تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب : لم يثبتوا في الحقيقة إلها محمودا بل ولا موجودا وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا لا يتكلم أو لا يرى أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش ويقولون : ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا مباينا للعالم ولا محايثا له ; إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم ; وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت . ولهذا قال محمود بن سبكتكين لمن ادعى ذلك في الخالق : ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم . وكذلك كونه لا يتكلم أو لا ينزل ليس في ذلك صفة مدح ولا كمال ; بل هذه الصفات فيها تشبيه له بالمنقوصات أو المعدومات فهذه الصفات منها ما لا يتصف به إلا المعدوم ومنها ما لا يتصف به إلا الجمادات والناقص . ". حفظ
الشيخ : طيب : " فَاَلَّذِينَ لَا يَصِفُونَهُ إلَّا بِالسُّلُوبِ لَمْ يُثْبِتُوا فِي الْحَقِيقَةِ إلَهًا مَحْمُودًا بَلْ وَلَا مَوْجُودًا ، وَكَذَلِكَ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ كَاَلَّذِينَ قَالُوا لَا يَتَكَلَّمُ أَوْ لَا يَرَى أَوْ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ أَوْ لَمْ يَسْتَوِ عَلَى الْعَرْشِ" الذين يصفونه بالسلوب مطلقاً كما مر ، يقولون لا موجود ولا معدوم ، ولا جاهل ولا عالم ، ولاحي ولا ميت ، فلا يصفونه إلا بالسّلب .
هناك أناس يشاركهم في هذا لكن ليس في كله ، مثل الذين قالوا لا يتكلم ، والذين قالوا إنه لا يرى ، والذين قالوا ليس فوق العالم ، والذين قالوا ليس مستوياً على العرش ، هؤلاء وصفوه بأي شيء .؟ بالسّلوب ، السّلوب ترى معناه النفي ، السّلوب جمع سلب وهو النفي ، من الذين قالوا هذا .؟ الأشعرية قالوا إن الله يتكلم لكن فسروا الكلام بما ليس بكلام ، وش قالوا .؟ فقالوا في كلام الله أنه هو المعنى القائم بنفسه ، وليس الصوت أو الحروف ، فهم فسروا الكلام بما ليس بكلام .
الذين قالوا لا يرى .؟ نفس الأشعرية يقولون إن الله لايرى ، مستحيل أن الله يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة .
الذين قالوا ليس فوق العالم ، هم أيضا الأشعرية ، يقول إن الله ليس فوق العالم ، والذي يقول أن الله فوق العالم مجسم ممثل .
طيب العلو .؟ يقولون العلو الذي أثبت الله لنفسه إنما هو علو الصفات فقط وليس علو الذات .
الذين قالوا لم يستو على العرش ، من .؟ أيضاً هم الأشعرية ، يقولون إن الله لم يستوي على العرش ، وش معنى استوى على العرش.؟ استولى على العرش وليس معناه استوى عليه ، وهذا قد قرأتم وجه بطلان هذا التفسير .
إذا لم يكن فوق العالم ولا مستو على العرش طيب أين الله .؟
" وَيَقُولُونَ : لَيْسَ بِدَاخِلِ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَلَا مُبَايِنًا لِلْعَالَمِ وَلَا محادث لَهُ " عندي ولا مجانب ، عندكم ولا محادث .؟
الطالب : نعم .
الشيخ : " وَلَا محايد لَهُ " يعني المجانب ، معناه الذي يكون في مكان آخر . وش بعدها عندكم .؟
" إذْ هَذِهِ الصِّفَاتُ يُمْكِنُ أَنْ يُوصَفَ بِهَا الْمَعْدُومُ ، وَلَيْسَتْ هِيَ صِفَةً مُسْتَلْزِمَةً صِفَةَ ثُبُوتٍ . وَلِهَذَا قَالَ مَحْمُودُ بْنُ سبكتكين لِمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فِي الْخَالِقِ : مَيِّزْ لَنَا بَيْنَ هَذَا الرَّبِّ الَّذِي تُثْبِتُهُ وَبَيْنَ الْمَعْدُومِ.".
إذا قال إن الله ليس بداخل العالم ولا خارجه ، ولا مباين للعالم ولا محايد ، وباقي هناك كلمتين : ولا متصل ولا منفصل .
نقول لمن قال الكلام هذا ، أين الله ؟ ! ليس بموجود ، لا هو داخل العالم ولا خارجه ، وين يكون .؟ ولا متصل بالعالم ولا منفصل منه ، ولا مباين ولا محايد ، هذا معدوم .
ولهذا قال هذا الملك المعروف ، قال : بيّن لنا الفرق بين الرب الذي تثبته وبين المعدوم .؟!
" وَكَذَلِكَ كَوْنُهُ لَا يَتَكَلَّمُ أَوْ لَا يَنْزِلُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ صِفَةُ مَدْحٍ وَلَا كَمَالٍ ، بَلْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِيهَا تَشْبِيهٌ لَهُ بِالْمَنْقُوصَاتِ أَوْ الْمَعْدُومَاتِ ، فَهَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْهَا مَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ إلَّا الْمَعْدُومُ وَمِنْهَا مَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ إلَّا الْجَمَادَاتُ وَالنَّاقِصُ " . فمثلاً نفي الكلام قد يكون الشيء موجودا ولا يتكلم ، لكن من لا يتكلم فهو أنقض من الذي يتكلم ، من ليس فوق العالم قد يكون موجوداً ، ولكن من كان فوق العالم أكمل من ليس فوق العالم .
والمهم أنهم لا يصفون الله بهذه الصفات إلا وهي صفة لمعدوم لا يوجد أو لموجود ناقص ، وكل هذا والعياذ بالله قصدهم به الفرار من التشبيه ، لكن وقعوا في شر مما فر منه ، والله الموفق .