة وما أشبه ذلك ، هذه كل شيء يوجد في المحلوقات من هذا فلله منه المثل الأعلى . ولهذا قال : " وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا اتَّصَفَ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ كَمَالٍ " مطلق ليس نسبيا " فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِهِ ، وَكُلَّ مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الْمَخْلُوقُ مِنْ نَقْصٍ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِالتَّنْزِيهِ عَنْهُ ، فَإِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ مُنَزَّهًا عَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الِاسْمِ فالخالق أولى ".
كيف مخلوق منزه عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم .؟ أي نعم الإنسان كرمه الله : (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )) فالإنسان والكلب كلاهما مخلوق ، ومع ذلك فإن الإنسان ينزه عن أوصاف الكلب ، أليس هكذا . طيب ؟
يقول : " فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق ، وإن حصلت موافقة في الاسم . "