تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وهذا الدين هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره لا من الأولين ولا من الآخرين فإن جميع الأنبياء على دين الإسلام قال الله تعالى عن نوح : (( واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم )) إلى قوله : (( وأمرت أن أكون من المسلمين )) . وقال عن إبراهيم : ((ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه )) إلى قوله : (( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين )) إلى قوله : (( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) وقال عن موسى : (( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين )) وقال في خبر المسيح : (( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون )) وقال فيمن تقدم من الأنبياء : (( يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا )) وقال عن بلقيس أنها قالت : (( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين )) فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده ; فمن استسلم له ولغيره كان مشركا ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده . فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ; وذلك إنما يكون بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت ; فإذا أمر في أول الأمر باستقبال الصخرة ثم أمرنا ثانيا باستقبال الكعبة : كان كل من الفعلين حين أمر به داخلا في الإسلام فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين ; وإنما تنوع بعض صور الفعل وهو وجه المصلى فكذلك الرسل دينهم واحد وإن تنوعت الشرعة والمنهاج والوجه والمنسك ; فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحدا كما لم يمنع ذلك في شريعة الرسول الواحد .". حفظ
الشيخ : " وَهَذَا الدِّينُ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ دِينًا غَيْرَهُ لَا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَلَا مِنْ الآخرين فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ : (( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ )) إلَى قَوْلِهِ : (( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) . وَقَالَ عَنْ إبْرَاهِيمَ : (( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ )) إلَى قَوْلِهِ ، (( إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) إلَى قَوْلِهِ : (( فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) وَقَالَ عَنْ مُوسَى : (( يَا قَوْمِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ )) وَقَالَ فِي خَبَرِ الْمَسِيحِ : (( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ )) ".
الطالب : وقال في حواري المسيح .
الشيخ : هذا صح " وقال في حواري المسيح : (( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ )) وَقَالَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ : (( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا )) وَقَالَ عَنْ بلقيس أَنَّهَا قَالَتْ : (( رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) ".
الطالب : (( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ )) .
الشيخ : التوراة (( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذي أسلموا )) .
هذه الآيات ساقها المؤلف ليبن لنا أن الإسلام هو دين الأنبياء ، ليس هو دين محمد عليه الصلاة والسلام . لكن بعد أن بعث محمد ونسخ الأديان صار الإسلام هو دين الرسول عليه الصلاة والسلام فقط .
وإلا في زمن موسى ما هو الإسلام .؟ اليهودية ، وفي زمن عيسى الإسلام النصرانية ، وفي زمن إبراهيم الإسلام دين ، وهكذا الإسلام هو دين الرسل ، لكن خص الإسلام بالمعنى المفهوم عرفاً الآن بدين محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن كل ما سواه من الأديان أصبحت منسوخة باطلة به .
فلم تكن الآن إسلاما ، فالنصارى مثلا ليسوا مسلمين اليوم ، لكنهم في زمن عيسى مسلمون ، اليهود ليسوا مسلمين اليوم لكنهم في زمن موسى مسلمون ، وبهذا كل الآيات كما رأيتم كلها تدل على أن الإسلام دين الأنبياء .
إذا كان الإسلام دين الأنبياء فما هو الإسلام بالمعنى العام .؟
يقول المؤلف : " فَالْإِسْلَامُ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، فَمَنْ اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا وَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ كَانَ مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ، وَالْمُشْرِكُ بِهِ وَالْمُسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِ كَافِرٌ ، وَالِاسْتِسْلَامُ لَهُ وَحْدَهُ يَتَضَمَّنُ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ وَطَاعَتَهُ وَحْدَهُ . ". إذا يا جماعة الآن هنا نأخذ من ذلك :
أولا : ما هو الإسلام ؟! نقول : هو الاستسلام لله وحده بهذا القيد ، فمن لم يستسلم له فهو مستكبر عن عبادته ، ومن استسلم له ولغيره فهو مشرك في عبادته ، والمستكبر عن عبادته والمشرك به في عبادته كلاهما كافر .
هذا التعريف للإسلام هل يختص بالإسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم الإسلام أو هو عام .؟ هو عام ، فالإسلام هو الاستسلام لله وحده ، لكنه بعد أن بعث محمد ونسخ جميع الأديان صار خاصاً بما عليه محمد صلى الله عليه وسلم .
قال : " فَهَذَا " المشار إليه : الاستسلام لله وحده " دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ غَيْرَهُ ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُطَاعَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ " فهمتم يا جماعة وش هذا التعريف ، الاستسلام أن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت، الآن نقول الإسلام لله في زمن موسى هو طاعته في اتباع التوراة، وفي زمن عيسى طاعته بإتباع الإنجيل ، وفي زمن محمد طاعته في اتباع القرآن .
" فَإِذَا أَمَرَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الصَّخْرَةِ ثُمَّ أَمَرَنَا ثَانِيًا بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ حِينَ أَمَرَ بِهِ دَاخِلًا فِي الْإِسْلَامِ ".
المسلمون حيث قدموا المدينة . يصلون إلى بيت المقدس ، وبعد ذلك صرفوا إلى الكعبة . فصلاتهم إلى بيت المقدس إسلام أو لا .؟
الطالب : إسلام .
الشيخ : وصلاتهم إلى الكعبة بعد أن نسخ إسلام . ولهذا قال الله تعالى : (( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ )) قال العلماء : معنى إيمانكم صلاتكم إلى بيت المقدس . فسماه الله تعالى إيماناً . مع أن الإنسان لو يصلي الآن إلى بيت المقدس صار مجرماً وصار فاعلاً للمحرم ، وإذا استحله أو أوجبه كان كافراً .
فالحاصل أن نقول الإسلام هو الاستسلام لله تبارك وتعالى وحده ، وذلك بطاعته في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت ، سواء كان ذلك في الشريعة كاملة أو كان في جزء من أجزاء الشريعة ، ففي الشريعة كاملة مثل طاعة الله تعالى باتباع التوراة في زمن موسى ، وش نعتبره .؟ إسلاما ، وفي جزء الرسالة ، طاعة الله في استقبال بيت المقدس أول الهجرة إسلام ، ثم إلى الكعبة إسلام أيضا .
قال : " فَالدِّينُ هُوَ الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ لَهُ فِي الْفِعْلَيْنِ ، وَإِنَّمَا تَنَوُّعُ بَعْضِ صُوَرِ الْفِعْلِ وَهُوَ وَجْهُ الْمُصَلَّى ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ الشِّرْعَةُ وَالْمِنْهَاجُ وَالْوَجْهُ وَالْمَنْسَكُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ وَاحِدًا كَمَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ الرَّسُولِ الْوَاحِدِ ".
صحيح، الدين واحد وهو الإسلام لله سبحانه وتعالى سواء بهذا أو بهذا ، مادام أن الشرع قائم في شريعة واحدة أو في شرائع فالإسلام هو طاعة الله تعالى في ذلك الدين .