تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القاعدة السابعة أن يقال : إن كثيرا مما دل عليه السمع يعلم بالعقل أيضا والقرآن يبين ما يستدل به العقل ويرشد إليه وينبه عليه ; كما ذكر الله ذلك في غير موضع . فإنه سبحانه وتعالى : بين من الآيات الدالة عليه وعلى وحدانيته وقدرته وعلمه وغير ذلك : ما أرشد العباد إليه ودلهم عليه ; كما بين أيضا ما دل على نبوة أنبيائه ; وما دل على المعاد وإمكانه فهذه المطالب هي شرعية من جهتين : - من جهة أن الشارع أخبر بها . ومن جهة أنه بين الأدلة العقلية التي يستدل بها عليها والأمثال المضروبة في القرآن هي أقيسة عقلية . وقد بسط في غير هذا الموضع وهي أيضا عقلية من جهة أنها تعلم بالعقل أيضا .". حفظ
الشيخ : طيب : " الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ كَثِيرًا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ " .
والسمع سألني أحدهم عنه أمس ، وقلت له : إنه هو الكتاب والسنة، وسمي سمعاً لأنه يسمع ، ليس للعقل فيه مجال إنما يدرك بالسمع يسمعه الناس بعضهم من بعض .
يقول : " أَنْ يُقَالَ : إنَّ كَثِيرًا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَيْضًا ، وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْعَقْلُ وَيُرْشِدُ إلَيْهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ " انتبه للقاعدة الآن : " إنَّ كَثِيرًا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَيْضًا " هذا صحيح ، كثير مما دل عليه السمع يعلم بالعقل .
فمثلاً كون الله تبارك وتعالى سميعاً بصيراً عليماً قادراً إلى آخره هذا دل عليه السمع ، ويدل عليه العقل ، ولهذا استدل إبراهيم على أبيه بأن الأصنام لا تصلح أن تكون إلهاً بقوله : (( يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً )) هذا استدلال عقلي على أبيه ، الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يغني شيئا لضعفه وعجزه لا يمكن أن يعبد .
طيب استواء الله على العرش دل عليه السمع ولكن لم يدل عليه العقل ، يعني لولا أن الله أخبرنا أنه استوى على العرش ما علمنا أنه استوى على العرش .
العلو دل عليه السمع ودل عليه العقل ، لأن الرب لا ينبغي أن يكون في أسفل ، بل لابد أن يكون عالياً .
وبهذا عرفنا أن المؤلف احتاط قال : " إن كثيراً مما دل عليه السمع " ولم يقل إن ما دل عليه السمع ، لأن في صفات الله مما دل عليه السمع ما لم يدل عليه العقل .
وش الذي خرج من كلمة كثيراً .؟ خرج به أن شيئا مما دل عليه السمع لا يدل عليه العقل ، وبأي شيء تمثل لو طلب منك .؟ كالاستواء على العرش ، وإثبات اليد مثلا لله ، والنزول إلى السماء الدنيا ، هذا ما دل عليه العقل لكن دل عليه السمع . طيب نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : ... خمسة عشر صفحة ساقطة منك ، الظاهر يخلف الله عليك ، اشترك مع الأخ .
قال : " أَنْ يُقَالَ : إنَّ كَثِيرًا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَيْضًا ، وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْعَقْلُ وَيُرْشِدُ إلَيْهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيَّنَ مِنْ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا أَرْشَدَ الْعِبَادَ إلَيْهِ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ ، كَمَا بَيَّنَ أَيْضًا مَا دَلَّ عَلَى نُبُوَّةِ أَنْبِيَائِهِ ، وَمَا دَلَّ عَلَى الْمُعَادِ وَإِمْكَانِهِ ، فَهَذِهِ الْمَطَالِبُ هِيَ شَرْعِيَّةٌ مِنْ جِهَتَيْنِ :
- مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشَّارِعَ أَخْبَرَ بِهَا .
- وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ بَيَّنَ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَيْهَا ..."
إلى آخره .
نقول هذا المطالب ، يعني بالمطالب : ما يطلب من إثبات صفات الله تعالى أو نفيها عنه ، يقول هي شرعية من جهتين :
أولاً : من جهة أن الشرع أخبر بها ، فكل ما أخبر به الشرع من صفات الله فإنه شرعي بلا شك ،
والثاني : أنه بيّن الأدلة العقلية التي يستدل بها عليها ، مثال ذلك ببيانه : " وَالْأَمْثَالُ الْمَضْرُوبَةُ فِي الْقُرْآنِ هِيَ أَقْيِسَةٌ عَقْلِيَّةٌ ، وَقَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَهِيَ أَيْضًا عَقْلِيَّةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَيْضًا " صارت هذه المطالب شرعية من جهتين :
الجهة الأولى : ان الشرع أخبر بها .
والجهة الثانية : أن الشرع بيّن الأدلة العقلية الدالة عليها وذلك مثل الأمثال المضروبة .
الأمثال المضروبة هي أقيسة عقلية ، مثلاً ضرب الله مثلاً بقدرته على إحياء الموتى بأنه يحي الأرض بعد موتها وقال : (( إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى )) فهذا قياس عقلي أو لا .؟ عقلي ، يعني الأرض تأتيها يابسة هامدة ، أشجارها تتكسر ، ما فيها شيء فينزل عليها المطر فإذا هي رابية تهتز ، أليس في هذا دليل على قدرة الله على إحياء الموتى .؟ بلى فيه دليل .
طيب كون الشارع يرشدنا إلى الاستدلال بهذا القياس العقلي ، هذا إرشاد شرعي ، فهذه المطالب نقول إنها شرعية من وجهين :
الوجه الأول يا جماعة ، ترى هذه قاعدة يجب أن نفهمها قبل كل شيء : القاعدة هذه ، يقول المؤلف إن كثيرا مما أخبر به السمع من صفات الله دل عليه العقل ، إذا فهذه المطالب التي هي أسماء الله وصفاته أو ما يجب أن يثبت أو ينفى عن الله ، هي شرعية وعقلية ، شرعية من وجهين :
الوجه الأول : أن الشرع أخبر بها .
الوجه الثاني : أنه أرشد إلى الاستدلال بالعقل عليها . يعني قال انظروا . نعم .
طيب هذا الاستدلال إذا قيل ما مثاله .؟ نقول مثاله الأمثال المضروبة .
المشركون اتخذوا إلها مع الله أو لا .؟ اتخذوا إلها مع الله هذا ممتنع لأنه نقص : (( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ )) هذا مثال للموحد وللمشرك ، فالموحد السلم لرجل ، والمشرك الذي فيه شركاء متشاكسون ، إذا هنا استدل على وحدانية الله بمثل مضروب . معنى ذلك أن هذا من الأدلة الشرعية لكنها بواسطة العقل الذي أرشد الشرع إليه .
أرجو أن تضبطوا هذه القاعدة الآن ، هذه المطالب ونعني بالمطالب ما يجب أن يثبت أو ينفى عن الله ، شرعية عقلية ، شرعية من جهتين :
أن الشرع أخبر بها .
ثانيا : أن الشرع أرشد إلى إثباتها بالطريق العقلي .
وهي أيضا عقلية يقول المؤلف " وهي عقلية من جهة أنها تعلم بالعقل أيضاً " .
ذكرنا قبل قليل أن سمع الله وبصره وعلمه وقدرته ... إلى آخره ، تعلم بالشرع وتعلم أيضا بالعقل ، فالمؤلف إذا قال : إن هذه المطالب شرعية وعقلية ، شرعية من جهة أن الشرع أخبر بها وأرشد إلى الاستدلال بالعقل عليها، وعقليه من جهة أن العقل أيضاً يدل عليها .