تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإذا قيل : إن الباري لا يمكن اتصافه بذلك : كان في ذلك من وصفه بالنقص أعظم مما إذا وصف بالخرس والعمى والصمم ونحو ذلك ; مع أنه إذا جعل غير قابل لها كان تشبيها له بالجماد الذي لا يقبل الاتصاف بواحد منها . وهذا تشبيه بالجمادات ; لا بالحيوانات , فكيف من قال ذلك غيره مما يزعم أنه تشبيه بالحي , وأيضا فنفس نفي هذه الصفات نقص كما أن إثباتها كمال فالحياة من حيث هي هي مع قطع النظر عن تعيين الموصوف بها صفة كمال , وكذلك العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والفعل ونحو ذلك ; وما كان صفة كمال فهو سبحانه أحق أن يتصف به من المخلوقات فلو لم يتصف به مع اتصاف المخلوق به : لكان المخلوق أكمل منه .". حفظ
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله : " فَإِن قِيلَ : إنَّ الْبَارِي ".
الطالب : ... .
الشيخ : فإذا قيل .؟
" فإذا قيل : إن الباري لَا يُمْكِنُ اتِّصَافُهُ بِذَلِكَ ، كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ بِالنَّقْصِ أَعْظَم مِمَّا إذَا وُصِفَ بِالْخَرَسِ وَالْعَمَى وَالصَّمَمِ وَنَحْوَ ذَلِكَ " نعم ، هذه المسألة مثل ما قلت قريباً يمكن أن يناقش فيها الإنسان ويقول : إن فقد البصر فيما من شأنه أن يبصر يعتبر نقصاً ، وإن فقد البصر فيما ليس من شأنه أن يبصر ليس بنقص . يمكن أن يناقش فيقال لا نسلم فيما قاله المؤلف رحمه الله ، لأن كل أحد يعلم أن الرجل الأعمى ناقص عن الرجل المبصر ، وكل أحد يعلم أن الجدار الذي لا يبصر ليس فيه نقص ، إلا أن المؤلف لاحظ صفة الكمال ، وقال إن الرجل الأعمى صحيح أنه ناقص لكنه يقبل الكمال ، وأما الجدار فصحيح أنه ليس بناقص إذا فقد منه البصر ، لكنه لا يقبل الكمال ، لا يقبل أن يكون مبصرا ، فهو من هذا الوجه أنقص .
يقول : " مَعَ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا كَانَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْجَمَادِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِوَاحِدِ مِنْهَا " هذا صحيح إذا قيل إن الله لا يقبل الإتصاف بالسمع والبصر كالجدار ، ... فإنه يكون مشبهاً بالجماد ، ومن معلوم أنه لو قيل لك شبه إنساناً بشخص ناقص وشبهه بالجدار ، فأيهم أعظم حزازة في نفسك .؟ الجماد . لو قلت أنت والله يا أخي أصم ما تسمع ، نعم يكون شيء في نفسك ، لكن لو قلت أنت مثل اللبنة ، أيهم أشد .؟ في ظننا أنا الأخير أشد ، لأنه شبهه بشيء لا يمكن أن يقبل السمع بأي حال من الأحوال ، لكن بالأول أنت رجل ما تسمع أصم ، هو يفهم أنك إذا قلت له أنت رجل أصم ما تسمع ، يفهم أنك أنت تريد منه أن يكون كاملا ، وأنه يمكن أن يكمل بوجود السمع والبصر والانتفاع منه .
فخلاصة الكلام أن نقول أنتم إذا قلتم إن الله لا يقبل الاتصاف بالسمع والبصر أو الكلام والخرص أو الموت والحياة شبهتموه بأي شيء .؟ بالجماد ، وتشبيه الله بالجماد أعظم نتقيصا له من أن يشبه بالحي الناقص .
يقول : " وَهَذَا تَشْبِيهٌ بِالْجَمَادَاتِ ، لَا بِالْحَيَوَانَاتِ ، فَكَيْفَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ على غَيْرهُ مِمَّا يَزْعُمُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْحَيِّ " يعني أن ذلك أن هذا من أعظم ما يكون بالتقيص ، فيكف بمن قال غير ذلك ، يعنى أنت الآن لو قلت ذلك على غيرك من غير الله ، هذا يعتبر من أعظم الجنايات أن تشبه أعظم الذوات قدراً بأخسها قدراً ، هذا أعظم ، مع أن العبارة عندي فيها قلق في الحقيقة لا أدري في هل هذا صواب في التعبير " فكيف من قال ذلك على غيره مما يزعم أنه أنه تشبيه بالحي " يبدو لي أن العبارة ليست واضحة ، لكن معناها تقريباً والله أعلم : أن من قال ذلك على غيره يعني قاله على الله يعني على غير نفسه فإنه أعظم تنقصا مما يلزم أنه تشبيه بالحي ، يعني معنى ذلك أن الذي يشبه الله بالجماد أعظم من الذي يشبهه بالحي ، لأنهم يزعمون أنه إذا أثبت له صفات شبهته بالإنسان ، فنقول أنتم شبهتموه بما هو أعظم نقصا .
" وَأَيْضًا فَنَفْسُ نَفْيِ هَذِهِ الصِّفَاتِ نَقْصٌ " سواء بقطع النظر عن كونها تنفى عمن يمكن إتصافه بها أو من لا يمكن ، أقول الأخير هذا أظنه الثالث نفس نفي الصفات هذه يعتبر نقصا ، ليش .؟ قال : " كَمَا أَنَّ إثْبَاتَهَا كَمَالٌ فَالْحَيَاةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ " يعني من حيث هي حياة ، يعني هي الثانية نائبة مناب حياة ، فالحياة من حيث هي ، هي ، أي من حيث هي حياة " مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعْيِينِ الْمَوْصُوفِ بِهَا صِفَةُ كَمَالٍ " الحياة نفسها ، كلمة حياة بقطع النظر عن كون المتصف بها فلان أو فلان أو علان هي صفة كمال (( وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ )) .
طيب : " وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْفِعْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ " كل هذه صفات كمال بقطع النظر عن الموصوف بها ، أليس كذا بلى ولذلك يقول المؤلف : " وَمَا كَانَ صِفَةَ كَمَالٍ فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَحَقُّ أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ فَلَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِ مَعَ اتِّصَافِ الْمَخْلُوقِ بِهِ لَكَانَ الْمَخْلُوقُ أَكْمَلَ مِنْهُ ."
يقال هذه الصفات التي نفيتم عن الله ، نفوا الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ، والكلام هنا مع غير الأشعرية ، لأنهم يثبتون هذه الصفة ، نقول لهم أنتم الآن إذا نفيتم هذه الصفات عن الخالق فقد نفيتم عنه صفة كمال ، لأن هذه الصفات من حيث هي بغض النظر عن من اتصف بها هي صفة كمال ، فإذا قلت ليس الله بحي وقلت المخلوق حي ، معنى ذلك جعلته المخلوق أكمل من الخالق ، وهذا شيء متعذر ، فالوجوه على هذا الحال كم تكون .؟
الطالب : ثلاثة .
الشيخ : ثلاثة .؟
الطالب : ... .
الشيخ : وكون هذا يقبل أو لا يقبل ، والثالث أن هذه صفات كمال من حيث هي .