تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومعلوم أن إثبات التشبيه بهذا التفسير مما لا يقوله عاقل يتصور ما يقول ; فإنه يعلم بضرورة العقل امتناعه ولا يلزم من نفي هذا نفي التشابه من بعض الوجوه كما في الأسماء والصفات المتواطئة ولكن من الناس من يجعل التشبيه مفسرا بمعنى من المعاني ثم أن كل من أثبت ذلك المعنى قالوا : إنه مشبه , ومنازعهم يقول : ذلك المعنى ليس هو من التشبيه .". حفظ
الشيخ : طيب : " وَمَعْلُومٌ أَنَّ إثْبَاتَ التَّشْبِيهِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مِمَّا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ " " وش يعني بالتفسير .؟ أن نقول إن المتشابهين هما اللذان يجوز على أحدهما ما يجوز الآخر، ويمتنع عليه ما يمتنع، ويجب له ما يجب ، إثبات التشبيه بهذا التفسير لا يقوله عاقل أبدا ، لا أحد يقول إن الله مشابه للمخلوق بهذا المعنى ، هذا ما أحد يقوله ، هل أحد يقول إن الله مشابه للمخلوق في أنه يجب للمخلوق ما يجب لله ، ويمتنع عليه ما يمتنع على الله ، ويجوز عليه ما يجوز على الله .؟ لا ، لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ .
"
فَإِنَّهُ يُعْلَمُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ امْتِنَاعُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ هَذَا نَفْيُ التَّشَابُهِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَمَا فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الْمُتَوَاطِئَةِ ، وَلَكِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُ التَّشْبِيهَ مُفَسَّرًا بِمَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي ثُمَّ إنَّ كُلَّ مَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْمَعْنَى قَالُوا : إنَّهُ مُشَبِّهٌ ، وَمُنَازِعُهُمْ يَقُولُ : ذَلِكَ الْمَعْنَى لَيْسَ مِنْ التَّشْبِيهِ "
من الناس من يفسر التشبيه بمعنى آخر ، لأنه عرفنا أن التشبيه بالمعنى الذي قالوا ممتنع أو لا .؟
الطالب : ممتنع .
الشيخ : ولا أحد يقوله ، مثل ما قال ، حتى المعتزلة والجهمية وجميع المبتدعة وأهل السنة ما يقولون بالتشبيه الذي هو التماثل بحيث يجوز على أحدهما ما يجوز الآخر، ويجب له ما يجب ، ويمتنع عليه ما يمتنع ، ما أحد يقوله .
وش بقي لنا .؟ بقينا في التشبيه الآخر الذي هو دونه ، بحيث يشبهه من وجه دون وجه ، فهنا من الناس من يجعل هذا تشبيها ممتنعا ، فينكر من أجله الصفات ، ومن الناس من ينازعه ويقول : ليس هذا من التشبيه الممتنع . والمثال .؟
الإرادة إذا قال المعتزلة إثباتهما من التشبيه فينكرونها ، والأشاعرة يقولون إثباتهما ليس بتشبيه فلا ينكرونها ، الرحمة يقول الأشعرية إثباتها تشبيه فينكرونها ، ويقول أهل السنة إثباتها ليس بتشبيه فيثبتونها ، أليس كذلك .؟
إذا كل من ادّعى تشبيها دون المعنى الأول الذي هو التماثل ، كل من ادعى تشبيها فإنه ينازع فيه ، ولهذا ادّعت المعتزلة أن إثبات الإرادة تشبيه ، من نازعهم .؟ الأشاعرة ...
ادعت الأشاعرة أن إثبات الرحمة تشبيه و من نازعهم .؟ نازعهم أهل السنة ، طيب ففهمنا الآن أن الاعتماد في تنزيه الله عن الصفات التي ينزه عنها الاعتماد على مجرد نفي التشبيه اعتماد صحيح أو غير صحيح .؟ غير صحيح ، وجه ذلك .؟
لأنه إن أريد بالتشبيه التشبيه المطلق الذي هو تساوي المتشابهين فيما يجب ويجوز ويمتنع ، إن أريد به هذا فهذا باطل لا يقوله عاقل، ما أحد يقوله ، لا المثبتة ولا النافية ، ما أحد يقول هذا .
وإن أريد بالتشبيه التشبيه من وجه دون وجه أو المشاركة في الاسم دون الحقيقة ، إن أريد به هذا فإنه لا يصح الاعتماد عليه ، لماذا لا يصح الاعتماد عليه .؟
لأن من يدعي أن هذا تشبيه ينازعه فيه غيره ، فهو إذا قال هذا تشبيه فيجب أن أنكر هذه الصفة قال له المثبت : لا ، ليس هذا بتشبيه فلا يجوز الإنكار ، وألزمه أيضا المثبت أن ينكر ما أثبته هو، والمسألة واضحة ، ما هي إلا شبه تكرار لما سبق لكن بعبارة أخرى.
ونحن الآن ضربنا مثلا بصفتين من صفة الله ، الإرادة والرحمة ، قلنا الإرادة أثبتها الأشاعرة وأنكرها المعتزلة ، والرحمة أثبتها أهل السنة وأنكرها الأشاعرة ، هذا المثال الذي مثلنا هو الأقرب للمعنى، الإرادة أنكرها المعتزلة لأنهم يزعمون أن إثباتها تشبيه ، كذا .؟ طيب .
الأشاعرة أنكروا الرحمة يزعمون أن إثباتها تشبيه ، واضح .؟ نقول لا ، إذا قلت أيها الأشعري إن إثبات الرحمة تشبيه قلنا لك : وإثبات الإرادة تشبيه كما قاله المعتزلة ، المعتزلة أيضا يقولون الإرادة تشبيه فيجب عليك أن تنكرها ، وطبعا إذا قال : لا أنكرها لأن العقل دل عليها ، قلنا له : والرحمة أيضا دل العقل عليها معروف هذا .
فالمهم أننا يجب أن نعرف أن الاعتماد على مجرد نفي التشبيه ما يصلح ، أيضا لو اعتمدنا يا جماعة على مجرد نفي التشبيه لكنا نقول إن الله سبحانه وتعالى يمرض لكن ليس كمرض المخلوقين ، ونجيب كل صفة ونقول ليست كصفة المخلوقين ، أو لا لو جعلنا المناط ، مناط الحكم ، والمقياس هو نفي التشبيه لكنا نثبت ما شئنا لله من الصفات ونقول بدون تشبيه .