تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأن معنى اشتراك الموجودات في أمر من الأمور هو تشابهها من ذلك الوجه وأن ذلك المعنى العام يطلق على هذا وهذا ; لأن الموجودات في الخارج لا يشارك أحدهما الآخر في شيء موجود فيه بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله ولما كان الأمر كذلك كان كثير من الناس متناقضا في هذا المقام ; فتارة يظن أن إثبات القدر المشترك يوجب التشبيه الباطل فيجعل ذلك له حجة فيما يظن نفيه من الصفات حذرا من ملزومات التشبيه وتارة يتفطن أنه لا بد من إثبات هذا على تقدير فيجيب به فيما يثبته من الصفات لمن احتج به من النفاة . ". حفظ
الشيخ : طيب " وَأَنَّ مَعْنَى اشْتِرَاكِ الْمَوْجُودَاتِ فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ هُوَ تَشَابُهُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ " صح هذا أو لا .؟ اشْتِرَاكِ الْمَوْجُودَاتِ فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ هُوَ تَشَابُهُهَا مِنْ هذا الْوَجْهِ ، صحيح هذا .؟ نعم .
الخالق له حياة والمخلوق له حياة . وكل منهما موجود اشتركا في الحياة ، إذن يتشابهان من هذا الوجه فقط . لكن حياة الخالق تخصه وحياة المخلوق تخصه .
إنسان عالم علمه غزير . وإنسان عالم علمه أقل ، كلاهما اشتركا في أصل العلم ، فبينهما تشابه من هذا الوجه . لكن علم هذا يختص به وعلم هذا يختص به ، أليس كذلك .؟
الإنسان والحيوان كلاهما يأكل أليس كذلك، اشتركا في المعنى الكلي للأكل كلاهما آكل ، لكن معلوم أن أكل الحيوان غير أكل الإنسان وأكل الإنسان غير أكل الحيوان .
فهذه قاعدة عامة تنتفع بها ، ،كيف تنتفعون بها .؟
تقول مثلاً الخالق له قدرة والمخلوق له قدرة ، هل يلزم من اشتراكهما في القدرة أن يتشابهان في حقيقة هذه القدرة ؟!
الطالب : لا .
الشيخ : طيب هل يلزم أن يتشابهان في أصل القدرة ؟! نعم . لكن تشابها في هذا الأصل لا يعني تشابها في الحقيقة ، وبهذا يزول الإشكال ، لأننا لو نفينا التشابه كله يعنى مطلق التشابه بين الخالق والمخلوق ، وقعنا في أي شيء .؟ يعني لو أننا نفينا مطلق التشابه وقلنا لا يمكن أن يكون بين الخالق والمخلوق تشابه إطلاقاً ، ما هو معناه ؟!
انتفت صفات الخالق عن الخارج ، وقد سبق أنه إذا نفينا عنه الإثبات ووقعنا في التعطيل شبهناه بالمعدومات ، ثم إذا قال القائل : أنا لا أقول لا كذا ولا كذا شبهناه بالممتنعات المستحيلات ، لأن نفي النقيضين مستحيل كما أن إثباتهما مستحيل .
قال : " وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْعَامَّ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْجُودَاتِ فِي الْخَارِجِ لَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي شَيْءٍ مَوْجُودٍ فِيهِ بَلْ كُلُّ مَوْجُودٍ مُتَمَيِّزٌ عَنْ غَيْرِهِ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ "
أظن المعنى هذا واضح .؟
طيب : " وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مُتَنَاقِضًا فِي هَذَا الْمَقَامِ ، فَتَارَةً يَظُنُّ أَنَّ إثْبَاتَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ يُوجِبُ التَّشْبِيهَ الْبَاطِلَ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ لَهُ حُجَّةً فِيمَا يَظُنُّ نَفْيَهُ مِنْ الصِّفَاتِ حَذَرًا مِنْ مَلْزُومَاتِ التَّشْبِيهِ ، وَتَارَةً يَتَفَطَّنُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ هَذَا عَلَى تَقْدِيرٍ " واش عند في الكتاب ، زين يعني على تقدير من التقديرات " فَيُجِيبُ بِهِ فِيمَا يُثْبِتُهُ مِنْ الصِّفَاتِ لِمَنْ احْتَجَّ بِهِ مِنْ النفاة " .
يعني مثلاً : الاستواء على العرش معناه الاستقرار والعلو عليه ، بعض الناس يظن أن إثبات الاستواء للخالق ، وللمخلوق في قوله : (( لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ )) يتضمن التشبيه ، لأنهما اشتركا في أصل معنى الاستواء ، فيظن أن ذلك تشبيه فينفيه ، وتارة يتفطن أنه لابد من قدرة مشترك ولكن هذا القدر المشترك لا يوجب التشبيه فيثبت ويجيب من نفاه بناء على أنه يقتضي التشبيه .
والحاصل أن الذي يجب أن نعرفه نحن ونبني اعتقادنا عليه أنه لابد من الاشتراك في المعنى الكلي . وأن الاشتراك في المعنى الكلى لا يمكن أن يوجد في الخارج . فإثباتنا الاشراك في المعنى الكلي لا يعني التشبيه ، لأنه ليس موجوداً في الخارج ، لأن هذا المعنى الكلي لا يوجد في الخارج إلا معيناً مقيداً ، معيناً بمن اتصف به ، مقيداً بما يختص به كما مر علينا قريبا . وعلى هذا فلا يمكن إذا أثبتنا أن الله قدرة وللمخلوق قدرة لا يمكن أن نقول ذلك تشبيه ، لأنه ضروري أن نثبت هذا .