تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد بل ولا له : أن يوافق أحدا على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده , فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى , كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك , فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله فيكون مخلوقا كما إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السموات وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم , ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك , وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق والخالق مباين للمخلوق - سبحانه وتعالى - ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ; ولا في ذاته شيء من مخلوقاته . فيقال لمن نفى الجهة : أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق ؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم ؟ فلا ريب أن الله فوق العالم مباين للمخلوقات وكذلك يقال لمن قال الله في جهة : أتريد بذلك أن الله فوق العالم ؟ أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات ؟ فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل .". حفظ
الشيخ : " وَمَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَلْ وَلَا لَهُ أَنْ يُوَافِقَ أَحَدًا عَلَى إثْبَاتِ لَفْظِهِ أَوْ نَفْيِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مُرَادَهُ فَإِنْ أَرَادَ حَقًّا قُبِلَ وَإِنْ أَرَادَ بَاطِلًا رُدَّ ، وَإِنْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى حَقٍّ وَبَاطِلٍ لَمْ يُقْبَلْ مُطْلَقًا وَلَمْ يُرِدْ جَمِيعَ مَعْنَاهُ بَلْ يُوقَفُ اللَّفْظُ وَيُفَسَّرُ الْمَعْنَى ".
طيب الآن المؤلف قسم هذه القاعدة إلى قسمين : قسم جاءت به النصوص أو اتفقت عليه الأمة وأئمتها ، ما حكمه.؟ يجب الإيمان به علمنا معناه أم لم نعلمه .
قسم آخر تنازع الناس فيه ، وهو الذي أشار إليه بقوله : " وما تنازع فيه الْمُتَأَخِّرُونَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا " تنازعوا فيه ، فهل علينا أن نؤمن به أو لا .؟ لا ، بل يقول المؤلف : " فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَلْ وَلَا لَهُ " يعني ليس علينا أن نؤمن به بل ولا لنا أن نؤمن به ، والفرق بين على واللام أظنه واضح ، ما يجب علينا ولا يحق لنا أن نؤمن به أيضا ، فهمتم أو لا .؟ أو ما فهمتم الفرق بين على واللام .؟
ليس علينا أن نؤمن به ، كذا .؟ لأنه لم يرد لا في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا أجمعت عليه الأمة ، وليس لنا أن نؤمن به ، يعني لا يحق لنا أن نؤمن به ، يعني ليس مباحا لنا أن نؤمن به أيضا . عرفتم حتى نستفصل ، ولهذا يقول : " بل ولا له أن يوافق أحداً على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى " .
مثال ذلك :
" كَمَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِي الْجِهَةِ وَالتَّحَيُّزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَلَفْظُ الْجِهَةِ قَدْ يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ مَوْجُودٌ غَيْرُ اللَّهِ فَيَكُونُ مَخْلُوقًا كَمَا إذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ نَفْسُ الْعَرْشِ أَوْ نَفْسُ السَّمَوَاتِ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا إذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ مَا فَوْقَ الْعَالَمِ "،
يعنى مثلاً : أن تقول هل الله سبحانه جهة ، أوفي جهة ؟! هذه المسألة ، ما موقفنا نحن من هذا الشيء .؟
إذا قال المبطون مثلاً أو المبتدعون نحن لا نؤمن بأن الله عال بذاته ، لأنه يلزم أن يكون جهة ، أو أن يكون في جهة ؟! ما موقفنا نحو هذا ؟! هل يجب علينا أن نؤمن بالجهة أو ننكر الجهة أو ماذا نصنع .؟
نقول الجهة في الحقيقة بالنسبة لله تشتمل على حق وباطل ، فيحب أن نفصل ، ماذا تريد بالجهة ؟! إن أراد معنى يليق بالله تعالى ولا ينافي كماله ، حينئذ نقبل المعنى فقط ، وأما اللفظ فنجعله ... ، لا نثبه ولا ننفيه ، لماذا ؟!
لأنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة نفيه ولا إثباته ، لكن هم أتوا بهذا ليتوصلوا إلى نفي ما أثبت الله لنفسه من العلو ، وجعلوا يقولون جهة وما أشبه ذلك .
فنقول لهم : الجهة إن أريد به شيء موجود غير الله كان مخلوقاً ، مثل إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السموات ، وقد يراد به ما ليس بموجود إلا الله كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم .
" وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّصِّ ... " إلى آخره .
إذا أريد بالجهة ما فوق العالم ، فهل يصح إثباتها من حيث المعنى لله أو لا .؟ نعم يصح . لأن الذي فوق العالم هو الله ، إذا أريد بالجهة شيء مخلوق غير الله ، فهذا لا يجوز أن نثبته لله لأن الله ليس بمخلوق موجود وليس بمخلوق .
طيب يقول المؤلف : " ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك " الكلام واضح .؟
يعني بذالك أنك لا تجد في القرآن ولا في السنة أن الله في جهة أو أن الله جهة ، جهة العالم ، لا تجد هذا لا نفياً ولا إثباتاً ، لكنك تجد إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك .
" وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إلَّا الْخَالِقَ وَالْمَخْلُوقَ ، وَالْخَالِقُ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ ، وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ . فَيُقَالُ لِمَنْ نَفَى الْجِهَةَ : أَتُرِيدُ بِالْجِهَةِ أَنَّهَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ ؟ فَاَللَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْمَخْلُوقَاتِ " يعني فلا يكون في جهة " أَمْ تُرِيدُ بِالْجِهَةِ مَا وَرَاءَ الْعَالَمِ ؟ فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقَاتِ ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِمَنْ قَالَ : اللَّهُ فِي جِهَةٍ أَتُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ ؟ أَوْ تُرِيدُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ دَاخِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ ؟ فَإِنْ أَرَدْت الْأَوَّلَ فَهُوَ حَقٌّ وَإِنْ أَرَدْت الثَّانِيَ فَهُوَ بَاطِلٌ " فأصبحت الجهة يا جماعة تقال على وجهين :
أحدهما : أن يقال الله جهة .
والثاني : أن يقال الله في جهة . فهمتم .
وكلا الأمرين لم يرد في الكتاب والسنة لا إثباتاً ولا نفياً ، لكن مع ذلك إذا ابتلينا بشخص يتكلم في ذلك ليتوصل به إلى نفي ما أخبر الله به عن نفسه ، فماذا نعمل .؟ هل ندعه أو ننزل الميدان لنخوض المعركة .؟ يجب علينا أن ننظر مادام أننا نخوض المعركة ، أما أن نقول والله ما ورد هذا في الكتاب ولا السنة وفقط ، فقد لا يكفي ، يحتاج أن ننزل معه ونقول ماذا تريد بالجهة .؟
إن أردت بالجهة ما هو مخلوق ، فالله تعالى لا يصح أن يطلق عليه جهة . وإن أردت بالجهة ما فوق العالم فمعلوم أن الله تعالى فوق العالم ، لكن لفظ أن تثبت أن الله جهة أو أن الله ليس بجهة بهذا اللفظ ، نحن لا نوافقك ، وإنما نستفصل منك ماذا تريد ؟! إذا أردت شيئا لا يليق بالله ، قلنا لك لا نقبل هذا ، لا إثبات لفظه ولا معناه ، وإذا أردت به شيئا يصح أن يكون لله وافقناك على المعنى وخالفناك في اللفظ .
الصورة الثانية : أن يقول الله في جهة ، نقول كلمة في جهة إذا أردت أنها جهة تحيط به وتحوزه ، كما إذ قلت فلان في جهة السطح أو في جهة المنارة ، فالمعنى أن المنارة تحمله والسقف يحمله وتحيط به ، إذا أردت بالجهة هذا المعنى ، فهذا باطل أو حق باطل بلا شك ، إذا يكون باطلا إثبات الفظ أو المعنى .
وإذا أردت بالجهة أن الله تعالى في جهة علو لا يحيط به شيء من مخلوقات فهي ولا باطل نعم حق ، ولكننا مع ذلك لا نقول إن الله في جهة ، لأن الله سبحانه وتعالى أتى بدلاً عن كلمة في جهة ، أتى بدلاً عنها بالعلو والإستواء على العرش والفوقيه وما أشبه ذالك ، فنحن في غنى عن هذا اللفظ .
وأقول لكم أيضا : كل شيء يحتمل معنى باطلا تجدون أن الله لم يثبته لنفسه ، كل شيء يتضمن حقا وباطلا فإن الله سبحانه وتعالى لا يثبته لنفسه ، لأن الله تعالى متصف بصفات الكمال ، والله أعلم .
طيب الآن المؤلف قسم هذه القاعدة إلى قسمين : قسم جاءت به النصوص أو اتفقت عليه الأمة وأئمتها ، ما حكمه.؟ يجب الإيمان به علمنا معناه أم لم نعلمه .
قسم آخر تنازع الناس فيه ، وهو الذي أشار إليه بقوله : " وما تنازع فيه الْمُتَأَخِّرُونَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا " تنازعوا فيه ، فهل علينا أن نؤمن به أو لا .؟ لا ، بل يقول المؤلف : " فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَلْ وَلَا لَهُ " يعني ليس علينا أن نؤمن به بل ولا لنا أن نؤمن به ، والفرق بين على واللام أظنه واضح ، ما يجب علينا ولا يحق لنا أن نؤمن به أيضا ، فهمتم أو لا .؟ أو ما فهمتم الفرق بين على واللام .؟
ليس علينا أن نؤمن به ، كذا .؟ لأنه لم يرد لا في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا أجمعت عليه الأمة ، وليس لنا أن نؤمن به ، يعني لا يحق لنا أن نؤمن به ، يعني ليس مباحا لنا أن نؤمن به أيضا . عرفتم حتى نستفصل ، ولهذا يقول : " بل ولا له أن يوافق أحداً على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى " .
مثال ذلك :
" كَمَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِي الْجِهَةِ وَالتَّحَيُّزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَلَفْظُ الْجِهَةِ قَدْ يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ مَوْجُودٌ غَيْرُ اللَّهِ فَيَكُونُ مَخْلُوقًا كَمَا إذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ نَفْسُ الْعَرْشِ أَوْ نَفْسُ السَّمَوَاتِ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا إذَا أُرِيدَ بِالْجِهَةِ مَا فَوْقَ الْعَالَمِ "،
يعنى مثلاً : أن تقول هل الله سبحانه جهة ، أوفي جهة ؟! هذه المسألة ، ما موقفنا نحن من هذا الشيء .؟
إذا قال المبطون مثلاً أو المبتدعون نحن لا نؤمن بأن الله عال بذاته ، لأنه يلزم أن يكون جهة ، أو أن يكون في جهة ؟! ما موقفنا نحو هذا ؟! هل يجب علينا أن نؤمن بالجهة أو ننكر الجهة أو ماذا نصنع .؟
نقول الجهة في الحقيقة بالنسبة لله تشتمل على حق وباطل ، فيحب أن نفصل ، ماذا تريد بالجهة ؟! إن أراد معنى يليق بالله تعالى ولا ينافي كماله ، حينئذ نقبل المعنى فقط ، وأما اللفظ فنجعله ... ، لا نثبه ولا ننفيه ، لماذا ؟!
لأنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة نفيه ولا إثباته ، لكن هم أتوا بهذا ليتوصلوا إلى نفي ما أثبت الله لنفسه من العلو ، وجعلوا يقولون جهة وما أشبه ذلك .
فنقول لهم : الجهة إن أريد به شيء موجود غير الله كان مخلوقاً ، مثل إذا أريد بالجهة نفس العرش أو نفس السموات ، وقد يراد به ما ليس بموجود إلا الله كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم .
" وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّصِّ ... " إلى آخره .
إذا أريد بالجهة ما فوق العالم ، فهل يصح إثباتها من حيث المعنى لله أو لا .؟ نعم يصح . لأن الذي فوق العالم هو الله ، إذا أريد بالجهة شيء مخلوق غير الله ، فهذا لا يجوز أن نثبته لله لأن الله ليس بمخلوق موجود وليس بمخلوق .
طيب يقول المؤلف : " ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك " الكلام واضح .؟
يعني بذالك أنك لا تجد في القرآن ولا في السنة أن الله في جهة أو أن الله جهة ، جهة العالم ، لا تجد هذا لا نفياً ولا إثباتاً ، لكنك تجد إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك .
" وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إلَّا الْخَالِقَ وَالْمَخْلُوقَ ، وَالْخَالِقُ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ ، وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ . فَيُقَالُ لِمَنْ نَفَى الْجِهَةَ : أَتُرِيدُ بِالْجِهَةِ أَنَّهَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ ؟ فَاَللَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْمَخْلُوقَاتِ " يعني فلا يكون في جهة " أَمْ تُرِيدُ بِالْجِهَةِ مَا وَرَاءَ الْعَالَمِ ؟ فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقَاتِ ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِمَنْ قَالَ : اللَّهُ فِي جِهَةٍ أَتُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ ؟ أَوْ تُرِيدُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ دَاخِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ ؟ فَإِنْ أَرَدْت الْأَوَّلَ فَهُوَ حَقٌّ وَإِنْ أَرَدْت الثَّانِيَ فَهُوَ بَاطِلٌ " فأصبحت الجهة يا جماعة تقال على وجهين :
أحدهما : أن يقال الله جهة .
والثاني : أن يقال الله في جهة . فهمتم .
وكلا الأمرين لم يرد في الكتاب والسنة لا إثباتاً ولا نفياً ، لكن مع ذلك إذا ابتلينا بشخص يتكلم في ذلك ليتوصل به إلى نفي ما أخبر الله به عن نفسه ، فماذا نعمل .؟ هل ندعه أو ننزل الميدان لنخوض المعركة .؟ يجب علينا أن ننظر مادام أننا نخوض المعركة ، أما أن نقول والله ما ورد هذا في الكتاب ولا السنة وفقط ، فقد لا يكفي ، يحتاج أن ننزل معه ونقول ماذا تريد بالجهة .؟
إن أردت بالجهة ما هو مخلوق ، فالله تعالى لا يصح أن يطلق عليه جهة . وإن أردت بالجهة ما فوق العالم فمعلوم أن الله تعالى فوق العالم ، لكن لفظ أن تثبت أن الله جهة أو أن الله ليس بجهة بهذا اللفظ ، نحن لا نوافقك ، وإنما نستفصل منك ماذا تريد ؟! إذا أردت شيئا لا يليق بالله ، قلنا لك لا نقبل هذا ، لا إثبات لفظه ولا معناه ، وإذا أردت به شيئا يصح أن يكون لله وافقناك على المعنى وخالفناك في اللفظ .
الصورة الثانية : أن يقول الله في جهة ، نقول كلمة في جهة إذا أردت أنها جهة تحيط به وتحوزه ، كما إذ قلت فلان في جهة السطح أو في جهة المنارة ، فالمعنى أن المنارة تحمله والسقف يحمله وتحيط به ، إذا أردت بالجهة هذا المعنى ، فهذا باطل أو حق باطل بلا شك ، إذا يكون باطلا إثبات الفظ أو المعنى .
وإذا أردت بالجهة أن الله تعالى في جهة علو لا يحيط به شيء من مخلوقات فهي ولا باطل نعم حق ، ولكننا مع ذلك لا نقول إن الله في جهة ، لأن الله سبحانه وتعالى أتى بدلاً عن كلمة في جهة ، أتى بدلاً عنها بالعلو والإستواء على العرش والفوقيه وما أشبه ذالك ، فنحن في غنى عن هذا اللفظ .
وأقول لكم أيضا : كل شيء يحتمل معنى باطلا تجدون أن الله لم يثبته لنفسه ، كل شيء يتضمن حقا وباطلا فإن الله سبحانه وتعالى لا يثبته لنفسه ، لأن الله تعالى متصف بصفات الكمال ، والله أعلم .