تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القاعدة السادسة أنه لقائل أن يقول : لا بد في هذا الباب من ضابط يعرف به ما يجوز على الله مما لا يجوز في النفي والإثبات إذ الاعتماد في هذا الباب على مجرد نفي التشبيه أو مطلق الإثبات من غير تشبيه ليس بسديد وذلك أنه ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر مميز فالنافي إن اعتمد فيما ينفيه على أن هذا تشبيه قيل له : إن أردت أنه مماثل له من كل وجه فهذا باطل ; وإن أردت أنه مشابه له من وجه دون وجه أو مشارك له في الاسم لزمك هذا في سائر ما تثبته وأنتم إنما أقمتم الدليل على إبطال التشبيه والتماثل الذي فسرتموه بأنه يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر ويمتنع عليه ما يمتنع عليه ويجب له ما يجب له .". حفظ
الشيخ : " الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ : أَنَّهُ لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ : لَا بُدَّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ ضَابِطٍ يُعْرَفُ بِهِ مَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ ، إذْ الِاعْتِمَادُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ أَوْ مُطْلَقِ الْإِثْبَاتِ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ لَيْسَ بِسَدِيدِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْئَيْنِ إلَّا بَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ وَقَدْرٌ مُمَيَّزٌ ".
هذا في الحقيقة المؤلف جاء به بصيغة الاستفهام ، يقول مثلا : هل هناك ضابط يعرف به ما يجوز على الله مما لا يجوز في باب النفي وباب الإثبات .؟ لأنك لو تقول : أنا أثبت من غير تشبيه ، وأنا أنفي من غير تعطيل ، ما يكفي هذا ، لو قلت أثبت لله كذا من غير تشبيه ما يكفي ، كذلك أيضا في النفي ، لو قلت : أنا أنفي عن الله التشبيه وأطلقت ، ما يكفي هذا ، لهذا يقول : " إذْ الِاعْتِمَادُ فِي هَذَا الْبَابِ " باب الأسماء والصفات " عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ أَوْ مُطْلَقِ الْإِثْبَاتِ مِنْ غَيْرِ تَشْبِيهٍ لَيْسَ بِسَدِيدِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْئَيْنِ إلَّا بَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ وَقَدْرٌ مُمَيَّزٌ ". وهذا صحيح ، قدر مشترك مثلاً الحياة لله والحياة للإنسان هذا قدر مشترك . قدر مميز أن حياة الله سبحانه وتعالى كاملة ليس فيها نقص وحياة الإنسان ناقصة .
" فَالنَّافِي إنْ اعْتَمَدَ فِيمَا يَنْفِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ قِيلَ لَهُ : إنْ أَرَدْت أَنَّهُ مُمَاثِلٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَذَا بَاطِلٌ ، وَإِنْ أَرَدْت أَنَّهُ مُشَابِهٌ لَهُ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ أَوْ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الِاسْمِ لَزِمَك هَذَا فِي سَائِرِ مَا تُثْبِتُهُ ، وَأَنْتُمْ إنَّمَا أَقَمْتُمْ الدَّلِيلَ عَلَى إبْطَالِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمَاثُلِ الَّذِي فَسَّرْتُمُوهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا يَجُوزُ عَلَى الْآخَرِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ، وَيَجِبُ لَهُ مَا يَجِبُ لَهُ "
يقول عندنا نفي وعندنا إثبات ، قد يقول قائل : إن الاعتماد على مجرد نفي التشبيه . كأن تقول إن الله لا شبيه له ، لا يكفي هذا في الواقع ، لأنه وش معنى لا شبيه له .؟ هل معناه أنه لا يوجد له أحد مشارك له في كل اسم من أسمائه ولو في أصل المعنى .؟ طبعا لا ، هل تريد أنه ليس له مشابه من كل وجه .؟ طبعا لا ، لأنه فيه مشابهة من وجه دون وجه ، فأصل المعنى متفق ، ولكن حقيقة هذا المعنى بالنسبة لله ولغيره مختلفة .
يقول : " فَالنَّافِي إنْ اعْتَمَدَ فِيمَا يَنْفِيهِ عَلَى أَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ " قال : أنا أنفي هذا لأنه تشبيه ، ما يكفي هذا الاعتماد .
لأن الذين ينكرون الاستواء لماذا ينكرونه .؟ يقولون : إنه تشبيه ، والذين ينكرون اليد لله سبحانه وتعالى ، يقولون : ننكرها لأن إثباتها تشبيه ، وهكذا ، إذا لا يكفي أن تقول يصح في الاعتماد على مجرد التشبيه ، لأن كل ناف ينفي شيئا يدعي أن إثباته تشبيه .
ولهذا يقول : " قِيلَ لَهُ : إنْ أَرَدْت أَنَّهُ مُمَاثِلٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَذَا بَاطِلٌ " يعني إن أردت بقولك أن هذا تشبيه فأنفيه ، أنه مماثل لله من كل وجه فهذا باطل ، والمثال كما قلت مثل لو قال : أنا أنكر أن لله يدا فإن إثباتها تشبيه .
نقول : إن أردت أن ذلك تشبيه للخالق بالمخلوق من كل وجه فهذا باطل ، لأنه لا يقتضي إذا كان لله يد وللإنسان يد أن يكون مشابها له من كل وجه .
" وَإِنْ أَرَدْت أَنَّهُ مُشَابِهٌ لَهُ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ أَوْ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الِاسْمِ لَزِمَك هَذَا فِي سَائِرِ مَا تُثْبِتُهُ " وإذا قلت أنفي اليد لأنها مشابه لله ، وأردت أنه مشابه له من وجه دون وجه ، أو أن المراد بالمشابهة المشاركة في الاسم .
قلنا له : هذا التشبيه الذي اعتمدت في نفي اليد عليه يلزمك فيما تثبته، يثبت القدرة مثلا ، يثبت الحياة يثبت العلم كما مر علينا بالنسبة لمن يثبتون سبع صفات .
نقول : إذا كان أنك تقول أنا أنفي هذا لأن فيه تشبيه من وجه دون وجه . قلنا له : إذا يجب عليك أن تنفي القدرة وتنفي الإرادة وتنفي العلم والحياة ، لأن في ذلك مشابهة من وجه دون وجه أو مشاركة في الاسم دون الحقيقة .
فصار الآن الاعتماد على مجرد نفي التشبيه في تنزيه الله ، صحيح أو غير صحيح .؟ الاعتماد إذا قال قائل : أنا أعتمد في كل ما أنفيه عن الله على نفي التشبيه ، وأقول : أنفي ذلك نفيا لتشبيه الله بالخلق .
نقول له : إن أردت بالمشابهة التي نفيتها واعتمدت في نفي هذه الصفة عليها المشابهة من كل وجه ، هذا باطل ، وش معنى باطل .؟ أنه ما يمكن المشابهة من كل وجه ، المشابهة من كل وجه ما تمكن، وإن أردت المشابهة من بعض الوجوه أو أردت المشاركة في الاسم دون الحقيقة .
قلنا له : إذا يلزمك أن تنفي ما أثبته ، لأن ما أثبته يتضمن التشبيه من وجه دون وجه أو المشاركة في الاسم دون الحقيقة ، مفهوم يا جماعة هذا .؟
طيب ثم قال : " وَأَنْتُمْ " يخاطب من ينكرون ما ينكرون اعتمادا على النفي التشبيه " وَأَنْتُمْ إنَّمَا أَقَمْتُمْ الدَّلِيلَ عَلَى إبْطَالِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمَاثُلِ الَّذِي فَسَّرْتُمُوهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا يَجُوزُ عَلَى الْآخَرِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ، وَيَجِبُ لَهُ مَا يَجِبُ لَهُ " .
هذا التشبيه الذي عند هؤلاء ، يقولون أن التشبيه والتماثل أن يكون الشيئان المتماثلان يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر ، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه ويجب له ما يجب له ، هذا معنى المماثل ، هذا الشيء مماثل للشيء ، إيش معنى مماثل له أي أنه يجوز عليه ما يجوز عليه ، يمتنع عليه ما يمتنع عليه ، ويجب له ما يجب له ، إذاً المماثلة بين الخالق والمخلوق بهذا المعنى هل تمكن أو لا تمكن .؟ لا تمكن ، حتى عندهم التماثل ... بأن التماثل كون الشيئين المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر ، ويمتنع عليه ما يمتنع على الآخر، ويجب له ما يجب الآخر ، هذا شيء لا يمكن ولا ... أرجوا الانتباه .
لأنه مثلاً يجوز على الإنسان الموت ، ولا يجوز على الله ، كذلك يمتنع على الإنسان الدوام ولا يمتنع على الله ، ويجب لله الكمال ولا يجب للإنسان ، فكيف يمكن التماثل بين الخالق والمخلوق بمجرد إثبات يد حقيقة لله عز وجل .؟
فإذن نقول لهؤلاء الذين يعتمدون في نفي ما نفوه من الصفات على مجرد نفي التشبيه ، نقول لهم : إن أردتم المشابهة من كل وجه فهذا باطل ، لأنكم تفسرون المشابهة والتماثل : بأنه يجوز على المتماثلين ما يجوز على الآخر ، وما يمتنع عليه وما يجب له ، وهذا شيء مستحيل ، وإن أردتم المشابهة من وجه دون وجه ، فأنتم تثبتون لله بعض الصفات وذلك مشابهة من وجه دون وجه أو مشاركة في الاسم ، فعليه يلزمكم الآن ألا تعتمدوا على مجرد نفي التشبيه ، لأن المشابهة من جميع الوجوه ممتنعة أو لا .؟ ممتنعة حتى عندكم ، إذا الشبيه عندكم هو الذي يجب له ما يجب للآخر المشابه ، ويمتنع عليه يمتنع ما عليه ، ويجوز عليه ما يجوز عليه ، وهذا شيء ممتنع.
وإن أردتم بالتشبيه الذي نفيتموه المشابهة من وجه دون وجه أو المشاركة في الاسم دون الحقيقة فأنتم قد أثبتم هذا التشبيه فيما أثبتموه من الصفات ، إذا قلتم هذا التشبيه الذي أعتمد في نفي الصفات عليه ، اتضح المقام يا جماعة أو لا .؟
طيب الإنسان الذي يعتمد في نفي الصفات عن الله على مجرد التشبيه ، هل هذا الاعتماد صحيح أو غير صحيح .؟
الجواب : غير صحيح ، لماذا .؟
أولا : إذا قصد بالتشبيه التشبيه المطلق من كل وجه فهذا باطل ، ولا يمكن أن يكون ، لماذا .؟ لأنهم يفسرون المماثل أو المشابه بأنه ما يجوز عليه ويجب ويمتنع مثل ما يجوز على الآخر ويجب ويمتنع ، وهذا شيء مستحيل حتى لو أثبت الصفات لله ما تحقق ذلك .
الوجه الثاني : أنك إذا أردت بالمشابهة التي نفيتها المشابهة من وجه دون وجه ، فإننا نقول : هذه المشابهة في الواقع أنت قد أثبتها ، لأنك أثبت بعض الصفات ، فيلزمك فيما أثبت أن تكون مشبها ، لأنك أثبت لله حياة وعلما وقدرة إلى آخره ، واضح الآن .؟