قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. حفظ
الطالب : " ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط ; لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقه ; وربما تدل على معاني أسمائه . وأما صيغة التثنية فتدل على العدد المحصور وهو مقدس عن ذلك ، فلو قال : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ )) لما كان كقوله : (( مما عملت أيدينا )) وهو نظير قوله : (( بيده الملك )) و (( بيده الخير )) ولو قال خلقت بصيغة الإفراد لكان مفارقا له ; فكيف إذا قال خلقت بيدي ؟ بصيغة التثنية ، هذا مع دلالات الأحاديث المستفيضة بل المتواترة وإجماع السلف على مثل ما دل عليه القرآن كما هو مبسوط في موضعه مثل قوله : ( المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين : الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) وأمثال ذلك . وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها - والظاهر هو المراد في الجميع - فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم ، وأنه على كل شيء قدير ، واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره وأن ظاهر ذلك مراد ، كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا وقدرته كقدرتنا ، وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة عالم حقيقة قادر حقيقة ; لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير ; فكذلك إذا قالوا في قوله تعالى : (( يحبهم ويحبونه )) (( رضي الله عنهم ورضوا عنه )) وقوله : (( ثم استوى على العرش )) أنه على ظاهره لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره استواء كاستواء المخلوق ولا حبا كحبه ولا رضا كرضاه ، فإن كان المستمع يظن أن ظاهر الصفات تماثل صفات المخلوقين لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مرادا ، وإن كان يعتقد أن ظاهرها ما يليق بالخالق ويختص به لم يكن له نفي هذا الظاهر ، ونفي أن يكون مرادا إلا بدليل يدل على النفي ; وليس في العقل ولا السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفي به سائر الصفات ، فيكون الكلام في الجميع واحدا . وبيان هذا أن صفاتنا منها ما هي أعيان وأجسام .".