تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " لإمكان أن يكون له معنى صحيح وذلك المعنى الصحيح : لا يخالف الظاهر المعلوم لنا فإنه لا ظاهر له على قولهم فلا تكون دلالته على ذلك المعنى دلالة على خلاف الظاهر فلا يكون تأويلا ولا يجوز نفي دلالته على معان لا نعرفها على هذا التقدير . فإن تلك المعاني التي دل عليها قد لا نكون عارفين بها ولأنا إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله فلأن لا نعرف المعاني التي لم يدل عليها اللفظ أولى ; لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعاره بما لا يراد به ; فإذا كان اللفظ لا إشعار له بمعنى من المعاني ولا يفهم منه معنى أصلا لم يكن مشعرا بما أريد به فلأن لا يكون مشعرا بما لم يرد به أولى فلا يجوز أن يقال : إن هذا اللفظ متأول بمعنى أنه مصروف عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح فضلا عن أن يقال : إن هذا التأويل لا يعلمه إلا الله . اللهم إلا أن يراد بالتأويل ما يخالف " . حفظ
الشيخ : " ... لَإمَكَانَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ وَذَلِكَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ الْمَعْلُومَ لَنَا ، فَإِنَّهُ لَا ظَاهِرَ لَهُ عَلَى قَوْلِهِمْ فَلَا تَكُونُ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى دَلَالَةً عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَلَا يَكُونُ تَأْوِيلًا ".
والكلام مثل ما قلنا في الأول ، بالتقسيم ، تقسم حتى تنحصر الأقسام ، وحينئذ يتبين لك الموضوع .
" وَلَا يَجُوزُ نَفْيُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ "
الطالب : " وَلَا يَجُوزُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ "
الشيخ : الظاهر أن الذي عندك أحسن : " وَلَا يَجُوزُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ " يعني على تقدير أنه غير مفهوم لنا ، إذا قدرنا أنه غير مفهوم لنا فإنه لا يجوز أن تقول أنه دال على معان لا نعرفها ، لأن الذي يقول إن له معنى لا يعلمه إلا الله وش يقول .؟ إنه دل على معان لكنها ليست معروفة ، وهو إذا كان مفهوما لا يمكن أن نقول هذا على تقدير أنه ليس بمفهوم . طيب الذي عندك يكون أحسن . " نفي " اشطب عليها .
" وَلَا يَجُوزُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، فَإِنَّ تِلْكَ الْمَعَانِيَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا قَدْ لَا نَكُونُ عَارِفِينَ بِهَا وَلِأَنّنَّا إذَا لَمْ نَفْهَمْ اللَّفْظَ وَمَدْلُولَهُ فَلِأَنْ لَا نَعْرِفَ الْمَعَانِيَ الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ أَوْلَى ، لِأَنَّ إشْعَارَ اللَّفْظِ بِمَا يُرَادُ بِهِ أَقْوَى مِنْ إشْعَارِهِ بِمَا لَا يُرَادُ بِهِ " كل هذا في الحقيقة كلام رزين لكن يحتاج إلى تأمل ، فأنتم يجب أن تتأملوه أولا ، والآن نشرح هذا المعنى :
يقول تلك المعاني التي دل عليها قد لا نكون عارفين بها ، وش يقابل هذا التقسيم .؟ وقد نكون عارفين به ، ولكن إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله على زعمهم أن في القرآن ما ليس مفهوم ، وأن التأويل منتفي ، إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله فلأن لا نعرف المعاني التي لم يدل عليها اللفظ أولى ، إذا صار أنك ما تفهم اللفظ ولا تفهم معناه فالمعاني التي ما دل عليها أولى أن تكون مجهولة عندك ، لأنه مادام أن اللفظ لا تفهمه ولا تفهم معناه المراد به ، فكيف تفهم شيئا لا يدل عليه اللفظ .؟ فامتناع فهم ما دل عليه اللفظ دليل على امتناع فهم ما لم يدل عليه ، لماذا .؟ قال : " لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعاره بما لا يراد به " وهذا معنى صحيح ، وكلام معقول .
الطالب : ... .
الشيخ : إشعار اللفظ بما يراد به ، يعني دلالته على ما يراد به أقوى من دلالته على ما لا يرد به . فإذا كنت الآن تقول : له معان لا يعلمها إلا الله ، مع أن اللفظ ذو معنى ، فأنت الآن ادّعيت أنك تعلم شيئا يخالف الظاهر وحكمت عليه بأنه لا يعلمه إلا الله . فنفيت دلالة اللفظ الذي يشعر بها اللفظ وأثبت دلالة لا يشعر بها اللفظ ، هذا كلام المؤلف .
يقول : " فَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ لَا إشْعَارَ لَهُ بِمَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنًى أَصْلًا لَمْ يَكُنْ مُشْعِرًا بِمَا أُرِيدَ بِهِ فَلَأَنْ لَا يَكُونَ مُشْعِرًا بِمَا لَمْ يُرَدْ بِهِ أَوْلَى ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُتَأَوَّلٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ : إنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ " رحمه الله جيد جدا هذا . خلاصة القول الآن ، التي أريد أن تفهموها ، ويمكنكم أن تحللوا ألفاظ المؤلف إليه ، أن الذين ينكرون التأويل مطلقا ، ينفون التأويل مطلقا مخطئون أو مصيبون .؟ مخطئون ، لأنهم ينفون التأويل ثم يتناقضون فيقولون إن لهذه الألفاظ تأويلا لا يعلمه إلا الله ، نقول لهم كيف تقولون إنكم لا تفهمون الآن المتشابه ثم تدعون أن له تأويلا لا يعلمه إلا الله .؟ هذا خلاف المعقول ، تناقض ، لأن من حكم بأن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله فقد أثبت لها فهما ، لكنه حمله على أمر لا يدل عليه لفظها ، حيث إنه قال لا يعلمها إلا الله ، فنقول له : إذا أنك ترى أن التأويل منتف فيكف تقول إن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله و لأنك إذا كنت غير عالم به ، فكيف تحكم بأنه معلوم ولا يعلمه إلا الله ، فهذا من التناقض البين .
قال : " اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ الْمُخْتَصُّ بِالْخَلْقِ" إذا أرد هذا التأويل ونفى التأويل مريداً به هذا المعنى فكلامه صحيح أو لا .؟ إذا قال أنا أقول : آيات الصفات ليس لها تأويل بمعنى أنه لا يراد بها ما يختص بالمخلوق ، نقول له كلامك صحيح ، كلامك حق ، لأن هذه الآيات لا يراد بظاهرها ما يختص بالمخلوق.
" فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ هَذَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ . لَكِنْ إذَا قَالَ هَؤُلَاءِ : أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ أَوْ أَنَّهَا تُجْرِي عَلَى الْمَعَانِي الظَّاهِرَةِ مِنْهَا كَانُوا مُتَنَاقِضِينَ ".
لأنه كيف يقول : لها تأويل لا يعلمه إلا الله ثم يقول تُجرى على خلاف الظاهر ، هذا أيضاً تناقض ، إذا كان أنك تقول لها تأويل لا يعلمه إلا الله فلا تقول تجرى على خلاف الظاهر ، إذ أنه من الجائز أن يكون ظاهرها هو التأويل الذي يعلمه الله ، فكيف تنفي .؟ هذا تناقض ، ولكن الظاهر أن نتكلم وكأننا عجم بين عرب أو عربي بين عجم ، أنا أتصور أنكم ما فهمتم .
الطالب : ... لها تأويل لا يعلمه إلا الله ، قلت هذا تناقض .؟
الشيخ : لا ، ليس لها مفهوم تأويل ، ثم يقول لها تأويل لا يعلمه إلا الله ، نعم نقول هذا تناقض واضح ، لأنه إذا قال : إنها غير مفهومة لنا فكيف يقول إن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله ، لأن الذي يثبت له تأويلا معناه أنه فاهم ، وعارف أنه ما تدل على هذا المعنى ، فإذا كان يعرف أنه ما تدل على هذا المعنى وإنما تدل على معنى لا يعلمه إلا الله ، فهي مفهومة عنده .
هو قصده هذا اللفظ له تأويل ما يعلمه إلا الله ، وش يصر له تأويل ما يعلمه إلا الله .؟ ليس الكلام مراد بظاهره ، فإذا قال : له تأويل لا يعلمه إلا الله عرفنا ، قلنا الآن أنت تناقضت ... الآن تقول لها معنى لا يعلمه إلا الله ... لو أجريتها على ظاهرها لكان ذلك باطلا ، ولهذا قلت لها تأويل لا يعلمه إلا الله ، إذا أنت متناقض .
إذا يقول المؤلف : إذا أراد بالتأويل مخالفة الظاهر لما يختص به المخلوقين فهذا حق ، لكنهم لا يريدون ذلك ، هم يريدون بالتأويل الذي لا يعلمه إلا الله المعنى الحقيقي ، ولذلك ينكرون المعنى الحقيقي .
قال : " فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ هَذَا " وش قصده بأَنَّ مَنْ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ هَذَا .؟ يعني ما يختص به الخلق " لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ ، لَكِنْ إذَا قَالَ هَؤُلَاءِ : إنَّهُ لَيْسَ لَهَا تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ أَوْ أَنَّهَا تُجرِي عَلَى الْمَعَانِي الظَّاهِرَةِ مِنْهَا كَانُوا مُتَنَاقِضِينَ " لكن إذا قال هؤلاء ، وهل قالوا .؟ لا ، هم لا يقولون ذلك ، بل يقولون إن لها معنى يخالف الظاهر لا يعلمه إلا الله .
" وَإِنْ أَرَادُوا بِالظَّاهِرِ هُنَا مَعْنًى وَهُنَاكَ مَعْنًى فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَانَ تَلْبِيسًا " يعني إن أرادوا بالظاهر ما يختص بالمخلوق في موضع ، وأرادوا بالظاهر المعنى الذي يليق بالله في موضع ، ثم نفوا الظاهر مطلقا صاروا ملبسين لأن الواجب التفصيل .
" وَإِنْ أَرَادُوا بِالظَّاهِرِ مُجَرَّدَ اللَّفْظِ أَيْ تَجْرِى عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ لِمَعْنَاهُ كَانَ إبْطَالُهُمْ لِلتَّأْوِيلِ أَوْ إثْبَاتُهُ تَنَاقُضًا " مثل ما قلنا قبل قليل " لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ تَأْوِيلًا أَوْ نَفَاهُ فَقَدْ فَهِمَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي . وَبِهَذَا التَّقْسِيمِ يَتَبَيَّنُ تَنَاقُضُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ نفاة الصِّفَاتِ وَمُثْبِتِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ . "
الطالب : ... .
الشيخ : أن تجرى يعني توضيح ... الله يعيننا وإياكم ... .
والكلام مثل ما قلنا في الأول ، بالتقسيم ، تقسم حتى تنحصر الأقسام ، وحينئذ يتبين لك الموضوع .
" وَلَا يَجُوزُ نَفْيُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ "
الطالب : " وَلَا يَجُوزُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ "
الشيخ : الظاهر أن الذي عندك أحسن : " وَلَا يَجُوزُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ " يعني على تقدير أنه غير مفهوم لنا ، إذا قدرنا أنه غير مفهوم لنا فإنه لا يجوز أن تقول أنه دال على معان لا نعرفها ، لأن الذي يقول إن له معنى لا يعلمه إلا الله وش يقول .؟ إنه دل على معان لكنها ليست معروفة ، وهو إذا كان مفهوما لا يمكن أن نقول هذا على تقدير أنه ليس بمفهوم . طيب الذي عندك يكون أحسن . " نفي " اشطب عليها .
" وَلَا يَجُوزُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعَانٍ لَا نَعْرِفُهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، فَإِنَّ تِلْكَ الْمَعَانِيَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا قَدْ لَا نَكُونُ عَارِفِينَ بِهَا وَلِأَنّنَّا إذَا لَمْ نَفْهَمْ اللَّفْظَ وَمَدْلُولَهُ فَلِأَنْ لَا نَعْرِفَ الْمَعَانِيَ الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ أَوْلَى ، لِأَنَّ إشْعَارَ اللَّفْظِ بِمَا يُرَادُ بِهِ أَقْوَى مِنْ إشْعَارِهِ بِمَا لَا يُرَادُ بِهِ " كل هذا في الحقيقة كلام رزين لكن يحتاج إلى تأمل ، فأنتم يجب أن تتأملوه أولا ، والآن نشرح هذا المعنى :
يقول تلك المعاني التي دل عليها قد لا نكون عارفين بها ، وش يقابل هذا التقسيم .؟ وقد نكون عارفين به ، ولكن إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله على زعمهم أن في القرآن ما ليس مفهوم ، وأن التأويل منتفي ، إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله فلأن لا نعرف المعاني التي لم يدل عليها اللفظ أولى ، إذا صار أنك ما تفهم اللفظ ولا تفهم معناه فالمعاني التي ما دل عليها أولى أن تكون مجهولة عندك ، لأنه مادام أن اللفظ لا تفهمه ولا تفهم معناه المراد به ، فكيف تفهم شيئا لا يدل عليه اللفظ .؟ فامتناع فهم ما دل عليه اللفظ دليل على امتناع فهم ما لم يدل عليه ، لماذا .؟ قال : " لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعاره بما لا يراد به " وهذا معنى صحيح ، وكلام معقول .
الطالب : ... .
الشيخ : إشعار اللفظ بما يراد به ، يعني دلالته على ما يراد به أقوى من دلالته على ما لا يرد به . فإذا كنت الآن تقول : له معان لا يعلمها إلا الله ، مع أن اللفظ ذو معنى ، فأنت الآن ادّعيت أنك تعلم شيئا يخالف الظاهر وحكمت عليه بأنه لا يعلمه إلا الله . فنفيت دلالة اللفظ الذي يشعر بها اللفظ وأثبت دلالة لا يشعر بها اللفظ ، هذا كلام المؤلف .
يقول : " فَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ لَا إشْعَارَ لَهُ بِمَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنًى أَصْلًا لَمْ يَكُنْ مُشْعِرًا بِمَا أُرِيدَ بِهِ فَلَأَنْ لَا يَكُونَ مُشْعِرًا بِمَا لَمْ يُرَدْ بِهِ أَوْلَى ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُتَأَوَّلٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ : إنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ " رحمه الله جيد جدا هذا . خلاصة القول الآن ، التي أريد أن تفهموها ، ويمكنكم أن تحللوا ألفاظ المؤلف إليه ، أن الذين ينكرون التأويل مطلقا ، ينفون التأويل مطلقا مخطئون أو مصيبون .؟ مخطئون ، لأنهم ينفون التأويل ثم يتناقضون فيقولون إن لهذه الألفاظ تأويلا لا يعلمه إلا الله ، نقول لهم كيف تقولون إنكم لا تفهمون الآن المتشابه ثم تدعون أن له تأويلا لا يعلمه إلا الله .؟ هذا خلاف المعقول ، تناقض ، لأن من حكم بأن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله فقد أثبت لها فهما ، لكنه حمله على أمر لا يدل عليه لفظها ، حيث إنه قال لا يعلمها إلا الله ، فنقول له : إذا أنك ترى أن التأويل منتف فيكف تقول إن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله و لأنك إذا كنت غير عالم به ، فكيف تحكم بأنه معلوم ولا يعلمه إلا الله ، فهذا من التناقض البين .
قال : " اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ الْمُخْتَصُّ بِالْخَلْقِ" إذا أرد هذا التأويل ونفى التأويل مريداً به هذا المعنى فكلامه صحيح أو لا .؟ إذا قال أنا أقول : آيات الصفات ليس لها تأويل بمعنى أنه لا يراد بها ما يختص بالمخلوق ، نقول له كلامك صحيح ، كلامك حق ، لأن هذه الآيات لا يراد بظاهرها ما يختص بالمخلوق.
" فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ هَذَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ . لَكِنْ إذَا قَالَ هَؤُلَاءِ : أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ أَوْ أَنَّهَا تُجْرِي عَلَى الْمَعَانِي الظَّاهِرَةِ مِنْهَا كَانُوا مُتَنَاقِضِينَ ".
لأنه كيف يقول : لها تأويل لا يعلمه إلا الله ثم يقول تُجرى على خلاف الظاهر ، هذا أيضاً تناقض ، إذا كان أنك تقول لها تأويل لا يعلمه إلا الله فلا تقول تجرى على خلاف الظاهر ، إذ أنه من الجائز أن يكون ظاهرها هو التأويل الذي يعلمه الله ، فكيف تنفي .؟ هذا تناقض ، ولكن الظاهر أن نتكلم وكأننا عجم بين عرب أو عربي بين عجم ، أنا أتصور أنكم ما فهمتم .
الطالب : ... لها تأويل لا يعلمه إلا الله ، قلت هذا تناقض .؟
الشيخ : لا ، ليس لها مفهوم تأويل ، ثم يقول لها تأويل لا يعلمه إلا الله ، نعم نقول هذا تناقض واضح ، لأنه إذا قال : إنها غير مفهومة لنا فكيف يقول إن لها تأويلا لا يعلمه إلا الله ، لأن الذي يثبت له تأويلا معناه أنه فاهم ، وعارف أنه ما تدل على هذا المعنى ، فإذا كان يعرف أنه ما تدل على هذا المعنى وإنما تدل على معنى لا يعلمه إلا الله ، فهي مفهومة عنده .
هو قصده هذا اللفظ له تأويل ما يعلمه إلا الله ، وش يصر له تأويل ما يعلمه إلا الله .؟ ليس الكلام مراد بظاهره ، فإذا قال : له تأويل لا يعلمه إلا الله عرفنا ، قلنا الآن أنت تناقضت ... الآن تقول لها معنى لا يعلمه إلا الله ... لو أجريتها على ظاهرها لكان ذلك باطلا ، ولهذا قلت لها تأويل لا يعلمه إلا الله ، إذا أنت متناقض .
إذا يقول المؤلف : إذا أراد بالتأويل مخالفة الظاهر لما يختص به المخلوقين فهذا حق ، لكنهم لا يريدون ذلك ، هم يريدون بالتأويل الذي لا يعلمه إلا الله المعنى الحقيقي ، ولذلك ينكرون المعنى الحقيقي .
قال : " فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ هَذَا " وش قصده بأَنَّ مَنْ أَرَادَ بِالظَّاهِرِ هَذَا .؟ يعني ما يختص به الخلق " لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ ، لَكِنْ إذَا قَالَ هَؤُلَاءِ : إنَّهُ لَيْسَ لَهَا تَأْوِيلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ أَوْ أَنَّهَا تُجرِي عَلَى الْمَعَانِي الظَّاهِرَةِ مِنْهَا كَانُوا مُتَنَاقِضِينَ " لكن إذا قال هؤلاء ، وهل قالوا .؟ لا ، هم لا يقولون ذلك ، بل يقولون إن لها معنى يخالف الظاهر لا يعلمه إلا الله .
" وَإِنْ أَرَادُوا بِالظَّاهِرِ هُنَا مَعْنًى وَهُنَاكَ مَعْنًى فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَانَ تَلْبِيسًا " يعني إن أرادوا بالظاهر ما يختص بالمخلوق في موضع ، وأرادوا بالظاهر المعنى الذي يليق بالله في موضع ، ثم نفوا الظاهر مطلقا صاروا ملبسين لأن الواجب التفصيل .
" وَإِنْ أَرَادُوا بِالظَّاهِرِ مُجَرَّدَ اللَّفْظِ أَيْ تَجْرِى عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ لِمَعْنَاهُ كَانَ إبْطَالُهُمْ لِلتَّأْوِيلِ أَوْ إثْبَاتُهُ تَنَاقُضًا " مثل ما قلنا قبل قليل " لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ تَأْوِيلًا أَوْ نَفَاهُ فَقَدْ فَهِمَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي . وَبِهَذَا التَّقْسِيمِ يَتَبَيَّنُ تَنَاقُضُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ نفاة الصِّفَاتِ وَمُثْبِتِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ . "
الطالب : ... .
الشيخ : أن تجرى يعني توضيح ... الله يعيننا وإياكم ... .