تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد اعترض طائفة من النفاة على هذه الطريقة باعتراض مشهور لبسوا به على الناس ; حتى صار كثير من أهل الإثبات يظن صحته ويضعف الإثبات به مثل ما فعل من فعل ذلك من النظار حتى ... مع أنه أصل قول القرامطة الباطنية وأمثالهم من الجهمية . فقالوا : القول بأنه لو لم يكن متصفا بهذه الصفات ; كالسمع والبصر والكلام مع كونه حيا : لكان متصفا بما يقابلها فالتحقيق فيه متوقف على بيان حقيقة المتقابلين . وبيان أقسامهما . فنقول : وأما المتقابلان فلا يجتمعان في شيء واحد من جهة واحدة وهو إما ألا يصح اجتماعهما في الصدق ولا في الكذب : أو يصح ذلك في أحد الطرفين ; ولأنهما متقابلان بالسلب والإيجاب وهو تقابل التناقض ; والتناقض هو اختلاف القضيتين بالسلب والإيجاب على وجه لا يجتمعان في الصدق ولا في الكذب لذاتيهما ; كقولنا : زيد حيوان زيد ليس بحيوان . ومن خاصة استحالة اجتماع طرفيه في الصدق والكذب : أنه لا واسطة بين الطرفين ولا استحالة لأحد الطرفين من جهة واحدة ولا يصح اجتماعهما في الصدق ولا في الكذب ; إذ كون الموجود واجبا بنفسه وممكنا بنفسه . لا يجتمعان ولا يرتفعان فإذا جعلتم هذا التقسيم : وهما النقيضان ما لا يجتمعان ولا يرتفعان فهذان لا يجتمعان ولا يرتفعان وليس هما السلب والإيجاب فلا يصح حصر النقيضين - اللذين لا يجتمعان ولا يرتفعان - في السلب والإيجاب وحينئذ فقد ثبت وصفان - شيئان - لا يجتمعان ولا يرتفعان ; وهو خارج عن الأقسام الأربعة على هذا فمن جعل الموت معنى وجوديا : فقد يقول إن كون الشيء لا يخلو من الحياة والموت هو من هذا الباب ; وكذلك العلم والجهل والصمم والبكم ونحو ذلك .". حفظ
الشيخ : قال : " وَقَدْ اعْتَرَضَ طَائِفَةٌ مِنْ النفاة عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِاعْتِرَاضِ مَشْهُورٍ لَبَّسُوا بِهِ عَلَى النَّاسِ ، حَتَّى صَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ يَظُنُّ صِحَّتَهُ وَيُضَعِّفُ الْإِثْبَاتَ بِهِ ، مِثْلَ مَا فَعَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ النُّظَّارِ حَتَّى ... "
الطالب : ... .
الشيخ : " مَعَ أَنَّهُ أَصْلُ قَوْلِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ الجهمية . فَقَالُوا : الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ ، كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ مَعَ كَوْنِهِ حَيًّا لَكَانَ مُتَّصِفًا بِمَا يُقَابِلُهَا فَالتَّحْقِيقُ فِيهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَبَيَانُ أَقْسَامِهِمَا . فَنَقُولُ : وأَمَّا الْمُتَقَابِلَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ " .
المتقابلان كالضدين مثلاً والنقيضين ، لا يجتمعان في شيء واحد من جهة واحدة . فلا يصح أن يكون الإنسان سميعاً أصم ، لكن يمكن أن يكون سميعاً في وقت وأصم في وقت آخر . لكن من جهة واحدة لا .
" وَهُوَ إمَّا أَلَّا يَصِحَّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ ، أَوْ يَصِحَّ ذَلِكَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ ، وَلِأَنَّهُمَا مُتَقَابِلَانِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ وَهُوَ تَقَابُلُ التَّنَاقُضِ ، وَالتَّنَاقُضُ هُوَ اخْتِلَافُ الْقَضِيَّتَيْنِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ لِذَاتَيْهِمَا ، كَقَوْلِنَا : زَيْدٌ حَيَوَانٌ زَيْدٌ لَيْسَ بِحَيَوَانِ " .
عندنا الآن قضيتان إحداها صادقة والأخرى كاذبة لا يجتمعان في الصدق ولا يجتمعان أيضا في الكذب . بل أحدهما صادق ولابد . زيد حيوان . زيد ليس بحيوان . أيهما الصادقة ؟! زيد الحيوان صادق . وليس بحيوان كاذبة .
الطالب : ... .
الشيخ : هذا على لغتنا نحن ، وأنا قلت لكم فيما سبق ، وأظن أن أحدكم سأل ، وقلت لكم إن الإنسان حيوان لكنه يوصف بوصف يخرجه عن بقية الحيوانات ، وهو ناطق، فعندما تقول زيد حيوان زيد ليس بحيوان ، نشوف الآن نطبقها على ما سبق ، كلاهما كاذبة ، زيد حيوان على إطلاقه ليس بصحيح . وزيد ليس بحيوان على إطلاقه ليس بصحيح . فهما كاذبتان سلباً وإيجاباً .
متى يصحان إيجاباً .؟ إذا قلت زيد حيوان ناطق . صحت الإيجابية ، تصح السلبية إذا قلت : زيد ليس بحيوان غير ناطق ، فالتقابل إذا يقول المؤلف : " إما أن لا يصح اجتماعهما في الصدق ولا في الكذب أو يصح ذلك في أحد الطرفين " يعني السلب والإيجاب .
فالذي لا يصح اجتماعهما في الصدق والكذب ، زيد حيوان زيد ليس بحيوان ، ما يصح ، إذ لا بد من إدخال قيد حتى تصدق إحداهما ، وهو : ناطق ، بالنسبة للإيجابية ، وليس بناطق ، بالنسبة للسلبية ، زيد ليس بحيوان ليس بناطق ، بل هو حيوان ناطق .
الآن يفصل المؤلف ، قال : " وَمِنْ خَاصَّةِ اسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَلَا اسْتِحَالَةَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَلَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ ، إذْ كَوْنُ الْمَوْجُودِ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ وَمُمْكِنًا بِنَفْسِهِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ " .
وهذا أيضا تقدم لنا ، وهو موجود في تقسيم الأشياء إلى أربعة أقسام : متماثلان ومختلفان . وضدان ونقيضان .
فالضدان كما قال المؤلف : لا يمكن إذا نفي أحدهما إلا أن يثبت الآخر، فالصمم والسمع متناقضان ، إذا قلت أن الله ليس بسميع لزمك أن تصفه بالصمم ، فإذا قلت هذا فيما يقبل ، قلنا : كونك تقول هذا فيما يقبل أو ما لا يقبل هذا أمر اصطلاحي ، ولذلك وصف الله الأصنام بأنها أوات غير أحياء وهي لا تقبل الموت والحياة على اصطلاحك .
وثانياً نقول : ما لا يقبل أعظم امتناعا مما يقبل وأعظم نقصاً وسبق هذا .
" فَإِذَا جَعَلْتُمْ هَذَا التَّقْسِيمَ : وَهُمَا النَّقِيضَانِ مَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ فَهَذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ وَلَيْسَ هُمَا السَّلْبُ وَالْإِيجَابُ فَلَا يَصِحُّ حَصْرُ النَّقِيضَيْنِ - اللَّذَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ - فِي السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ " السلب يعني النفي ، وَالْإِيجَابِ يعني الإثبات .
" وَحِينَئِذٍ فَقَدَ ثَبَتَ وَصْفَانِ - شَيْئَانِ - لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى هَذَا فَمَنْ جَعَلَ الْمَوْتَ مَعْنًى وُجُودِيًّا فَقَدْ يَقُولُ : إنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ والصم والبكم ونحو ذلك .
الوجه الثاني : أن يقال ... " . الوجه الأول أين هو.؟ قوله : مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَبَيَانُ أَقْسَامِهِمَا . فَنَقُولُ : وأَمَّا الْمُتَقَابِلَانِ ... .
الطالب : ... .
الشيخ : " مَعَ أَنَّهُ أَصْلُ قَوْلِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ الجهمية . فَقَالُوا : الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ ، كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ مَعَ كَوْنِهِ حَيًّا لَكَانَ مُتَّصِفًا بِمَا يُقَابِلُهَا فَالتَّحْقِيقُ فِيهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَبَيَانُ أَقْسَامِهِمَا . فَنَقُولُ : وأَمَّا الْمُتَقَابِلَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ " .
المتقابلان كالضدين مثلاً والنقيضين ، لا يجتمعان في شيء واحد من جهة واحدة . فلا يصح أن يكون الإنسان سميعاً أصم ، لكن يمكن أن يكون سميعاً في وقت وأصم في وقت آخر . لكن من جهة واحدة لا .
" وَهُوَ إمَّا أَلَّا يَصِحَّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ ، أَوْ يَصِحَّ ذَلِكَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ ، وَلِأَنَّهُمَا مُتَقَابِلَانِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ وَهُوَ تَقَابُلُ التَّنَاقُضِ ، وَالتَّنَاقُضُ هُوَ اخْتِلَافُ الْقَضِيَّتَيْنِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ لِذَاتَيْهِمَا ، كَقَوْلِنَا : زَيْدٌ حَيَوَانٌ زَيْدٌ لَيْسَ بِحَيَوَانِ " .
عندنا الآن قضيتان إحداها صادقة والأخرى كاذبة لا يجتمعان في الصدق ولا يجتمعان أيضا في الكذب . بل أحدهما صادق ولابد . زيد حيوان . زيد ليس بحيوان . أيهما الصادقة ؟! زيد الحيوان صادق . وليس بحيوان كاذبة .
الطالب : ... .
الشيخ : هذا على لغتنا نحن ، وأنا قلت لكم فيما سبق ، وأظن أن أحدكم سأل ، وقلت لكم إن الإنسان حيوان لكنه يوصف بوصف يخرجه عن بقية الحيوانات ، وهو ناطق، فعندما تقول زيد حيوان زيد ليس بحيوان ، نشوف الآن نطبقها على ما سبق ، كلاهما كاذبة ، زيد حيوان على إطلاقه ليس بصحيح . وزيد ليس بحيوان على إطلاقه ليس بصحيح . فهما كاذبتان سلباً وإيجاباً .
متى يصحان إيجاباً .؟ إذا قلت زيد حيوان ناطق . صحت الإيجابية ، تصح السلبية إذا قلت : زيد ليس بحيوان غير ناطق ، فالتقابل إذا يقول المؤلف : " إما أن لا يصح اجتماعهما في الصدق ولا في الكذب أو يصح ذلك في أحد الطرفين " يعني السلب والإيجاب .
فالذي لا يصح اجتماعهما في الصدق والكذب ، زيد حيوان زيد ليس بحيوان ، ما يصح ، إذ لا بد من إدخال قيد حتى تصدق إحداهما ، وهو : ناطق ، بالنسبة للإيجابية ، وليس بناطق ، بالنسبة للسلبية ، زيد ليس بحيوان ليس بناطق ، بل هو حيوان ناطق .
الآن يفصل المؤلف ، قال : " وَمِنْ خَاصَّةِ اسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَلَا اسْتِحَالَةَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَلَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الصِّدْقِ وَلَا فِي الْكَذِبِ ، إذْ كَوْنُ الْمَوْجُودِ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ وَمُمْكِنًا بِنَفْسِهِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ " .
وهذا أيضا تقدم لنا ، وهو موجود في تقسيم الأشياء إلى أربعة أقسام : متماثلان ومختلفان . وضدان ونقيضان .
فالضدان كما قال المؤلف : لا يمكن إذا نفي أحدهما إلا أن يثبت الآخر، فالصمم والسمع متناقضان ، إذا قلت أن الله ليس بسميع لزمك أن تصفه بالصمم ، فإذا قلت هذا فيما يقبل ، قلنا : كونك تقول هذا فيما يقبل أو ما لا يقبل هذا أمر اصطلاحي ، ولذلك وصف الله الأصنام بأنها أوات غير أحياء وهي لا تقبل الموت والحياة على اصطلاحك .
وثانياً نقول : ما لا يقبل أعظم امتناعا مما يقبل وأعظم نقصاً وسبق هذا .
" فَإِذَا جَعَلْتُمْ هَذَا التَّقْسِيمَ : وَهُمَا النَّقِيضَانِ مَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ فَهَذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ وَلَيْسَ هُمَا السَّلْبُ وَالْإِيجَابُ فَلَا يَصِحُّ حَصْرُ النَّقِيضَيْنِ - اللَّذَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ - فِي السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ " السلب يعني النفي ، وَالْإِيجَابِ يعني الإثبات .
" وَحِينَئِذٍ فَقَدَ ثَبَتَ وَصْفَانِ - شَيْئَانِ - لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى هَذَا فَمَنْ جَعَلَ الْمَوْتَ مَعْنًى وُجُودِيًّا فَقَدْ يَقُولُ : إنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ والصم والبكم ونحو ذلك .
الوجه الثاني : أن يقال ... " . الوجه الأول أين هو.؟ قوله : مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَبَيَانُ أَقْسَامِهِمَا . فَنَقُولُ : وأَمَّا الْمُتَقَابِلَانِ ... .