تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل سواء فسروا الجسم بما يشار إليه أو بالقائم بنفسه أو بالموجود أو بالمركب من الهيولى والصورة ونحو ذلك . فأما إذا فسروه بالمركب من الجواهر المفردة وعلى أنها متماثلة فهذا يبنى على صحة ذلك ; وعلى إثبات الجوهر الفرد وعلى أنه متماثل وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك . والمقصود هنا أنهم يطلقون التشبيه على ما يعتقدونه تجسيما بناء على تماثل الأجسام والمثبتون ينازعونهم في اعتقادهم ; كإطلاق الرافضة النصب على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ; بناء على أن من أحبهما فقد أبغض عليا رضي الله عنه ; ومن أبغضه فهو ناصبي . وأهل السنة ينازعونهم في المقدمة الأولى ; ولهذا يقول هؤلاء : إن الشيئين لا يشتبهان من وجه ويختلفان من وجه وأكثر العقلاء على خلاف ذلك وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع وبينا فيه حجج من يقول بتماثل الأجسام وحجج من نفى ذلك , وبينا فساد قول من يقول بتماثلها , وأيضا فالاعتماد بهذا الطريق على نفي التشبيه اعتماد باطل وذلك أنه إذا أثبت تماثل الأجسام فهم لا ينفون ذلك إلا بالحجة التي ينفون بها الجسم . ". حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ...
قال : " وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ قَوْلٌ بَاطِلٌ " وسبق بيان بطلانه " سَوَاءٌ فَسَّرُوا الْجِسْمَ بِمَا يُشَارُ إلَيْهِ أَوْ بِالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْمَوْجُودِ أَوْ بِالْمُرَكَّبِ مِنْ الْهَيُولَى وَالصُّورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " .
يعني أنهم مختلفون في تفسير الجسم ما هو .؟ فمنهم من يقول إن الجسم ما يشار إليه ، كل ما يمكن أن يشار إليه فهو جسم .
ومنهم من يقول إن الجسم هو القائم بنفسه ، فأما الذي يكون صفة في غيره فليس بجسم ، كالطول والقصر والقيام والقعود والبياض والسواد والحمرة ، جسم أو لا .؟
الطالب : ليس جسم .
الشيخ : لأنها لا تكون قائمة بنفسها إنما قائمة بغيرها .
" أو بالموجود " وهذا ما عرفت أن أحدا يقول إن الجسم هو الموجود ، كل موجود فهو جسم ما أدري عنه . لكن على كل حال الذي يفهم من كلام شيخ الإسلام الآن أن من الناس من فسر الجسم بالموجود ، وهذا في الحقيقة ما أنا بمتصوره ، لأن من الموجودات، إذا قلنا كل موجود فهو جسم ، ما بقي شيء ، إلا كل شيء يسمى جسم حتى الصفات تسمى جسما ، لأنها قد تكون موجودة وقد تكون معدومة .
ثم قال : " أو بالمركب من الهيولى والصورة " الهيولى : اسم للشيء ، للحقيقة التي عليها الشيء ، مثلا الإنسان هيولى وصورة ، يعني جسم غير مصور وصورة أيضاً ، فالهيولى اسم للشيء، والصورة اسم لصفة ، فيقولون ما تركب من شيء وصفة فهو جسم، وما ليس كذلك فليس بجسم . مهما فسر الجسم بهذه التفاسير التي ذكرها المؤلف الأربعة : ما يشار إليه ، القائم بنفسه ، الموجود ، المركب من الهيولى والصورة ، هذه التفاسير مهما قيل إنها هي جسم فإنه لا يمكن أن تكون متماثلة .
قال : " فَأَمَّا إذَا فَسَّرُوهُ بِالْمُرَكَّبِ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ وَعَلَى أَنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ فَهَذَا يُبْنَى عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ ، وَعَلَى إثْبَاتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَعَلَى أَنَّهُ مُتَمَاثِلٌ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ "
يقول المؤلف إذا فسر الجسم بأنه المركب من الجواهر المفردة ، وأن هذه الجواهر متماثلة ، فهذا ينبني على أي شيء :
يقول ينبني على صحة ذلك ، وعلى إثبات هذه الجواهر ، وعلى أنه متماثلة . صحة ذلك ماذا يعني به .؟ صحة تفسير الجسم بالمركب من الجواهر المفردة ، لأنه عندنا ثلاثة أمور الآن :
تفسير الجسم بالمركب من الجواهر المركبة ، والثاني : إثبات هذه الجواهر ، والثالث : أنها متماثلة .
يقول : " وَعَلَى إثْبَاتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَعَلَى أَنَّهُ مُتَمَاثِلٌ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ " لأن الجوهر الفرد عندهم ما لا يمكن أن يتجزأ ، كل شيء لا يمكن أن يتجزأ يسمونه جوهرا فردا ، ولهذا يسمونه بالفرد ، جوهر ضد العرض ، والعرض هو الصفة ، فرد يعني ما يتجزأ ما يكون له أجزاء .
والجوهر الفرد يقولون أنه يمكن وجوده ، وجمهور العقلاء كما قال شيخ الإسلام ينكرون وجوده ، لأن الذين يقولون بوجوده يقولون أن رأس الإبرة جوهر فرد ، لأنه ما يمكن أن يتجزأ ، ولكن جمهور العقلاء يقولون كما قال شيخ الإسلام : ما من شيء له جسم إلا ويمكن أن يتجزأ ، إلى أن ينتهى إلى أن لا يكون شيئا .
والآن في عالم الذرة تبين أنه ما من شيء له حجم مهما كان صغيراً إلا ويمكن أن يتجزأ . وعلى هذا فالجواب الفردة غير موجودة .
والخلاصة أن هذا الكلام المقصود به شيء واحد : وهو بطلان كون الأجسام متماثلة ، أياً فسرت الجسم فإنه لا يمكن أن تكون الأجسام متماثلة . وهذه التفسيرات التي ذكرها المؤلف يقول بعضه لا يمكن أن يوافقوا عليه ، مثل أن يفسروا الجسم بأنه مركب من الجواهر المفردة ، فيقال أنه لا حقيقة للجوهر الفرد ولا يمكن وجوده .
" وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ التَّشْبِيهَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ تَجْسِيمًا بِنَاءً عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ ، وَالْمُثْبِتُونَ يُنَازِعُونَهُمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ ، كَإِطْلَاقِ الرَّافِضَةِ النَّصْبَ عَلَى مَنْ تَوَلَّى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَهُوَ ناصبي " وهذه طبعا دعوة ، المؤلف الآن يقول :
" أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ التَّشْبِيهَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ تَجْسِيمًا بِنَاءً " على أي شيء .؟ " عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ " وقد مر علينا قبل أن هذا ليس بصحيح ، وأن إثبات الصفات ليس تجسيما ، وأنه على فرض أنه دال على جسم فإن الأجسام غير متماثلة .
شبه المؤلف هؤلاء بالرافضة الذين يقولون : كل من أحب أبا بكر وعمر فإنه ناصبي ، والناصبي من نصب العداوة لعلي بن أبي طالب ، لماذا .؟ يقول لا يمكن أن تحب أبو بكر وعمر وتحب علي أبدا ، كل من أحب أبا بكر وعمر فقد أبغض عليا فهو ناصبي ، ولذلك يقول يبغضون أبا بكر وعمر الرافضة ، وربما يلعنونهما ، ويسمونهما جبتي قريش ، أو أن واحدا منهم الطاغوت والثاني الجبت والعياذ بالله ، يقول : اللهم العن طاغوتي قريش وجبتيهما وصنميها ، كل هذا دليل على قبح الرافضة ، وأنهم من أجهل الناس في الأمور .
قال : " وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُنَازِعُونَهُمْ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى " أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه " وَلِهَذَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ : إنَّ الشَّيْئَيْنِ لَا يَشْتَبِهَانِ مِنْ وَجْهٍ وَيَخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهٍ ، وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ " يقول هؤلاء يعني بهم النفاة ، الذي يقولون إنهم إذا اشتبه في شيء فلابد أن يكون التشابه مطلقا .
" وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا فِيهِ حُجَجَ مَنْ يَقُولُ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ وَحُجَجَ مَنْ نَفَى ذَلِكَ ، وَبَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِتَمَاثُلِهَا ، وَأَيْضًا فَالِاعْتِمَادُ بِهَذَا الطَّرِيقِ عَلَى نَفْيِ التَّشْبِيهِ اعْتِمَادٌ بَاطِلٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ تَمَاثُلَ الْأَجْسَامِ " .
الطالب : عندي : ثبت .
الشيخ : ما يخالف عندنا إذا أثبت ، الظاهر أن المعنى واحد ، لأنه إذا ثبت بناء على إثباته وإلا هو ما يثبت في الواقع .
طيب : " فَهُمْ لَا يَنْفُونَ ذَلِكَ إلَّا بِالْحُجَّةِ الَّتِي يَنْفُونَ بِهَا الْجِسْمَ ".وهل عندهم حجة ينفون بها الجسم .؟ لا ، لأننا لو قلنا بأن إثبات الصفات يستلزم التجسيم ، فإنه قد سبق أن نقول للذي يقول : إن الله جسم أو ليس بجسم نقول له ماذا تعني بكلمة الجسم ؟ إن أردت بها معنى صحيحا يليق بالله فهذا حق ، وأن أردت معنى باطلاً فهذا باطل .
لو قال : أردت بالجسم ما يقوم بنفسه ويتصف بالصفات اللائقة به، قلنا : هذا هو الله ، وإذا قال : أردت بالجسم ما يكون مكونا ومركباً من دم وعظم ولحم إلى آخره ، قلنا : هذا باطل .
قال : " وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ قَوْلٌ بَاطِلٌ " وسبق بيان بطلانه " سَوَاءٌ فَسَّرُوا الْجِسْمَ بِمَا يُشَارُ إلَيْهِ أَوْ بِالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْمَوْجُودِ أَوْ بِالْمُرَكَّبِ مِنْ الْهَيُولَى وَالصُّورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " .
يعني أنهم مختلفون في تفسير الجسم ما هو .؟ فمنهم من يقول إن الجسم ما يشار إليه ، كل ما يمكن أن يشار إليه فهو جسم .
ومنهم من يقول إن الجسم هو القائم بنفسه ، فأما الذي يكون صفة في غيره فليس بجسم ، كالطول والقصر والقيام والقعود والبياض والسواد والحمرة ، جسم أو لا .؟
الطالب : ليس جسم .
الشيخ : لأنها لا تكون قائمة بنفسها إنما قائمة بغيرها .
" أو بالموجود " وهذا ما عرفت أن أحدا يقول إن الجسم هو الموجود ، كل موجود فهو جسم ما أدري عنه . لكن على كل حال الذي يفهم من كلام شيخ الإسلام الآن أن من الناس من فسر الجسم بالموجود ، وهذا في الحقيقة ما أنا بمتصوره ، لأن من الموجودات، إذا قلنا كل موجود فهو جسم ، ما بقي شيء ، إلا كل شيء يسمى جسم حتى الصفات تسمى جسما ، لأنها قد تكون موجودة وقد تكون معدومة .
ثم قال : " أو بالمركب من الهيولى والصورة " الهيولى : اسم للشيء ، للحقيقة التي عليها الشيء ، مثلا الإنسان هيولى وصورة ، يعني جسم غير مصور وصورة أيضاً ، فالهيولى اسم للشيء، والصورة اسم لصفة ، فيقولون ما تركب من شيء وصفة فهو جسم، وما ليس كذلك فليس بجسم . مهما فسر الجسم بهذه التفاسير التي ذكرها المؤلف الأربعة : ما يشار إليه ، القائم بنفسه ، الموجود ، المركب من الهيولى والصورة ، هذه التفاسير مهما قيل إنها هي جسم فإنه لا يمكن أن تكون متماثلة .
قال : " فَأَمَّا إذَا فَسَّرُوهُ بِالْمُرَكَّبِ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ وَعَلَى أَنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ فَهَذَا يُبْنَى عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ ، وَعَلَى إثْبَاتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَعَلَى أَنَّهُ مُتَمَاثِلٌ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ "
يقول المؤلف إذا فسر الجسم بأنه المركب من الجواهر المفردة ، وأن هذه الجواهر متماثلة ، فهذا ينبني على أي شيء :
يقول ينبني على صحة ذلك ، وعلى إثبات هذه الجواهر ، وعلى أنه متماثلة . صحة ذلك ماذا يعني به .؟ صحة تفسير الجسم بالمركب من الجواهر المفردة ، لأنه عندنا ثلاثة أمور الآن :
تفسير الجسم بالمركب من الجواهر المركبة ، والثاني : إثبات هذه الجواهر ، والثالث : أنها متماثلة .
يقول : " وَعَلَى إثْبَاتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَعَلَى أَنَّهُ مُتَمَاثِلٌ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ " لأن الجوهر الفرد عندهم ما لا يمكن أن يتجزأ ، كل شيء لا يمكن أن يتجزأ يسمونه جوهرا فردا ، ولهذا يسمونه بالفرد ، جوهر ضد العرض ، والعرض هو الصفة ، فرد يعني ما يتجزأ ما يكون له أجزاء .
والجوهر الفرد يقولون أنه يمكن وجوده ، وجمهور العقلاء كما قال شيخ الإسلام ينكرون وجوده ، لأن الذين يقولون بوجوده يقولون أن رأس الإبرة جوهر فرد ، لأنه ما يمكن أن يتجزأ ، ولكن جمهور العقلاء يقولون كما قال شيخ الإسلام : ما من شيء له جسم إلا ويمكن أن يتجزأ ، إلى أن ينتهى إلى أن لا يكون شيئا .
والآن في عالم الذرة تبين أنه ما من شيء له حجم مهما كان صغيراً إلا ويمكن أن يتجزأ . وعلى هذا فالجواب الفردة غير موجودة .
والخلاصة أن هذا الكلام المقصود به شيء واحد : وهو بطلان كون الأجسام متماثلة ، أياً فسرت الجسم فإنه لا يمكن أن تكون الأجسام متماثلة . وهذه التفسيرات التي ذكرها المؤلف يقول بعضه لا يمكن أن يوافقوا عليه ، مثل أن يفسروا الجسم بأنه مركب من الجواهر المفردة ، فيقال أنه لا حقيقة للجوهر الفرد ولا يمكن وجوده .
" وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ التَّشْبِيهَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ تَجْسِيمًا بِنَاءً عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ ، وَالْمُثْبِتُونَ يُنَازِعُونَهُمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ ، كَإِطْلَاقِ الرَّافِضَةِ النَّصْبَ عَلَى مَنْ تَوَلَّى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَهُوَ ناصبي " وهذه طبعا دعوة ، المؤلف الآن يقول :
" أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ التَّشْبِيهَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ تَجْسِيمًا بِنَاءً " على أي شيء .؟ " عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ " وقد مر علينا قبل أن هذا ليس بصحيح ، وأن إثبات الصفات ليس تجسيما ، وأنه على فرض أنه دال على جسم فإن الأجسام غير متماثلة .
شبه المؤلف هؤلاء بالرافضة الذين يقولون : كل من أحب أبا بكر وعمر فإنه ناصبي ، والناصبي من نصب العداوة لعلي بن أبي طالب ، لماذا .؟ يقول لا يمكن أن تحب أبو بكر وعمر وتحب علي أبدا ، كل من أحب أبا بكر وعمر فقد أبغض عليا فهو ناصبي ، ولذلك يقول يبغضون أبا بكر وعمر الرافضة ، وربما يلعنونهما ، ويسمونهما جبتي قريش ، أو أن واحدا منهم الطاغوت والثاني الجبت والعياذ بالله ، يقول : اللهم العن طاغوتي قريش وجبتيهما وصنميها ، كل هذا دليل على قبح الرافضة ، وأنهم من أجهل الناس في الأمور .
قال : " وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُنَازِعُونَهُمْ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى " أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه " وَلِهَذَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ : إنَّ الشَّيْئَيْنِ لَا يَشْتَبِهَانِ مِنْ وَجْهٍ وَيَخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهٍ ، وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ " يقول هؤلاء يعني بهم النفاة ، الذي يقولون إنهم إذا اشتبه في شيء فلابد أن يكون التشابه مطلقا .
" وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا فِيهِ حُجَجَ مَنْ يَقُولُ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ وَحُجَجَ مَنْ نَفَى ذَلِكَ ، وَبَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِتَمَاثُلِهَا ، وَأَيْضًا فَالِاعْتِمَادُ بِهَذَا الطَّرِيقِ عَلَى نَفْيِ التَّشْبِيهِ اعْتِمَادٌ بَاطِلٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ تَمَاثُلَ الْأَجْسَامِ " .
الطالب : عندي : ثبت .
الشيخ : ما يخالف عندنا إذا أثبت ، الظاهر أن المعنى واحد ، لأنه إذا ثبت بناء على إثباته وإلا هو ما يثبت في الواقع .
طيب : " فَهُمْ لَا يَنْفُونَ ذَلِكَ إلَّا بِالْحُجَّةِ الَّتِي يَنْفُونَ بِهَا الْجِسْمَ ".وهل عندهم حجة ينفون بها الجسم .؟ لا ، لأننا لو قلنا بأن إثبات الصفات يستلزم التجسيم ، فإنه قد سبق أن نقول للذي يقول : إن الله جسم أو ليس بجسم نقول له ماذا تعني بكلمة الجسم ؟ إن أردت بها معنى صحيحا يليق بالله فهذا حق ، وأن أردت معنى باطلاً فهذا باطل .
لو قال : أردت بالجسم ما يقوم بنفسه ويتصف بالصفات اللائقة به، قلنا : هذا هو الله ، وإذا قال : أردت بالجسم ما يكون مكونا ومركباً من دم وعظم ولحم إلى آخره ، قلنا : هذا باطل .