تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " واضطراب النفاة والمثبتة في الروح كثير وسبب ذلك أن الروح - التي تسمى بالنفس الناطقة عند الفلاسفة - ليست هي من جنس هذا البدن ولا من جنس العناصر والمولدات منها ; بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس , فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة , وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة , وكلا القولين خطأ , وإطلاق القول عليها بأنها جسم أو ليست بجسم يحتاج إلى تفصيل , فإن لفظ الجسم للناس فيه أقوال متعددة اصطلاحية غير معناه اللغوي , فإن أهل اللغة يقولون : الجسم هو الجسد والبدن , وبهذا الاعتبار فالروح ليست جسما ; ولهذا يقولون : الروح والجسم ; كما قال تعالى : ((وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )) وقال تعالى : (( وزاده بسطة في العلم والجسم )) وأما أهل الكلام : فمنهم من يقول الجسم هو الموجود ; ومنهم من يقول : هو القائم بنفسه , ومنهم من يقول : هو المركب من الجواهر المفردة , ومنهم من يقول : هو المركب من المادة والصورة , وكل هؤلاء يقولون : إنه مشار إليه إشارة حسية , ومنهم من يقول : ليس مركبا من هذا ولا من هذا , بل هو مما يشار إليه ويقال : إنه هنا أو هناك ; فعلى هذا إن كانت الروح مما يشار إليها ويتبعها بصر الميت - كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الروح إذا خرجت تبعها البصر وإنها تقبض ويعرج بها إلى السماء ) كانت الروح جسما بهذا الاصطلاح , والمقصود أن الروح إذا كانت موجودة حية عالمة قادرة سميعة بصيرة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء ونحو ذلك من الصفات , والعقول قاصرة عن تكييفها وتحديدها ; لأنهم لم يشاهدوا لها نظيرا . والشيء إنما تدرك حقيقته بمشاهدته أو مشاهدة نظيره . فإذا كانت الروح متصفة بهذه الصفات مع عدم مماثلتها لما يشاهد من المخلوقات , فالخالق أولى بمباينته لمخلوقاته مع اتصافه بما يستحقه من أسمائه وصفاته ; وأهل العقول هم أعجز عن أن يحدوه أو يكيفوه منهم عن أن يحدوا الروح أو يكيفوها . فإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لها , ومن مثلها بما يشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها , وهي مع ذلك ثابتة بحقيقة الإثبات مستحقة لما لها من الصفات , فالخالق - سبحانه وتعالى - أولى أن يكون من نفى صفاته جاحدا معطلا , ومن قاسه بخلقه جاهلا به ممثلا , وهو - سبحانه وتعالى - ثابت بحقيقة الإثبات مستحق لما له من الأسماء والصفات .". حفظ
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أم بعد :
فقد تقدم أن المؤلف رحمه الله بين أن إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى مع عدم المماثلة يتبين بأصلين ومثلين وخاتمة ، الأصلين هما : أن يقال : القول في بعض الصفات كالقول في بعض ، ثم يقال : والقول في الصفات كالقول في الذات ، هذان الأصلان .
أما المثلان المضروبان : فأولهما ما سبق في ذكر ما لأهل الجنة من النعيم الذي يوجد له نظير في الدنيا لكن نظير له في الاسم دون الحقيقة ، فإذا كان يمكن للمخلوقات أن تتفق في الأسماء مع المباينة في الحقيقة ، فالمباينة بين الخالق والمخلوق من باب أولى ، يعني أنه إذا كان في الجنة نخل ورمان وفاكهة وعنب وغير ذلك ، فإن في الجنة كذلك ، ولكنها مختلفة عنها في الحقائق ، فإذا المباينة بين المخلوق والخالق من باب أولى .
المثل الثاني : مسألة الروح ، كلنا يعلم أن كل حي فله روح وجسم ، وأن الإنسان هو الروح والجسم ، فالجسم هو هذا المشاهد ، الذي نشاهده ويوصف بالطول والعرض والسواد والبياض والصحة والمرض والحركة والسكون إلى آخره، والروح هي الحالة في هذا الجسم ، هذه الروح اختلف فيها كما يقول المؤلف النظار اختلافا كثيرا ، منهم من يقول هي الدم و ومنهم من يقول هي النفس ، ومنهم من يقول إنها مجهول ، لكن النصوص دلت على أن هذه الروح جسم من الأجسام جسم لكن ليس كأجسامنا ، كيف دلت الأدلة على أنها جسم .؟ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأنها تمسك : (( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى )) وأخبر أنها توفى : (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) تقبض ، وكذلك أيضا في الحديث أنها إذا قبضت تبعها البصر ، وش معنى تبعها .؟ أي جعل يرمق لها ، يرمقها وينظر إليها ، ولهذا تبقى عين الميت فاتحة ، لأنه ينظر إلى روحه التي خرجت من جسمه ، نظر عيان كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ، لما دخل على أبي سلمة رضي الله عنه وهو يقبض قد شخص بصره ، قال : ( إن الروح إذا قبض اتبعه البصر ) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنها تكفن بكفن من الجنة وحنوط من الجنة ، وأنه يصعد بها إلى الله عز وجل من سماء إلى سماء ثم ترجع إلى بدنها ، كل هذا يدل على أنها جسم أو لا .؟ ومع ذلك ليست كهذه الأجسام ، ولا يعتريها ما يعتري الجسم .
فإذا كان هذا في الروح التي بين جنبينا أو بين جنوبنا لا نعلم عن كيفيتها ولا نستطيع أن نعرف حقيقة كنهها ، مع أننا نؤمن بأنها جسم تقبض وترسل وتمسك وتكفن ويصعد بها ... إلى آخره .
مع أنها مباينة لأجسامنا هذه ، فالمباينة بين الخالق والمخلوق من باب أولى ، واضح هذا المثل أو لا .؟ واضح المثل جدا .
ثم إن المؤلف تعرض أثناء هذا الكلام إلى أن الشيء لا يمكن أن يعرف إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره ، ونحن زدنا شيئاً ثالثاً ، ما هو .؟ الخبر الصادق عنه . يعني قد لا تشاهده أنت ولا تشاهد نظيره ، ولكن يخبرك إنسان صادق بأنه شاهده على هذا الوصف ، ويمكن أن يرجع هذا إلى كلام المؤلف الخبر الصادق ... لأن كون مشاهدته يعني سواء أنت المشاهد أو غيرك فأخبرك ، على كل حال لا يمكن للإنسان أن يعرف حقيقة الشيء حتى يشاهده هو أو يشاهد نظيره أو يخبر خبراً صادقاً عنه . كل هذا بالنسبة لحقيقة ذات الله وصفاته ممكن أو لا .؟ غير ممكن ، فالله تعالى ليس كمثله شيء لا نظير له ، ونحن لم نشاهده ولو شاهدناه ما أدركناه (( لا تدركه الأبصار )) .
وهل أخبرنا الله تعالى عن نفسه عن حقيقة ذاته وصفاته .؟ هل قال إنه استوى على العرش على كيفية كذا وكذا .؟ لا ، إذن لا يمكننا نحن أن ندرك حقيقة ذات الله أو صفاته ، ومع ذلك لا يمتنع أن نؤمن بإن له ذاتاً حقيقة وأن له صفات حقيقة ، واضح .؟
إذا المثل هذا بدل ما نقرأه كله وما فيه ، هذه خلاصته ، فصار المؤلف رحمه الله بيّن لنا إثبات الصفات على وجه الحقيقة ، بأصلين ومثلين مضروبين وخاتمة .
فقد تقدم أن المؤلف رحمه الله بين أن إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى مع عدم المماثلة يتبين بأصلين ومثلين وخاتمة ، الأصلين هما : أن يقال : القول في بعض الصفات كالقول في بعض ، ثم يقال : والقول في الصفات كالقول في الذات ، هذان الأصلان .
أما المثلان المضروبان : فأولهما ما سبق في ذكر ما لأهل الجنة من النعيم الذي يوجد له نظير في الدنيا لكن نظير له في الاسم دون الحقيقة ، فإذا كان يمكن للمخلوقات أن تتفق في الأسماء مع المباينة في الحقيقة ، فالمباينة بين الخالق والمخلوق من باب أولى ، يعني أنه إذا كان في الجنة نخل ورمان وفاكهة وعنب وغير ذلك ، فإن في الجنة كذلك ، ولكنها مختلفة عنها في الحقائق ، فإذا المباينة بين المخلوق والخالق من باب أولى .
المثل الثاني : مسألة الروح ، كلنا يعلم أن كل حي فله روح وجسم ، وأن الإنسان هو الروح والجسم ، فالجسم هو هذا المشاهد ، الذي نشاهده ويوصف بالطول والعرض والسواد والبياض والصحة والمرض والحركة والسكون إلى آخره، والروح هي الحالة في هذا الجسم ، هذه الروح اختلف فيها كما يقول المؤلف النظار اختلافا كثيرا ، منهم من يقول هي الدم و ومنهم من يقول هي النفس ، ومنهم من يقول إنها مجهول ، لكن النصوص دلت على أن هذه الروح جسم من الأجسام جسم لكن ليس كأجسامنا ، كيف دلت الأدلة على أنها جسم .؟ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأنها تمسك : (( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى )) وأخبر أنها توفى : (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) تقبض ، وكذلك أيضا في الحديث أنها إذا قبضت تبعها البصر ، وش معنى تبعها .؟ أي جعل يرمق لها ، يرمقها وينظر إليها ، ولهذا تبقى عين الميت فاتحة ، لأنه ينظر إلى روحه التي خرجت من جسمه ، نظر عيان كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ، لما دخل على أبي سلمة رضي الله عنه وهو يقبض قد شخص بصره ، قال : ( إن الروح إذا قبض اتبعه البصر ) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنها تكفن بكفن من الجنة وحنوط من الجنة ، وأنه يصعد بها إلى الله عز وجل من سماء إلى سماء ثم ترجع إلى بدنها ، كل هذا يدل على أنها جسم أو لا .؟ ومع ذلك ليست كهذه الأجسام ، ولا يعتريها ما يعتري الجسم .
فإذا كان هذا في الروح التي بين جنبينا أو بين جنوبنا لا نعلم عن كيفيتها ولا نستطيع أن نعرف حقيقة كنهها ، مع أننا نؤمن بأنها جسم تقبض وترسل وتمسك وتكفن ويصعد بها ... إلى آخره .
مع أنها مباينة لأجسامنا هذه ، فالمباينة بين الخالق والمخلوق من باب أولى ، واضح هذا المثل أو لا .؟ واضح المثل جدا .
ثم إن المؤلف تعرض أثناء هذا الكلام إلى أن الشيء لا يمكن أن يعرف إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره ، ونحن زدنا شيئاً ثالثاً ، ما هو .؟ الخبر الصادق عنه . يعني قد لا تشاهده أنت ولا تشاهد نظيره ، ولكن يخبرك إنسان صادق بأنه شاهده على هذا الوصف ، ويمكن أن يرجع هذا إلى كلام المؤلف الخبر الصادق ... لأن كون مشاهدته يعني سواء أنت المشاهد أو غيرك فأخبرك ، على كل حال لا يمكن للإنسان أن يعرف حقيقة الشيء حتى يشاهده هو أو يشاهد نظيره أو يخبر خبراً صادقاً عنه . كل هذا بالنسبة لحقيقة ذات الله وصفاته ممكن أو لا .؟ غير ممكن ، فالله تعالى ليس كمثله شيء لا نظير له ، ونحن لم نشاهده ولو شاهدناه ما أدركناه (( لا تدركه الأبصار )) .
وهل أخبرنا الله تعالى عن نفسه عن حقيقة ذاته وصفاته .؟ هل قال إنه استوى على العرش على كيفية كذا وكذا .؟ لا ، إذن لا يمكننا نحن أن ندرك حقيقة ذات الله أو صفاته ، ومع ذلك لا يمتنع أن نؤمن بإن له ذاتاً حقيقة وأن له صفات حقيقة ، واضح .؟
إذا المثل هذا بدل ما نقرأه كله وما فيه ، هذه خلاصته ، فصار المؤلف رحمه الله بيّن لنا إثبات الصفات على وجه الحقيقة ، بأصلين ومثلين مضروبين وخاتمة .