تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فالأول كما قالوا في قوله : ( عبدي جعت فلم تطعمني ) الحديث وفي الأثر الآخر : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه ) وقوله : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ) فقالوا : قد علم أن ليس في قلوبنا أصابع الحق فيقال لهم : لو أعطيتم النصوص حقها من الدلالة لعلمتم أنها لم تدل إلا على حق أما الواحد فقوله : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله أو قبل يمينه ) صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله ولا هو نفس يمينه ; لأنه قال : ( يمين الله في الأرض ) وقال : ( فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه ) ومعلوم أن المشبه ليس هو المشبه به ففي نفس الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحا لله ; وأنه ليس هو نفس يمينه فكيف يجعل ظاهره كفرا لأنه محتاج إلى التأويل . مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس .". حفظ
الشيخ : يقول " ( عَبْدِي جُعْت فَلَمْ تُطْعِمْنِي ) الْحَدِيثَ " هل الله يجوع ؟ لا يجوع ، هم يقولون أن هذا اللفظ ظاهره مستحيل على الله ، فيجب أن يأول .
" وَفِي الْأَثَرِ الْآخَرِ : ( الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ صَافَحَهُ أَوْ قَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ أوَ قَبَّلَ يَمِينَهُ ) وَقَوْلِهِ ... : ( قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ) " هذه الآن ثلاثة أمثلة ، يقولون إن ظاهرها معنى باطل فيجب أن تأول ، أولا الجوع لا شك أنه لا يجوز إثباته لله ، لأن الله يُطعِم ولا يَطعَم ، لا يُطعَم ولا يَطعَم أيضا ، ولا يمكن أن يحتاج إلى ذلك ، كونه يجوع الجوع نقص ، ما يجوز لذلك .
أيضا الحديث الثاني : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله أو قبل يمينه ) هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن المؤلف أتى به لأنه يذكره تمثيلاً لهولاء الذين مثلوه ، لأنهم مثلوا بهذا الحديث ، وفي الحقيقة كان عليه رحمه أن يبين أن هذا الحديث لا يصح ، لأنه إذا بين أنه غير صحيح يسلم منه من الأصل ، لكنه إما أنه يراه أنه حسن المؤلف وأثبته . المهم على كل حال هذا أتى به لأن أولئك الذي قالوا إن ظاهر النصوص غير مراد مثلوا بهذا المثال ... .
الطالب : ... .
الشيخ : زين وإن كان ضعفه وجعله موقوفا لا بأس .
أيضا يقول المثال الثالث : " وقوله : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ) فَقَالُوا : قَدْ عُلِمَ أَنْ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا أَصَابِعُ الْحَقِّ ".
يعني الله .
" فَيُقَالُ لَهُمْ : لَوْ أَعْطَيْتُمْ النُّصُوصَ حَقَّهَا مِنْ الدَّلَالَةِ لَعَلِمْتُمْ أَنَّهَا لَمْ تَدُلَّ إلَّا عَلَى حَقٍّ ، أَمَّا الْوَاحِدُ " يعني الأول " فَقَوْلُهُ : ( الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ لَيْسَ هُوَ صِفَةً لِلَّهِ وَلَا هُوَ نَفْسُ يَمِينِهِ ، لِأَنَّهُ قَالَ : ( يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ) وَقَالَ : ( فَمَنْ قَبَّلَهُ وَصَافَحَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُشَبَّهَ لَيْسَ هُوَ الْمُشَبَّهَ بِهِ ، فَفِي نَفْسِ الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ مُسْتَلِمَهُ لَيْسَ مُصَافِحًا لِلَّهِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ يَمِينِهِ ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ ظَاهِرُهُ كُفْرًا لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى التَّأْوِيلِ . مَعَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ".
طيب هذا الحديث الآن نقول : هم ظنوا أن ظاهر الحديث أن الحجر نفسه يمين الله . ولكن عند التأمل لا يدل الحديث على ما ذكروا :
أولا : أنه قال : " يمين الله في الأرض " ومعلوم أن الله في السماء ، فيمينه في السماء ، فلا يمكن أن تكون في الأرض .
ثانيا : قال : " فكأنما صافح الله ، وقبّل يمينه " ولو كان هو يمين الله لقال : فقد صافح الله وقبل يمينه ، فلما قال فكأنما ، علم أن هذا ليس المراد أن الحجر نفسه يمين الله ، لأن المشبه غير المشبه به .
إذا تبين أن اعتقادهم أن هذا الحديث يدل على أن الحجر يمين الله وأنه يجب أن يأول ، وش صار هذا الاعتقاد .؟ باطل ، لأنك إذا تأملت لفظ الحديث وجدته لا يدل على هذا ، لأن تقييد اليمين بالأرض يدل على أنه ليس المراد يمين الله ذاته .
وقوله : " فكأنما صافح الله وقبل يمينه " يدل على أن المراد ليس يمين الله ، لأن المشبه غير المشبه به ، فثبت بحمد الله أن هذا الحديث لا يحتاج إلى تأويل ، لأن المعنى الفاسد الذي اعتقدوه دالا عليه هذا الحديث غير صحيح . فتبين أن هذا لا يحتاج إلى تأويل .
على أنه يقول إنما جاء عن ابن عباس ، وحتى عن ابن عباس ما ندري ، يعني حتى لو فرض أن هذا الحديث صح عن ابن عباس ، ولا أظنه يصح ، لو فرض أنه صح فإننا قد نقول : إن ابن عباس إذا قال مثل هذا القول حكم له بالرفع ، لأن مثل هذا القول لا يقال بالرأي .
وأنتم قرأتم في المصطلح أن الصحابي إذا قال قولاً لا يقال بالرأي ، فحكمه الرفع ، فهو مرفوع حكماً ، لكن بشرط أن لا يكون هذا القائل معروفا بالأخذ عن الإسرائيليات ، وقد ذكروا أن ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه ممن أخذ عن الإسرئيليات ، مع أن البخاري ذكر عنه أنه لا يرضى أن يؤخذ الدين عن بني إسرائيل ، على كل حال نخن نقول : ... هذا الحديث ضعيف ، عهدي به أن سنده ضعيف ، ولا يصح حتى ولا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولكن على فرض صحته هل يفهم منه ما فهمه هؤلاء من أن الحجر يمين الله حقاً .؟ لا ، إذا ما يحتاج إلى تأويل .