مناقشة الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القاعدة الخامسة أنا نعلم لما أخبرنا به من وجه دون وجه . فإن الله قال : (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) وقال : (( أفلم يدبروا القول )) وقال : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )) وقال : (( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )). فأمر بتدبر الكتاب كله . قد قال تعالى : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب وقد روي عن مجاهد وطائفة : أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله وقد قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها ولا منافاة بين القولين عند التحقيق . فإن لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملا في ثلاثة معان : - أحدها - وهو اصطلاح كثير من المتأخرين من المتكلمين في الفقه وأصوله - أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ; لدليل يقترن به وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها ; وهل ذلك محمود أو مذموم أو حق أو باطل ؟ .". حفظ
الشيخ : ... والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد : فقد تقدم لنا القاعدة الخامسة ، فما هي .؟
الطالب : ... .
الشيخ : نعلم أن ما أخبرنا به أو بما أخبرنا به من وجه دون وجه ، تمام ، استرح . ما هو الوجه الذي نعلمه .؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب استرح . في قوله تعالى : (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )) وجهان للسلف .؟
الطالب : وجه الوقف على : (( إلا الله )) ووجه الوصل .
الشيخ : الوقف على : (( إلا الله )) وش يكون معنى التأويل .؟
الطالب : يكون بمعنى الحقيقة والكيفية .
الشيخ : نعم أحسمت اجلس ، وعلى الوصل .؟ ماذا يكون التأويل على قراءة الوصل .؟
الطالب : يكون التأويل بمعنى التفسير .
الشيخ : بمعنى التفسير ، ويكون الراسخون في العلم .؟
الطالب : يعلمون التفسير .
الشيخ : زين اجلس ، على هذا يمكن الجمع بين الوجهين.؟
الطالب : نعم .
الشيخ : وذلك بأن نحمل .؟
الطالب : نحمل التأويل على التفسير والحقيقة ... حقائق ما أخبر الله به .
الشيخ : يعني نحمل الوقف على أن معنى التأويل الحقيقة وما يؤول إليها ، ونحمل الوصل على أن التأويل بمعنى التفسير .
ما هو تأويل الخبر إذا قلنا إن التأويل هو الحقيقة التي يكون عليها الكلام .؟ وش يصير معنى الخبر .؟
الطالب : ... .
الشيخ : تأويل الخبر إذا قلنا إن الخبر هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام ، يصير تأويل الخبر هو وقوع المخبر به ، مثاله من القرآن.؟ نريد آية فيها معنى تأويل وقوع المخبر به .؟
الطالب : قوله تعالى : (( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل )) .
الشيخ : (( قد جاءت رسل ربنا بالحق )) طيب أحسنت ، تأويله يعني وقوع ما أخبر به .
وماذا يكون تأويل الأمر أخ .؟ إذا كان التأويل بمعنى الحقيقة وش يكون تأويل الأمر .؟
الطالب : ... .
الشيخ : ما عندك علم ، ما حضرت .؟
الطالب : تأويل الأمر هو فعل المأمور .
الشيخ : فعل المأمور به ، طيب استرح .
إذا قلت : (( أقيموا الصلاة )) أي : افعلوها مستقيمة ، ما معنى هذا التأويل يا أخ .؟ الآن أنا أولت الآية وش معنى أولتها .؟
الطالب : ... .
الشيخ : خطأ يا عبد المجيد ... قلت (( أقيموا الصلاة )) أي : افعلوها مستقيمة ، ما معنى هذا التأويل .؟
الطالب : هو التفسير .
الشيخ : يعني التفسير ، الآن فسرت معنى : (( أقيموا الصلاة )). اجلس قلت : (( أقيموا الصلاة )) فذهبت فتوضأت وصليت ، ما معنى هذا التأويل .؟ هذا الذي بمعنى الحقيقة أو الذي بمعنى التفسير .؟
الطالب : بمعنى الحقيقة .
الشيخ : بمعنى الحقيقة ، ليش .؟ لأنني فعلت حقيقة المأمور به . أعتقد بأن هذا المثل واضح ، أخذنا الآن معنيين من معاني التأويل ، طيب فيها المعنى الثالث .؟ من الذي ما أخذ السؤال ، المعنى الثالث للتأويل .؟
الطالب : هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح.
الشيخ : صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، هذا الاصطلاح هل هو اصطلاح القرآن والسنة أو أي شيء .؟
الطالب : لا ... .
الشيخ : اصطلاح كثير ... من الذي يعرفه .
الطالب : كثير من المتكلمين
الشيخ : كثير من المتكلمين في الفقه وأصوله من المتأخرين ، طيب استرح ... هل يمكن أن يخرج التأويل الذي في الآية على هذا المعنى أو ما يمكن .؟
الطالب : ... .
الشيخ : يمكن .؟ يصير الآية تحتمل معني التأويل الثلاثة : التفسير والحقيقة وصرف اللفظ عن المعن الراجح ، كذا .؟ وش تقولون أنتم يا جماعة .؟
الطالب : لا يمكن .
الشيخ : لا يمكن ، حط بالك ، الحقيقة والتفسير فقط ، أما صرف اللفظ عن المعنى الراجح فلا يمكن ، لأنه اصطلاح كثير من المتأخرين ، هذا ما حدث هذا المعنى إلا على كلام المتأخرين ، ولا يمكن أن يحمل كلام الله سبحانه وتعالى على شيء ما بعد فهم الناس معناه .
الطالب : ... .
الشيخ : (( فإذا قرأ القرآن )) يكون تفسيرا ، لأنه مادام فيه دليل صحيح يكون تفسيرا هذا ، الآن نحن نفسر الآية لأن معنا دليلا صحيحا على التأويل ، فتفسير الآية قد يكون موافقا لظاهرها وهو المعنى الراجح ، وقد يكون مخالفا لظاهرها ، المهم أن هذا هو المعنى الذي دلت عليه الآية ، فلا فرق بين أن يكون موافقا للظاهر أو مخالفا للظاهر .
لو قلتم إن التأويل بدل عن صرف المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر ، يصح أو لا .؟ يصح ، لأن هذا من أجل إذا أردتم أن تتحكموا في الألفاظ فلا حرج ، يعني أن تقولوا بدل صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، أن تقولوا صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر ، لأن ظاهر اللفظ هو المعنى الراجح في الواقع ، ولهذا كثير من الناس يفسر هذا التأويل بقوله صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى الذي يخالف الظاهر ، وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى هذا الكلام ، فأنتم لكم الحرية في أن تقولوا صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف ظاهره ، أو أن تقولوا صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح .
طيب نقرأ الآن الدرس إن شاء الله .