تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن قال : العمدة في الفرق هو السمع فما جاء به السمع أثبته دون ما لم يجئ به السمع قيل له أولا : السمع هو خبر الصادق عما هو الأمر عليه في نفسه فما أخبر به الصادق فهو حق من نفي أو إثبات ; والخبر دليل على المخبر عنه والدليل لا ينعكس ; فلا يلزم من عدمه عدم المدلول عليه فما لم يرد به السمع يجوز أن يكون ثابتا في نفس الأمر وإن لم يرد به السمع ; إذا لم يكن نفاه ومعلوم أن السمع لم ينف هذه الأمور بأسمائها الخاصة فلا بد من ذكر ما ينفيها من السمع وإلا فلا يجوز حينئذ نفيها كما لا يجوز إثباتها .". وأيضا : فلا بد في نفس الأمر من فرق بين ما يثبت له وينفى فإن الأمور المتماثلة في الجواز والوجوب والامتناع يمتنع اختصاص بعضها دون بعض في الجواز والوجوب والامتناع فلا بد من اختصاص المنفي عن المثبت بما يخصه بالنفي ولا بد من اختصاص الثابت عن المنفي بما يخصه بالثبوت .". حفظ
الشيخ : لو قال قائل : أنا أثبت أن الله يحزن كما يفرح ، فماذا نقول له ؟ !
نقول لا ، والفرق بينهما ظاهر ، الفرح صفة كمال والحزن صفة نقص ، لماذا صفة نقص ؟!
لأن الحزين معناه أنه عاجز عن دفع ما نزل به ، لكن الفرح ليس فيه نقص أبداً ، بل هو دليل على كمال الفارح ، فإن الله إذا كان يفرح بتوبة عبده دليل على محبته للكرم والتوبة على عباده .
لو قال قائل : إن الله يكره كما أنه يحب ، ماذا نقول ؟ !
نقول : نعم الكراهة وردت ليس فيها شيء ، قال تعالى : (( وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ )) .
وأيضا لو قال : لماذا لا تثبتون الحزن مثل ما أثبتم الكراهية ؟!
نقول : الحزن يدل على ضعف الحزين والكراهية ما تدل على ضعف الكاره ، فالإنسان يكون كارها للشيء وهو أقوى ما يكون بالنسبة له ، أليس كذلك إذن الكراهية لا تقتضي النقص ولذلك ثبتت لله وهي ضد المحبة والحزن يقتضي النقص ولذلك وجب نفيه عن الله دون الفرح .
فالفرق إذن بين ما نثبته لله من هذه الصفات وما ننفيه .؟ هو أن ما اقتضى النقص فهو منفي عن الله عقلاً وسمعاً . وما لم يقتض النقص بل اقتضى الكمال فهو ثابت لله تعالى عقلاً وسمعاً وإن لم ينص عليه بعينه .
الطالب : ... .
الشيخ : كل شيء يقتضى النقص فالله منزه عنه .
الطالب : شيء لا يقتضي النقص .؟
الشيخ : وش يقتضي .؟
الطالب : كمالا غير وارد .
الشيخ : نعم إذا كان يقتضي الكمال وهو غير وارد فإننا لا ننفيه عن الله ، ولكننا نتوقف في إثابته ونستفصل في معناه ، فهذه الأشياء نحن الآن لدينا قاعدة : ولكن الشيء بخصوصه بحيث نقول أثبت هذا لأنه يقتضي كمالاً ، قد يكون يقتضي كمالاً بحسب مفهومي أنا ولكنه في الواقع لا يقتضي كمالاً ، فالشيء الذي لم يرد في الكتاب ولا السنة وهو في نظري يقتضي كمالاً لا يجوز إثباته بعينه، لكني أقول إن كان كمالاً فهو ثابت لله وإن كان نقصاً فهو منزه عنه ، أما أني أثبته أنا لله فهذا لا يجوز لأنه يمكن أن أكون أنا أعتقد أنه كمال وهو في نفس الأمر ليس بكمال .
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، أصلا لا يمكن أن يرد السمع إلا بما اقتضى كمالا. الطالب : قد يدعي مدعي أن إثبات اليد يستلزم التشبيه .
الشيخ : لا ، هو إذا قال أن إثبات اليد يستلزم التشبيه نحن قلنا أن الاعتماد في الإثبات على نفي التشبيه لا يصح ، لأن التشبيه ربما يدّعي مدّعي أن هذا تشبيه ، وكذلك على نفي التجسيم لا يصح لأنه ربما يدعي مدع أن هذا تجسيم وليس كذلك .
المهم أن ما ورد به الشرع إثباتاً أو نفياً هذا أمره معلوم لا يثبت الله لنفسه إلا ما هو كمال ولا ينفي إلا ما هو نقص ، ولكن بالنسبة لنا هل نقول لنا أن نثبت بدون تشبيه ؟!
لا ، ما نثبت لله بدون تشبيه ، لأنه ما يثبت له إلا صفات كمال ، فإذا قال الإنسان : أنا اعتمد على السمع فما أثبته أثبته وما نفاه عن نفسه نفيه . قلنا له : وهذا أيضا غير كاف ، لأن الشرع أو السمع قد لا ينص على هذا المعنى بعينه وهو يكون منتفياً عن الله . فهل نفى الله عن نفسه الرمد .؟
ليس في القرآن ولا في السنة ذلك ، لكننا نعلم أنه منتف عن الله لأنه صفة نقص نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : لكنه صفة كمال يستر نقصا ، فيكون هذا الكمال مكمل لنقص فيه ، والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى تكميل ، بل نحن نعلم الآن أن امتناع اللباس عن الله سبحانه وتعالى بهذا السبب ، لأن كون اللباس كمالا في الإنسان من أجل أن الإنسان ناقص يحتاج إلى تكميله باللباس نعم .
الطالب : ما هو السمع .
الشيخ : السمع المقصود به القرآن والسنة .
الطالب : " فلا بد من اختصاص المنفي عن المثبت بما يخصه بالنفي ولا بد من اختصاص الثابت عن المنفي بما يخصه بالثبوت "
الشيخ : أي نعم ، أليس عندنا الأشياء قسمان و قسم مثبت وقسم منفي ، مثل ما قلنا قبل قليل : الكراهة والحزن ، الكراهة مثبتة والحزن منفي ، لابد من فرق يميز ليش هذا نفي وليش هذا أثبت .؟ فالنفي هنا نفي لأنه إذا أثبت كان نقصا ، والمثبت لأنه إذا نفي كان نقصا ، لأن كل ما أثبته الله لنفسه إذا انتفى صار نقصا ، واضح .؟