تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد يفرق بين لفظ التشبيه والتمثيل وذلك أن المعتزلة ونحوهم من نفاة الصفات يقولون : كل من أثبت لله صفة قديمة فهو مشبه ممثل فمن قال إن لله علما قديما أو قدرة قديمة كان عندهم مشبها ممثلا لأن القديم عند جمهورهم هو أخص وصف الإله فمن أثبت له صفة قديمة فقد أثبت لله مثلا قديما ويسمونه ممثلا بهذا الاعتبار ومثبتة الصفات لا يوافقونهم على هذا بل يقولون : أخص وصفه ما لا يتصف به غيره مثل كونه رب العالمين وأنه بكل شيء عليم وأنه على كل شيء قدير وأنه إله واحد ونحو ذلك ; والصفة لا توصف بشيء من ذلك ". حفظ
الشيخ : طيب ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى : " وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ لَفْظِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وَنَحْوَهُمْ مِنْ نفاة الصِّفَاتِ يَقُولُونَ: كُلُّ مَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ صِفَةً قَدِيمَةً فَهُوَ مُشَبِّهٌ مُمَثِّلٌ ، فَمَنْ قَالَ إنَّ لِلَّهِ عِلْمًا قَدِيمًا أَوْ قُدْرَةً قَدِيمَةً كَانَ عِنْدَهُمْ مُشَبِّهًا مُمَثِّلًا ، لِأَنَّ الْقَدِيمَ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ هُوَ أَخَصُّ وَصْفِ الْإِلَهِ فَمَنْ أَثْبَتَ لَهُ صِفَةً قَدِيمَةً فَقَدْ أَثْبَتَ لِلَّهِ مثلًا قَدِيمًا وَيُسَمُّونَهُ مُمَثَّلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَمُثْبِتَةُ الصِّفَاتِ لَا يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى هَذَا بَلْ يَقُولُونَ : أَخَصُّ وَصْفِهِ مَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ غَيْرُهُ مِثْلُ كَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَالصِّفَةُ لَا تُوصَفُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ " قد يفرق بين لفظ التشبيه والتمثيل ، المؤلف ما يحكي بكلمة قد يفرق عند أهل السنة والجماعة ، عند أهل السنة والجماعة لا يفرقون ، فإذا قلت هذه اليد ثابتة لله بدون تشبيه فهو كقولك هذه اليد ثابتة لله بدون تمثيل ، لكن من الناس من يفرق ، فقد هنا باعتبار القلة من الفاعل لا القلة الوجودية ، يعني قد يفرق بعض الناس ، وضرب مثل لهذا المعتزلة ونحوهم من نفاة الصفات ، يقولون : كل من أثبت لله صفة قديمة فهو مشبه ممثل ، والمراد بالقديمة ما نسميه نحن بالصفات الذاتية الملازمة لله سبحانه وتعالى ، مثل العلم والقدرة والعزة والقوة ... إلى آخره ، كثيرة ، لكن المؤلف ضرب مثلين العلم والقدرة .
يقولون : إن من قال أن لله علماً قديماً فهو ممثل ، والقديم عندهم ما ليس له أول ، ليس القديم عندهم ما يعرف في اللغة العربية أنه السابق لغيره ، لا ، ما ليس له ابتداء هو القديم عند الفلاسفة .
فإذا قلت : إن لله علماً قديماً ، وأنتم يجب أن تفهموا معنى القديم عند الفلاسفة ، وش معناه .؟ ما ليس له ابتداء ، ليس معنى القديم هو السابق على غيره ، تقول مثلا أنت علمي بهذا قديم ، وش معناه في اللغة العربية .؟ يعني سابق ، علمت قبل هذا ، وليس معناه أنه لا ابتداء له وأنه أزلي ، لكن القديم عند الفلاسفة خاصة ، حطوا بالكم ، هو ما لا ابتداء له ، يعني أنه أزلي .
فيقولون : إذا قلت إن لله علماً قديماً فقد شبهت ، كيف ؟
لأن أخص وصف الإله عندهم هو القدم ، وش معنى أخص وصف.؟ يعني الذي يختص به الله ولا يمكن أن يوصف به غيره هو القدم ، فإذا قلت : لله علم قديم ، فقد أثبت قديمين ، أحدهما الله والثاني العلم ، وحينئذ تكون مشبهاً ، ولذلك يمنعون جميع الصفات القديمة الذاتية ، لأنه عندهم هم الوصف الذي لا يصح إلا لله هو القدم ، فلا يمكن أن يشابه الله غيره في ذلك .
لو قلت لله علم قديم قالوا أنت مشبه ، لو قلت لله قدرة قديمة قالوا أنت مشبه ، لو قلت لله حياة قديمة قالوا أنت مشبه ، وهكذا ، شف كيف الآن إلى هذا الحد فهموا التشبيه على غير معناه ، ومثل ما قلت لكم أنا قبل قليل : أنك إذا أردت بالتشبيه الذي نفيته من وجه دون وجه فقد ينازعك فيه غيرك من الناس .
طيب يقول : " لأن القديم عند جمهورهم هو أخص وصف الإله " وش معنى أخص وصف الإله .؟ الذي لا يمكن أن يشركه فيه أحد ، " فَمَنْ أَثْبَتَ لَهُ صِفَةً قَدِيمَةً فَقَدْ أَثْبَتَ لِلَّهِ مثلًا قَدِيمًا وَيُسَمُّونَهُ مُمَثَّلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَمُثْبِتَةُ الصِّفَاتِ لَا يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى هَذَا " طبعا " بَلْ يَقُولُونَ : أَخَصُّ وَصْفِهِ " يعني الله ، ما هو .؟ " مَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ غَيْرُهُ مِثْلُ كَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ " هذا ما يمكن أن يوصف به غير الله، هل يمكن تقول لأي مخلوق أنت رب العالمين .؟ لا " وَأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " هذا من أخص أوصاف الله ، لماذا .؟ ما يمكن يوصف به غيره " وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " كذلك من أخص وصف الله لأنه ما يوصف به غيره " وَأَنَّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ " كذلك أيضا ، لأن غيره لا يصح أن يكون إلها ، ولا يمكن أن يكون واحدا ، كل قوم لهم إله .
" وَالصِّفَةُ لَا تُوصَفُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ " أي أنك لا تقول إن قدرة الله رب العالمين ، ولهذا يحرم عليك أن تقول : يا قدرة الله هيئي لي كذا وكذا ، ومن هنا يعرف أن تعبير بعض الناس بقولهم : شاءت المشيئة أو قضت مشيئة الله أن فيها نظراً ، لأن المشيئة وصف لا موصوف ، فالذي يقضى ويشاء هو الله ، ولكنهم يعبرون بهذا إما تسامحا وإما جهلا ، بعضهم أيضا يقول : اقتضته حكمة الله ، هذا أهون من الأول من قول شاءت مشيئة الله ، لأن معنى اقتضته حكمة الله ، أن الحكمة من حيث هي حكمة تستلزم كذا وكذا ، فالاقتضاء بمعنى الاستلزام ، المهم أن الصفة ليست موصوفة ، أو لا يقول المؤلف لا توصف بشيء من ذلك ، فلا تقل عن صفة الله أنها رب ولا أنها بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ولا أنها عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ولا أنها إلَهٌ وَاحِدٌ ، فإذا لم تتصف الصفة بشيء من خصائص الله ، فإذا أثبت لله العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر لم تكن ممثلا إلا عند من .؟
عند المعتزلة الذين يقولون : كل من وصف الله بصفة قديمة فهو ممثل ، لأن أخص وصف لله عندهم هو القدم ... .