قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. حفظ
الطالب : " وكذلك قوله : (( لا تدركه الأبصار )) إنما نفى الإدراك الذي هو الإحاطة كما قاله أكثر العلماء ولم ينف مجرد الرؤية ; لأن المعدوم لا يرى وليس في كونه لا يرى مدح ; إذ لو كان كذلك لكان المعدوم ممدوحا ، وإنما المدح في كونه لا يحاط به وإن رئي ; كما أنه لا يحاط به وإن علم ، فكما أنه إذا علم لا يحاط به علما : فكذلك إذا رئي لا يحاط به رؤية ، فكان في نفي الإدراك من إثبات عظمته ما يكون مدحا وصفة كمال ، وكان ذلك دليلا على إثبات الرؤية لا على نفيها ، لكنه دليل على إثبات الرؤية مع عدم الإحاطة ، وهذا هو الحق الذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها .
وإذا تأملت ذلك : وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه ، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلها محمودا بل ولا موجودا ، وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا لا يتكلم أو لا يرى أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش ، ويقولون : ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا مباينا للعالم ولا محادث له ; إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم ; وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت ولهذا قال محمود بن سبكتكين لمن ادعى ذلك في الخالق : ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم . وكذلك كونه لا يتكلم أو لا ينزل ليس في ذلك صفة مدح ولا كمال ; بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات ، فهذه الصفات منها ما لا يتصف به إلا المعدوم ومنها ما لا يتصف به إلا الجمادات والناقص "
.