تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " منها : ظنهم أن الرسول لا يعلم صدقه إلا بالطريق المعينة التي سلكوها وهم مخطئون قطعا في انحصار طريق تصديقه فيما ذكروه فإن طرق العلم بصدق الرسول كثيرة كما قد بسط في غير هذا الموضع . ومنها : ظنهم أن تلك الطريق التي سلكوها صحيحة وقد تكون باطلة . ومنها : ظنهم أن ما عارضوا به السمع معلوم بالعقل ويكونون غالطين في ذلك ; فإنه إذا وزن بالميزان الصحيح وجد ما يعارض الكتاب والسنة من المجهولات ; لا من المعقولات وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع .". حفظ
الشيخ : " ومِنْهَا : ظَنُّهُمْ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ إلَّا بِالطَّرِيقِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي سَلَكُوهَا وَهُمْ مُخْطِئُونَ قَطْعًا فِي انْحِصَارِ طَرِيقِ تَصْدِيقِهِ فِيمَا ذَكَرُوهُ فَإِنَّ طُرُقَ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الرَّسُولِ كَثِيرَةٌ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ " .
هم يقولون مثلاً : إننا نعلم صدق الرسول ويعلمون صدقه بطريق معين يعلمون به صدقه ويتركون ما سواه. وهل العلم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم منحصراً فيما ذكروه من الطريق .؟ مثل أن يقولوا مثلا : الرسول جاء بأشياء تعجز البشر فهذا الطريق طريق إثبات النبوات ، فنحن نقول لهم : لا ، الرسول جاء بأشياء تعجز البشر ، وأشاء تحير العقول ، وأنظمة بديعة تصلح الخلق إلى آخره .
القرآن ليس دليلاً على رسالة الرسول عليه الصلاة والسلام من حيث الإعجاز فقط ، بل من حيث أحكامه وحكمه وأسراره وأخباره وغير ذلك مما ينتفع به الخلق، فكونهم مثلا يقولون : ما نعلم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بطريق معين ، ولا نعلم ما يستحقه الرب إلا بطريق معين هذا خطأ منهم ، لأن الأدلة أكثر أو أوسع من المدلول ، قد يكون الشيء عليه دليل واحد فقط. وقد يكون عليه أدلة متعددة تحصر أو لا تحصر .
كونكم تحصرون الدليل على النبوة بهذا الطريق المعين هذا خطأ . بل إننا نعلم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم بطرق كثيرة غير ما ذكروا .
" ومِنْهَا : ظَنُّهُمْ أَنَّ تِلْكَ الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكُوهَا صَحِيحَةٌ وَقَدْ تَكُونُ بَاطِلَةً " وهذا هو الواقع لأنهم يظنون أن ما هم عليه هو الحق ، وأن من سواهم على باطل ، ولهذا يسمون أهل السنة الجماعة المجسمة والمشبهة . يقولون: إنهم إذا قيل لهم هذا تجسيم . قالوا : لا . نقول هذا بلا كيف . فيزعمون أن قول أهل السنة والجماعة بلا تشبيه وبلا تكييف هو فرار من التجسيم وليس على سبيل الحقيقة .
ومن المعلوم أن من سلك هذا المسلك فقد أخطأ ، يعني الذي يسلك هذا المسلك ، بأن الذي هو يسلكه هو الحق وما عداه فهم على باطل . هؤلاء مخطئون لأن الحق لا يتعين بما قاله فلان أو فلان .
" وَمِنْهَا : ظَنُّهُمْ أَنَّمَا عَارَضُوا بِهِ السَّمْعَ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ " عندي : أنما ، والصواب : أن ما ، يعني يجعل ما اسم موصول ، ليست : أنما ، التي للحصر .
" ظَنُّهُمْ أَنَّ مَا عَارَضُوا بِهِ السَّمْعَ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ ، وَيَكُونُونَ غَالِطِينِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ إذَا وُزِنَ بِالْمِيزَانِ الصَّحِيحِ وُجِدَ مَا يُعَارِضُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنْ الْمَجْهُولَاتِ لَا مِنْ الْمَعْقُولَاتِ وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ "
هذا أيضا مبني على ما سبق . حيث ظنوا أن ما عارضوا به السمع معلوم بالعقل .
فنقول لهم : كل ما عارض الكتاب والسنة إذا وزن بالميزان الصحيح هل يمكن أن يكون معقولا أو هو من المجهولات .؟ المؤلف يقول : هو من المجهولات لا من المعقولات .
ونحن نزيد أيضا أن نقول : هو من السّفاهات أيضاً ، لا من المعقولات لأن الله يقول : (( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ )) فكل من عارض الكتاب والسنة وزعم أن المعقول ما ذهب إليه ، نقول : لا . ما ذهبت إليه فهو المجهول هو السفه لأن الله يقول : (( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ )) .
وهذا كما يكون في البحث في أسماء الله وصفاته يكون أيضا في تشريعات الله ، فالذين يسنون القوانين ويزعمون أن ما جاء به الكتاب والسنة من القوانين أمر لا يصلح الخلق في الوقت الحاضر ، هم أيضا على خطأ ، بل نقول ما يصلح الخلق إلا ما جاء به الحق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
كم هذا من وجه .؟ واحد اثنان ثلاثة أربعة .