تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد وقع بنو آدم في عامة ما يتناوله هذا الكلام من أنواع الضلالات حتى آل الأمر إلى من يدعي التحقيق والتوحيد والعرفان منهم إلى أن اشتبه عليهم وجود الرب بوجود كل موجود فظنوا أنه هو فجعلوا وجود المخلوقات عين وجود الخالق مع أنه لا شيء أبعد عن مماثلة شيء وأن يكون إياه أو متحدا به ; أو حالا فيه من الخالق مع المخلوق فمن اشتبه عليه وجود الخالق بوجود المخلوقات كلها حتى ظنوا وجودها وجوده ; فهم أعظم الناس ضلالا من جهة الاشتباه . وذلك أن الموجودات تشترك في مسمى الوجود فرأوا الوجود واحدا ولم يفرقوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع وآخرون توهموا أنه إذا قيل : الموجودات تشترك في مسمى الوجود لزم التشبيه والتركيب فقالوا : لفظ الوجود مقول بالاشتراك اللفظي فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء مع اختلاف أصنافهم من أن الوجود ينقسم إلى قديم ومحدث ونحو ذلك من أقسام الموجودات وطائفة ظنت أنه إذا كانت الموجودات تشترك في مسمى الوجود لزم أن يكون في الخارج عن الأذهان موجود مشترك فيه وزعموا أن في الخارج عن الأذهان كليات مطلقة مثل وجود مطلق وحيوان مطلق وجسم مطلق ونحو ذلك فخالفوا الحس والعقل والشرع وجعلوا ما في الأذهان ثابتا في الأعيان وهذا كله من نوع الاشتباه ومن هداه الله فرق بين الأمور وإن اشتركت من بعض الوجوه وعلم ما بينهما من الجمع والفرق والتشابه والاختلاف ; وهؤلاء لا يضلون بالمتشابه من الكلام لأنهم يجمعون بينه وبين المحكم الفارق الذي يبين ما بينهما من الفصل والافتراق وهذا كما أن لفظ ( إنا ) و ( نحن ) وغيرهما من صيغ الجمع يتكلم بها الواحد له شركاء في الفعل ويتكلم بها الواحد العظيم الذي له صفات تقوم كل صفة مقام واحد وله أعوان تابعون له ; لا شركاء له فإذا تمسك النصراني بقوله تعالى : (( إنا نحن نزلنا الذكر )) ونحوه على تعدد الآلهة كان المحكم كقوله تعالى : (( وإلهكم إله واحد )) ونحو ذلك مما لا يحتمل إلا معنى واحدا يزيل ما هناك من الاشتباه ; وكان ما ذكره من صيغة الجمع مبينا لما يستحقه من العظمة والأسماء والصفات وطاعة المخلوقات من الملائكة وغيرهم .". حفظ
الشيخ : ثم قال : " وَقَدْ وَقَعَ بَنُو آدَمَ فِي عَامَّةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّلَالَاتِ " وش يعني بالكلام .؟ كلام الإمام أحمد : أكثر ما يخطأ الناس من جهة التأويل والقياس .
يقول : " وَقَدْ وَقَعَ بَنُو آدَمَ فِي عَامَّةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الْكَلَامُ " يعني كلام الإمام أحمد " مِنْ أَنْوَاعِ الضَّلَالَاتِ حَتَّى آلَ الْأَمْرُ إلَى مَنْ يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالتَّوْحِيدَ وَالْعِرْفَانَ مِنْهُمْ إلَى أَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ وُجُودُ الرَّبِّ بِوُجُودِ كُلِّ مَوْجُودٍ ، فَظَنُّوا أَنَّهُ هُوَ ، فَجَعَلُوا وُجُودَ الْمَخْلُوقَاتِ عَيْنَ وُجُودِ الْخَالِقِ " .
شف هذا والعياذ بالله ، هذا من أبعد الضلال ، شف كيف اشتبه على هؤلاء ! قالوا : نحن نريد أن نوحد نحن أهل التوحيد . توحيد الخالق بما يجب له .؟ لا ، التوحيد بين الخالق والمخلوق ، وجعلوهما واحدا، شف كيف الخطأ العظيم منهم ، هم يدعون أنهم هم أهل التوحيد والتحقيق ، قالوا نعم نحن الموحد ليس أنتم ، ليش .؟
قالوا : لأن التوحيد هو جعل الأعيان واحدة ، ومعنى ذلك أن الخالق هو عين المخلوق ، أما أن تقول خالق ومخلوق فما وحدت ، وإنما ثنيت ، أنت ثنيت الآن عندما تقول واحد اثنان ، خالق مخلوق ، فالخالق عين المخلوق وهذا حقيقة التوحيد ، صحيح هذا الكلام .؟
غير صحيح . لكن اشتبه عليهم معنى التوحيد فأخطأوا في فهمه ثم فسروه حسب ما فهموه .
فهؤلاء يقول المؤلف ردا عليهم : " مَعَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ أَبْعَدَ عَنْ مُمَاثَلَة شَيْءٍ ، وَأَنْ يَكُونَ إيَّاهُ أَوْ مُتَّحِدًا بِهِ أَوْ حَالًّا فِيهِ مِنْ الْخَالِقِ مَعَ الْمَخْلُوقِ " أنت لو قلت مثلا الأخ ما هو اسمك .؟
الطالب : بدر الدين .
الشيخ : بدر الدين لو قلت أن بوذا هو بدر الدين ، هو عينه بدر الدين ، وأنك إذا ضربت بوذا الذي يقول أح بدر الدين ، لو قيل هذا لكان أقرب إلى المعقول من أن تقول الإنسان هو الخالق أو لا .؟ أو أن الإنسان هو الخالق هو السموات والأرض والنجوم والشمس والقمر ، أيهم أبعد .؟ الأول ، الذي نحن قلنا أن بوذا هو بدر الدين أو الثاني الذي نقول أن الخالق هو السموات والأرض والمخلوق والبعير وكل شيء ، أيهم .؟ الثاني أبعد ، لأن الأولين من جنس ، وكم رأينا من اثنين يخرجون من بطن واحد ، وكم رأينا من اثنين متلاصقين ، لكن خالق ومخلوق بينهما من التباين ، الكبير الذي ما يمكن أن يعقل شيئا ، أشد تباينا من تباين الخالق مع المخلوق ، ومع ذلك اشتبه على هؤلاء الجماعة أهل وحدة الوجود ، وظنوا أن حقيقة التوحيد أن تجعل الخالق عين المخلوق ، ولا شك أن هذا من أشد الضلالات والعياذ بالله .
والحاصل أن التشابه الخاص الذي وصف به بعض القرآن هو مزلة الأقدام ، ومضلة الأفهام ، هو الذي تزل به الأقدام وتضل فيه الأفهام ويظن فيه الباطل حقا والحق باطلا ، الذي هو التشابه .؟ لأن التشابه الخاص هو خفاء المعنى بحيث يكون اللفظ مشابها لغيره من وجه ومخالفا له من وجه آخر ، فيأتي الإنسان الخاطئ ويلحق ما ليس مثله بما ليس مثله ، ويفرق بين المتماثلين .
ثم قال : " فَمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْخَالِقِ بِوُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا حَتَّى ظَنُّوا وُجُودَهَا وُجُودَهُ ، فَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ ضَلَالًا مِنْ جِهَةِ الِاشْتِبَاهِ . وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ فَرَأَوْا الْوُجُودَ وَاحِدًا وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ وَالْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ " .
بينهما فرق الواحد بالنوع قد تتحد أمور كثيرة في نوع واحد ، كلنا الآن مشتركون بنوع واحد على أننا إنسان ومن بني آدم ، لكن واحد بالعين متوحدين أو لا .؟ نحن واحد بالعين .؟ لا ، فيجب أن نفرق بين الواحد بالعين والواحد بالنوع ، الخالق موجود المخلوق موجود، إذاً هما في نوع الوجود متحدان ، لكن في عين الموجود .؟ غير متحدين . فاشتبه على بعض الناس ، اشتبهت الوحدة بالنوع مع الوحدة بالعين ، فجعلوا هذا هو هذا ، ومعلوم الفرق بينهما .
الطالب : اسم الموجود ... .
الشيخ : لا ، هذه موجودة في مسألة الموجودات ، كلها موجودة ، كل يشترك في أن هذا موجود ، لأننا عندنا موجود ، وقسيمه .؟ معدوم ، الموجودات تشترك في نوع الوجود ، لكن في أعيانها تختلف أو لا .؟ تختلف ما فيه شك تختلف اختلافا واضحا .
يقول : " وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ وَالْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ ، وَآخَرُونَ تَوَهَّمُوا أَنَّهُ إذَا قِيلَ : الْمَوْجُودَاتُ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ لَزِمَ التَّشْبِيهُ وَالتَّرْكِيبُ فَقَالُوا : لَفْظُ الْوُجُودِ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ فَخَالَفُوا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ مَعَ اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِمْ مِنْ أَنَّ الْوُجُودَ يَنْقَسِمُ إلَى قَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِ الْمَوْجُودَاتِ " .
هذا أيضا خطأ ثاني ، وهو أنهم ظنوا ـ بلفظ المعنى أخطأوا ـ ظنوا أن لفظ الوجود مشترك اشتركاً لفظياً بحيث يشمل وجود الخالق ووجود المخلوق على حد سواء ، وإن اختلف الخالق عن المخلوق، ولكن هؤلاء قد أخطأوا لأننا نعلم أن في الموجود ما هو قديم وما هو حادث .
ثم قال : " وَطَائِفَةٌ ظَنَّتْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَوْجُودَاتُ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْأَذْهَانِ مَوْجُودٌ مُشْتَرَكٌ فِيهِ وَزَعَمُوا أَنَّ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْأَذْهَانِ كُلِّيَّاتٍ مُطْلَقَةً مِثْلَ وُجُودٍ مُطْلَقٍ وَحَيَوَانٍ مُطْلَقٍ وَجِسْمٍ مُطْلَقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَخَالَفُوا الْحِسَّ وَالْعَقْلَ وَالشَّرْعَ وَجَعَلُوا مَا فِي الْأَذْهَانِ ثَابِتًا فِي الْأَعْيَانِ ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ نَوْعِ الِاشْتِبَاهِ " ترى هذا سبق الكلام عليه يا جماعة ، ما تذكرون أن بعض من أنكر صفات الله قالوا يلزم أنه إذا كان الله موجودا أن يكون مشابها للموجودات ، حيث ظنوا أن هناك موجود مطلق تشترك فيه الموجودات ، فهذا الأخير يشير إلى مذهب المعتزلة .
قال : " وَمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْأُمُورِ وَإِنْ اشْتَرَكَتْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، وَعَلِمَ مَا بَيْنَهُمَا " ما بينها الظاهر . وش عندك .؟
الطالب : " ما بينهما " .
الشيخ : فيها ميم وألف ، أو ما بينها .؟ الذي يظهر : ما بينها أحسن .
يقول : " فَرَّقَ بَيْنَ الْأُمُورِ وَإِنْ اشْتَرَكَتْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، وَعَلِمَ مَا بَيْنَها " أي بين الأمور ، ما بينها صلحوا " مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ وَالتَّشَابُهِ وَالِاخْتِلَافِ ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَضِلُّونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ لِأَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْكَمِ الْفَارِقِ الَّذِي يُبَيِّنُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَصْلِ وَالِافْتِرَاقِ " ثم أتى المؤلف بمثال ، فقال :
" وَهَذَا كَمَا أَنَّ لَفْظَ " إنَّا " وَ" نَحْنُ " وَغَيْرُهُمَا مِنْ صِيَغِ الْجَمْعِ يَتَكَلَّمُ بِهَا الْوَاحِدُ لَهُ شُرَكَاءُ فِي الْفِعْلِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِهَا الْوَاحِدُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُ صِفَاتٌ تَقُومُ كُلُّ صِفَةٍ مَقَامَ وَاحِدٍ ، وَلَهُ أَعْوَانٌ تَابِعُونَ لَهُ لَا شُرَكَاءَ لَهُ ، فَإِذَا تَمَسَّكَ النَّصْرَانِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) وَنَحْوَهُ عَلَى تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ كَانَ الْمُحْكَمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (( وَإِلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ )) ".
هذا مثال : مثل " إنا " و " نحن " عندما يقول واحد منكم : نحن فاهمون للدرس ، فإن ذلك يقتضي التعدد ، يعني نحن كل من في الفصل وهذا متعدد بلا شك ، عندما يقول الملك : إنا سنفعل كذا إننا سنقتل فلانا المجرم ، يقصد هو وأعوانه أو لا .؟ لأنه معروف أن الملك ليس لازما بالسيف يقتل هذا الرجل يعني بأعوانه .
يقول الله تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) يقول النصراني : إنا جمع نحن جمع نزلنا جمع ، إذاً فالله ثالث ثلاثة ، وهذا اشتباه أو لا.؟ اشتبه عليه هذا الضمير الجمع بأنه يلزم من تعدد الآلهة فقال إن الله ثالث ثلاثة .
طيب نقول عندنا آية محكمه : (( وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )) هذه الآية محكمة أو لا .؟
شف النصراني في قلبه زيغ فتبع المتشابه ، والراسخون في العلم قالوا عندنا آية محكمة يجب أن ترد إليها المتشابه : (( وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )) .
" وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا يُزِيلُ مَا هُنَاكَ مِنْ الِاشْتِبَاهِ ، وَكَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ مُبَيِّنًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْعَظَمَةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَطَاعَةِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ."
يعني إذا قال تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) كيف قال : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) وهو واحد .؟ نقول : لأنه له من الصفات العظيمة التي تكون كل صفة بمنزلة واحد ، مما جعله يقول : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر )). ولهذا قال : " وَيَتَكَلَّمُ بِهَا الْوَاحِدُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُ صِفَاتٌ تَقُومُ كُلُّ صِفَةٍ مَقَامَ وَاحِدٍ " فالله تعالى له صفات عظيمة ، فهو عظم نفسه لما له من الصفات .
يقول : " وَقَدْ وَقَعَ بَنُو آدَمَ فِي عَامَّةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الْكَلَامُ " يعني كلام الإمام أحمد " مِنْ أَنْوَاعِ الضَّلَالَاتِ حَتَّى آلَ الْأَمْرُ إلَى مَنْ يَدَّعِي التَّحْقِيقَ وَالتَّوْحِيدَ وَالْعِرْفَانَ مِنْهُمْ إلَى أَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ وُجُودُ الرَّبِّ بِوُجُودِ كُلِّ مَوْجُودٍ ، فَظَنُّوا أَنَّهُ هُوَ ، فَجَعَلُوا وُجُودَ الْمَخْلُوقَاتِ عَيْنَ وُجُودِ الْخَالِقِ " .
شف هذا والعياذ بالله ، هذا من أبعد الضلال ، شف كيف اشتبه على هؤلاء ! قالوا : نحن نريد أن نوحد نحن أهل التوحيد . توحيد الخالق بما يجب له .؟ لا ، التوحيد بين الخالق والمخلوق ، وجعلوهما واحدا، شف كيف الخطأ العظيم منهم ، هم يدعون أنهم هم أهل التوحيد والتحقيق ، قالوا نعم نحن الموحد ليس أنتم ، ليش .؟
قالوا : لأن التوحيد هو جعل الأعيان واحدة ، ومعنى ذلك أن الخالق هو عين المخلوق ، أما أن تقول خالق ومخلوق فما وحدت ، وإنما ثنيت ، أنت ثنيت الآن عندما تقول واحد اثنان ، خالق مخلوق ، فالخالق عين المخلوق وهذا حقيقة التوحيد ، صحيح هذا الكلام .؟
غير صحيح . لكن اشتبه عليهم معنى التوحيد فأخطأوا في فهمه ثم فسروه حسب ما فهموه .
فهؤلاء يقول المؤلف ردا عليهم : " مَعَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ أَبْعَدَ عَنْ مُمَاثَلَة شَيْءٍ ، وَأَنْ يَكُونَ إيَّاهُ أَوْ مُتَّحِدًا بِهِ أَوْ حَالًّا فِيهِ مِنْ الْخَالِقِ مَعَ الْمَخْلُوقِ " أنت لو قلت مثلا الأخ ما هو اسمك .؟
الطالب : بدر الدين .
الشيخ : بدر الدين لو قلت أن بوذا هو بدر الدين ، هو عينه بدر الدين ، وأنك إذا ضربت بوذا الذي يقول أح بدر الدين ، لو قيل هذا لكان أقرب إلى المعقول من أن تقول الإنسان هو الخالق أو لا .؟ أو أن الإنسان هو الخالق هو السموات والأرض والنجوم والشمس والقمر ، أيهم أبعد .؟ الأول ، الذي نحن قلنا أن بوذا هو بدر الدين أو الثاني الذي نقول أن الخالق هو السموات والأرض والمخلوق والبعير وكل شيء ، أيهم .؟ الثاني أبعد ، لأن الأولين من جنس ، وكم رأينا من اثنين يخرجون من بطن واحد ، وكم رأينا من اثنين متلاصقين ، لكن خالق ومخلوق بينهما من التباين ، الكبير الذي ما يمكن أن يعقل شيئا ، أشد تباينا من تباين الخالق مع المخلوق ، ومع ذلك اشتبه على هؤلاء الجماعة أهل وحدة الوجود ، وظنوا أن حقيقة التوحيد أن تجعل الخالق عين المخلوق ، ولا شك أن هذا من أشد الضلالات والعياذ بالله .
والحاصل أن التشابه الخاص الذي وصف به بعض القرآن هو مزلة الأقدام ، ومضلة الأفهام ، هو الذي تزل به الأقدام وتضل فيه الأفهام ويظن فيه الباطل حقا والحق باطلا ، الذي هو التشابه .؟ لأن التشابه الخاص هو خفاء المعنى بحيث يكون اللفظ مشابها لغيره من وجه ومخالفا له من وجه آخر ، فيأتي الإنسان الخاطئ ويلحق ما ليس مثله بما ليس مثله ، ويفرق بين المتماثلين .
ثم قال : " فَمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْخَالِقِ بِوُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا حَتَّى ظَنُّوا وُجُودَهَا وُجُودَهُ ، فَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ ضَلَالًا مِنْ جِهَةِ الِاشْتِبَاهِ . وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ فَرَأَوْا الْوُجُودَ وَاحِدًا وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ وَالْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ " .
بينهما فرق الواحد بالنوع قد تتحد أمور كثيرة في نوع واحد ، كلنا الآن مشتركون بنوع واحد على أننا إنسان ومن بني آدم ، لكن واحد بالعين متوحدين أو لا .؟ نحن واحد بالعين .؟ لا ، فيجب أن نفرق بين الواحد بالعين والواحد بالنوع ، الخالق موجود المخلوق موجود، إذاً هما في نوع الوجود متحدان ، لكن في عين الموجود .؟ غير متحدين . فاشتبه على بعض الناس ، اشتبهت الوحدة بالنوع مع الوحدة بالعين ، فجعلوا هذا هو هذا ، ومعلوم الفرق بينهما .
الطالب : اسم الموجود ... .
الشيخ : لا ، هذه موجودة في مسألة الموجودات ، كلها موجودة ، كل يشترك في أن هذا موجود ، لأننا عندنا موجود ، وقسيمه .؟ معدوم ، الموجودات تشترك في نوع الوجود ، لكن في أعيانها تختلف أو لا .؟ تختلف ما فيه شك تختلف اختلافا واضحا .
يقول : " وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ وَالْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ ، وَآخَرُونَ تَوَهَّمُوا أَنَّهُ إذَا قِيلَ : الْمَوْجُودَاتُ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ لَزِمَ التَّشْبِيهُ وَالتَّرْكِيبُ فَقَالُوا : لَفْظُ الْوُجُودِ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ فَخَالَفُوا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ مَعَ اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِمْ مِنْ أَنَّ الْوُجُودَ يَنْقَسِمُ إلَى قَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِ الْمَوْجُودَاتِ " .
هذا أيضا خطأ ثاني ، وهو أنهم ظنوا ـ بلفظ المعنى أخطأوا ـ ظنوا أن لفظ الوجود مشترك اشتركاً لفظياً بحيث يشمل وجود الخالق ووجود المخلوق على حد سواء ، وإن اختلف الخالق عن المخلوق، ولكن هؤلاء قد أخطأوا لأننا نعلم أن في الموجود ما هو قديم وما هو حادث .
ثم قال : " وَطَائِفَةٌ ظَنَّتْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَوْجُودَاتُ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْأَذْهَانِ مَوْجُودٌ مُشْتَرَكٌ فِيهِ وَزَعَمُوا أَنَّ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْأَذْهَانِ كُلِّيَّاتٍ مُطْلَقَةً مِثْلَ وُجُودٍ مُطْلَقٍ وَحَيَوَانٍ مُطْلَقٍ وَجِسْمٍ مُطْلَقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَخَالَفُوا الْحِسَّ وَالْعَقْلَ وَالشَّرْعَ وَجَعَلُوا مَا فِي الْأَذْهَانِ ثَابِتًا فِي الْأَعْيَانِ ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ نَوْعِ الِاشْتِبَاهِ " ترى هذا سبق الكلام عليه يا جماعة ، ما تذكرون أن بعض من أنكر صفات الله قالوا يلزم أنه إذا كان الله موجودا أن يكون مشابها للموجودات ، حيث ظنوا أن هناك موجود مطلق تشترك فيه الموجودات ، فهذا الأخير يشير إلى مذهب المعتزلة .
قال : " وَمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْأُمُورِ وَإِنْ اشْتَرَكَتْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، وَعَلِمَ مَا بَيْنَهُمَا " ما بينها الظاهر . وش عندك .؟
الطالب : " ما بينهما " .
الشيخ : فيها ميم وألف ، أو ما بينها .؟ الذي يظهر : ما بينها أحسن .
يقول : " فَرَّقَ بَيْنَ الْأُمُورِ وَإِنْ اشْتَرَكَتْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، وَعَلِمَ مَا بَيْنَها " أي بين الأمور ، ما بينها صلحوا " مِنْ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ وَالتَّشَابُهِ وَالِاخْتِلَافِ ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَضِلُّونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ لِأَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْكَمِ الْفَارِقِ الَّذِي يُبَيِّنُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَصْلِ وَالِافْتِرَاقِ " ثم أتى المؤلف بمثال ، فقال :
" وَهَذَا كَمَا أَنَّ لَفْظَ " إنَّا " وَ" نَحْنُ " وَغَيْرُهُمَا مِنْ صِيَغِ الْجَمْعِ يَتَكَلَّمُ بِهَا الْوَاحِدُ لَهُ شُرَكَاءُ فِي الْفِعْلِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِهَا الْوَاحِدُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُ صِفَاتٌ تَقُومُ كُلُّ صِفَةٍ مَقَامَ وَاحِدٍ ، وَلَهُ أَعْوَانٌ تَابِعُونَ لَهُ لَا شُرَكَاءَ لَهُ ، فَإِذَا تَمَسَّكَ النَّصْرَانِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) وَنَحْوَهُ عَلَى تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ كَانَ الْمُحْكَمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (( وَإِلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ )) ".
هذا مثال : مثل " إنا " و " نحن " عندما يقول واحد منكم : نحن فاهمون للدرس ، فإن ذلك يقتضي التعدد ، يعني نحن كل من في الفصل وهذا متعدد بلا شك ، عندما يقول الملك : إنا سنفعل كذا إننا سنقتل فلانا المجرم ، يقصد هو وأعوانه أو لا .؟ لأنه معروف أن الملك ليس لازما بالسيف يقتل هذا الرجل يعني بأعوانه .
يقول الله تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) يقول النصراني : إنا جمع نحن جمع نزلنا جمع ، إذاً فالله ثالث ثلاثة ، وهذا اشتباه أو لا.؟ اشتبه عليه هذا الضمير الجمع بأنه يلزم من تعدد الآلهة فقال إن الله ثالث ثلاثة .
طيب نقول عندنا آية محكمه : (( وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )) هذه الآية محكمة أو لا .؟
شف النصراني في قلبه زيغ فتبع المتشابه ، والراسخون في العلم قالوا عندنا آية محكمة يجب أن ترد إليها المتشابه : (( وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )) .
" وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا يُزِيلُ مَا هُنَاكَ مِنْ الِاشْتِبَاهِ ، وَكَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ مُبَيِّنًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْعَظَمَةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَطَاعَةِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ."
يعني إذا قال تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) كيف قال : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) وهو واحد .؟ نقول : لأنه له من الصفات العظيمة التي تكون كل صفة بمنزلة واحد ، مما جعله يقول : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر )). ولهذا قال : " وَيَتَكَلَّمُ بِهَا الْوَاحِدُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُ صِفَاتٌ تَقُومُ كُلُّ صِفَةٍ مَقَامَ وَاحِدٍ " فالله تعالى له صفات عظيمة ، فهو عظم نفسه لما له من الصفات .