تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فلما قال سبحانه وتعالى : (( والسماء بنيناها بأيد )) فهل يتوهم متوهم أن بناءه مثل بناء الآدمي المحتاج الذي يحتاج إلى زنبيل ومجارف وضرب لبن وجبل طين وأعوان ؟ ثم قد علم أن الله تعالى خلق العالم بعضه فوق بعض ولم يجعل عاليه مفتقرا إلى سافله فالهواء فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله الأرض والسحاب أيضا فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله والسموات فوق الأرض وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها ; فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه : كيف يجب أن يكون محتاجا إلى خلقه أو عرشه ؟ أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات ؟ وقد علم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه وتعالى أحق به وأولى .". حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، تكلم المؤلف على موضوع الاستواء على العرش ، وأنه لا يجوز أن يعتقد أن استواءه على عرشه كاستواء إنسان على الفلك والأنعام ، لأن الله تعالى لم يذكر استواء مطلقا بل ذكر استواء منه مقيدا بالعرش ، استوى هو على العرش ، فهل استواء من خاص على خاص ، فلا يجوز أن يجعل كاستواء المخلوق على المخلوق ، وذكر المؤلف لهذا مثالا آخر وهو الأييد : (( والسماء بنيناها بأييد )) كلمة بنيناها ، هل أحد يتوهم أن بناء الله تعالى للسماء مثل بناء الإنسان للبيت ، يحتاج إلى زنبيل ومجارف وما أشبهها .؟ لا ، إذن بناء الله للسماء خاص به ، كما أن استوائه على العرش خاص به .
هل يكون الله تعالى محتاجا إلى العرش بحيث لو أزيل العرش لسقط الله .؟ كلا ، لكن الإنسان إذا استوى على الفلك فهو محتاج إليه ، لو غرق الفلك لغرق الإنسان ، لو عثرت البهيمة لسقط الإنسان ، فبينهما فرق .
ثم قال المؤلف : " ثم قد عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْعَالَمَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَالِيَهُ مُفْتَقِرًا إلَى سَافِلِهِ " هذا مسلم أو غير مسلم.؟
الطالب : مسلم .
الشيخ : نعم : " فَالْهَوَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُفْتَقِرًا إلَى أَنْ تَحْمِلَهُ الْأَرْضُ ، وَالسَّحَابُ أَيْضًا فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُفْتَقِرًا إلَى أَنْ تَحْمِلَهُ ، وَالسَّمَوَاتُ فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَتْ مُفْتَقِرَةً إلَى حَمْلِ الْأَرْضِ لَهَا ، فَالْعَلِيُّ الْأَعْلَى رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ إذَا كَانَ فَوْقَ جَمِيعِ خَلْقِهِ فكَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى خَلْقِهِ أَوْ عَرْشِهِ ؟ أَوْ كَيْفَ يَسْتَلْزِمُ عُلُوُّهُ عَلَى خَلْقِهِ هَذَا الِافْتِقَارَ وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَلْزَمِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ ؟ "
إذا المؤلف أتى بدليل عقلي وهو أن الشيء الأعلى لا يفتقر إلى الأسفل ، وإذا كان الهواء لا يفتقر إلى الأرض وهو فوقه ، والسحاب لا يفتقر إلى الأرض وهو فوقها ، والسموات لا تفتقر إلى الأرض وهي فوقها ، فكذلك الله سبحانه وتعالى فوق العرش ولا يفتقر إلى العرش .
" وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ثَبَتَ لِمَخْلُوقِ مِنْ الْغِنَى عَنْ غَيْرِهِ فَالْخَالِقُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَقُّ بِهِ وَأَوْلَى " كل ما ثبت من غنى المخلوق عن غيره فالخالق به أولى ، أنت مثلا غني عن فلان وفلان ، لست بحاجة إلى أن يساعدك في مال أو جاه أو بدن ، إذن فالله تعالى أولى بالغنى من غيره ، فإذا كان الإنسان قد يكون غنيا عن غيره لا يحتاج إليه في أي شيء ، فالخالق من باب أولى .