تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " الثاني : أن التأويل بمعنى التفسير وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله - من المصنفين في التفسير - واختلف علماء التأويل ومجاهد إمام المفسرين ; قال الثوري : " إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به " وعلى تفسيره يعتمد الشافعي وأحمد والبخاري وغيرهما فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره .الثالث من معاني التأويل : هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال الله تعالى : (( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )). فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون : من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحو ذلك كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته قال : (( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل )) فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا الثاني : هو تفسير الكلام وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج ومنه قول عائشة . { كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي } يتأول القرآن يعني قوله : (( فسبح بحمد ربك واستغفره )) وقول سفيان بن عيينة : السنة هي تأويل الأمر والنهي فإن نفس الفعل المأمور به هو تأويل الأمر به ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وأمر . ". حفظ
الشيخ : " الثَّانِي " من معاني التأويل " أَنَّ التَّأْوِيلَ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ" فيقال تأويل قوله تعالى كذا أي تفسيرها " وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُفَسِّرِينَ لِلْقُرْآنِ كَمَا يَقُولُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي التَّفْسِيرِ : واختلف علماء التأويل . ".
يعني الآن نقول : المعنى الثاني للتأويل أي التفسير ، تأويل كذا أي تفسيره ، يقول المؤلف أن هذا هو اصطلاح المفسرين للقرآن ، ولاسيما الذين يفسرونه بالأثر مثل ابن جرير وأمثاله ، دعونا من الذين يفسرونه بالنظر ، مثل الزمخشري ونحوه ، هؤلاء قد يعنون بالتأويل المعنى الأول ، لكن مثل ابن جرير الذين تفسيرهم تفسير أثري ، هؤلاء إذا قالوا التأويل أو تأويل قوله تعالى يريدون بذلك التفسير ، فإذن هذا معنى آخر للتأويل .
ويقول المؤلف : " وَمُجَاهِدٌ إمَامُ الْمُفَسِّرِينَ " قصده إمام المفسرين في زمنه وإلا فقبله من هو أعلم منه كابن عباس مثلاً ، لكن إمام المفسرين من التابعين " قَالَ الثَّوْرِيُّ : إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ . " يعني معناه أنه يكفيك عن غيره ، وهذا ثناء بالغ .
ولهذا قال المؤلف : " وَعَلَى تَفْسِيرِهِ يَعْتَمِدُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَ ، فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْلَمُ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِهِ".
الطالب : ... وغيرهما .
الشيخ : " يعتمد الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَ " عندك أنت غيرهما .؟ لا ، ما لها معنى .
طيب إذا قلنا التأويل أي التفسير ، أرجو الانتباه يا جماعة . فهنا يكون الصواب في الآية الفصل أو الوصل .؟ الوصل ، لماذا .؟ لأن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه ، فإذا قلنا بهذا المعنى الثاني أن التأويل بمعنى التفسير ، فلا شك أن قراءة الوصل أصح ، لأن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المتشابه ، ولهذا روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : " أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله " أي تفسيره . وهو الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ) علمه التأويل أي التفسير .
فصار الآية إذا حملنا التأويل في قوله : (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ )) إذا حملناه على التفسير كان الوصل أولى من الفصل ، لأن الراسخين في العلم يعلمون التفسير .
يقول : " الثَّالِثُ مِنْ مَعَانِي التَّأْوِيلِ : هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي يُؤَوَّلُ إلَيْهَا الْكَلَامُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (( هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ )) " أي : ما ينظرون ، أي : ينتظرون " ((إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ )) . فَتَأْوِيلُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَادِ هُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ مِمَّا يَكُونُ مِنْ الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ لَمَّا سَجَدَ له أَبَوَاهُ وَإِخْوَتُهُ قَالَ : (( يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ )) فَجَعَلَ عَيْنَ مَا وَجَدَ فِي الْخَارِجِ هُوَ تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا. الثَّانِي : هُوَ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُفَسَّرُ بِهِ اللَّفْظُ حَتَّى يُفْهَمَ مَعْنَاهُ أَوْ تُعْرَفَ عِلَّتُهُ أَوْ دَلِيلُهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ هُوَ عَيْنُ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : ( سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ) يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ ، تعْنِي قَوْلَهُ : (( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنه كان توابا )) وَقَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ عيينة : السُّنَّةُ هِيَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ نَفْسَ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ هُوَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ بِهِ ، وَنَفْسَ الْمَوْجُودِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ هُوَ تَأْوِيلُ الْخَبَرِ وَالْكَلَامُ خَبَرٌ وَأَمْرٌ " .
هذا المعنى الثالث للتأويل أنه الحقيقة التي يؤول إليها الكلام ، أرجوا الانتباه يا جماعة طيب إذا كان الكلام خبراً عن شيء ، فتأويله هو وقوع المخبر به ، وإذا كان الكلام أمر فتأويله هو فعل المأمور به ، يوسف عليه الصلاة والسلام رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، هذه الرؤيا خبر في الواقع ، لأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزاء من النبوة ، فكأنه لما رأى هؤلاء يسجدون له كأنه أوحي بأن هؤلاء يسجدون له ، بعد مدة ودخولهم مصر خروا له سجد ، وش قال .؟ قال : (( هذا تأويل رؤياي من قبل )) وش معنى تأويلها ؟ أي وقوع ما أخبر به .
وكذلك يقول الله عز وجل في المكذبين بيوم القيامة : (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تأويله )) أي : وقوع ما أخبر به (( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )) هذا التأويل الذي بمعنى الحقيقة ، نقول التأويل الذي بمعنى الحقيقة إن كان خبراً فتأويله وقوع المخبر به ، وإن كان أمراً فتأويله فعل المأمور به .
ولهذا قالت عائشة رضي الله في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمد اللهم اغفر لي ) قالت: إنه يتأول القرآن . إيش معنى يتأوله أي يفعل ما أمر به ، لأن مآل الكلام إذا كان أمراً أن يفعل هذا الأمر ، ومآل الكلام إذ كان خبرا أن يقع المخبر به على هذا المعنى ، أي على معنى أن التأويل بمعنى العاقبة والحقيقة، حقيقة المخبر به وحقيقة المأمور به ، على هذا المعنى يكون الوقف على قوله : (( إلا الله )) أرجح من الوصل ، لأن حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر ، من يعلمها .؟
الطالب : الله .
الشيخ : وهل يعلمها الراسخون في العلم .؟ لا ، فتبين الآن أن التأويل بأقسامه الثلاثة ، ما هو الذي يتناسب والآية .؟ يتناسب والآية المعنيان الأخيران ، الثاني والثالث ، أما المعنى الأول فلا يتناسب مع الآية ، ولم يرد الله تعالى بقوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) لم يرد المعنى المرجوح ، وإنما أراد سبحانه وتعالى إما حقيقة الأمر الذي أخبر به ، وإما تفسير هذا المعنى ، تفسير الخبر ، وعليه فإذا أريد بالتأويل التفسير فإن الراسخين في العلم يعلمونه ويكون الوصل أولى ، وإذا أريد بالتأويل الحقيقة التي يؤول إليها الكلام وهو وقوع ما أخبر الله به وامتثال ما أمر به ، فإن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر لا يعلمه إلا الله .
يعني الآن نقول : المعنى الثاني للتأويل أي التفسير ، تأويل كذا أي تفسيره ، يقول المؤلف أن هذا هو اصطلاح المفسرين للقرآن ، ولاسيما الذين يفسرونه بالأثر مثل ابن جرير وأمثاله ، دعونا من الذين يفسرونه بالنظر ، مثل الزمخشري ونحوه ، هؤلاء قد يعنون بالتأويل المعنى الأول ، لكن مثل ابن جرير الذين تفسيرهم تفسير أثري ، هؤلاء إذا قالوا التأويل أو تأويل قوله تعالى يريدون بذلك التفسير ، فإذن هذا معنى آخر للتأويل .
ويقول المؤلف : " وَمُجَاهِدٌ إمَامُ الْمُفَسِّرِينَ " قصده إمام المفسرين في زمنه وإلا فقبله من هو أعلم منه كابن عباس مثلاً ، لكن إمام المفسرين من التابعين " قَالَ الثَّوْرِيُّ : إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ . " يعني معناه أنه يكفيك عن غيره ، وهذا ثناء بالغ .
ولهذا قال المؤلف : " وَعَلَى تَفْسِيرِهِ يَعْتَمِدُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَ ، فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْلَمُ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِهِ".
الطالب : ... وغيرهما .
الشيخ : " يعتمد الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَ " عندك أنت غيرهما .؟ لا ، ما لها معنى .
طيب إذا قلنا التأويل أي التفسير ، أرجو الانتباه يا جماعة . فهنا يكون الصواب في الآية الفصل أو الوصل .؟ الوصل ، لماذا .؟ لأن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه ، فإذا قلنا بهذا المعنى الثاني أن التأويل بمعنى التفسير ، فلا شك أن قراءة الوصل أصح ، لأن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المتشابه ، ولهذا روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : " أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله " أي تفسيره . وهو الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ) علمه التأويل أي التفسير .
فصار الآية إذا حملنا التأويل في قوله : (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ )) إذا حملناه على التفسير كان الوصل أولى من الفصل ، لأن الراسخين في العلم يعلمون التفسير .
يقول : " الثَّالِثُ مِنْ مَعَانِي التَّأْوِيلِ : هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي يُؤَوَّلُ إلَيْهَا الْكَلَامُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (( هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ )) " أي : ما ينظرون ، أي : ينتظرون " ((إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ )) . فَتَأْوِيلُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَادِ هُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ مِمَّا يَكُونُ مِنْ الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ لَمَّا سَجَدَ له أَبَوَاهُ وَإِخْوَتُهُ قَالَ : (( يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ )) فَجَعَلَ عَيْنَ مَا وَجَدَ فِي الْخَارِجِ هُوَ تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا. الثَّانِي : هُوَ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُفَسَّرُ بِهِ اللَّفْظُ حَتَّى يُفْهَمَ مَعْنَاهُ أَوْ تُعْرَفَ عِلَّتُهُ أَوْ دَلِيلُهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ هُوَ عَيْنُ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : ( سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ) يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ ، تعْنِي قَوْلَهُ : (( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنه كان توابا )) وَقَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ عيينة : السُّنَّةُ هِيَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ نَفْسَ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ هُوَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ بِهِ ، وَنَفْسَ الْمَوْجُودِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ هُوَ تَأْوِيلُ الْخَبَرِ وَالْكَلَامُ خَبَرٌ وَأَمْرٌ " .
هذا المعنى الثالث للتأويل أنه الحقيقة التي يؤول إليها الكلام ، أرجوا الانتباه يا جماعة طيب إذا كان الكلام خبراً عن شيء ، فتأويله هو وقوع المخبر به ، وإذا كان الكلام أمر فتأويله هو فعل المأمور به ، يوسف عليه الصلاة والسلام رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، هذه الرؤيا خبر في الواقع ، لأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزاء من النبوة ، فكأنه لما رأى هؤلاء يسجدون له كأنه أوحي بأن هؤلاء يسجدون له ، بعد مدة ودخولهم مصر خروا له سجد ، وش قال .؟ قال : (( هذا تأويل رؤياي من قبل )) وش معنى تأويلها ؟ أي وقوع ما أخبر به .
وكذلك يقول الله عز وجل في المكذبين بيوم القيامة : (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تأويله )) أي : وقوع ما أخبر به (( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )) هذا التأويل الذي بمعنى الحقيقة ، نقول التأويل الذي بمعنى الحقيقة إن كان خبراً فتأويله وقوع المخبر به ، وإن كان أمراً فتأويله فعل المأمور به .
ولهذا قالت عائشة رضي الله في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمد اللهم اغفر لي ) قالت: إنه يتأول القرآن . إيش معنى يتأوله أي يفعل ما أمر به ، لأن مآل الكلام إذا كان أمراً أن يفعل هذا الأمر ، ومآل الكلام إذ كان خبرا أن يقع المخبر به على هذا المعنى ، أي على معنى أن التأويل بمعنى العاقبة والحقيقة، حقيقة المخبر به وحقيقة المأمور به ، على هذا المعنى يكون الوقف على قوله : (( إلا الله )) أرجح من الوصل ، لأن حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر ، من يعلمها .؟
الطالب : الله .
الشيخ : وهل يعلمها الراسخون في العلم .؟ لا ، فتبين الآن أن التأويل بأقسامه الثلاثة ، ما هو الذي يتناسب والآية .؟ يتناسب والآية المعنيان الأخيران ، الثاني والثالث ، أما المعنى الأول فلا يتناسب مع الآية ، ولم يرد الله تعالى بقوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) لم يرد المعنى المرجوح ، وإنما أراد سبحانه وتعالى إما حقيقة الأمر الذي أخبر به ، وإما تفسير هذا المعنى ، تفسير الخبر ، وعليه فإذا أريد بالتأويل التفسير فإن الراسخين في العلم يعلمونه ويكون الوصل أولى ، وإذا أريد بالتأويل الحقيقة التي يؤول إليها الكلام وهو وقوع ما أخبر الله به وامتثال ما أمر به ، فإن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر لا يعلمه إلا الله .