تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد أخبر سبحانه عن المشركين من إقرارهم بأن الله خالق المخلوقات ما بينه في كتابه فقال : (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون )) وقال تعالى : (( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون )) إلى قوله : (( فأنى تسحرون )) إلى قوله : (( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون )) وقال : (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )) .". حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين :
سبق أن المؤلف رحمه الله تعالى نقل عن الذين يتكلمون في مقالات الناس الخلافيات أنهم لم ينقلوا أن أحدا من الناس قال بإثبات صانعين للعالم متساويين ، وهذا صحيح ، ليس فيه أحد قال إن للعالم خالقين متساويين أبدا ، ولا يمكن أن يقوله عاقل .يقول : " بل من أعظم ما نقلوا في ذلك قول الثنوية الذين يقولون بالأصلين : النور والظلمة ، وأن النور خلق الخير ، والظلمة خلقت الشر ، ثم ذكروا لهم في الظلمة قولين :
أحدهما : أنها محدثة فتكون من جملة المخلوقات له ." أي : للنور .
" والثاني : أنها قديمة لكنها لم تفعل إلا الشر فكانت ناقصة في ذاتها وصفاتها ومفعولاتها عن النور .
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ إقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الْمَخْلُوقَاتِ مَا بَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ : (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) " الله فاعل لفعل محذوف تقديره خلقهن الله ، وهذا إقرار بأن الله وحده هو الخالق .
" (( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ )) " الجواب : لا " (( أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ )) " لا ، إذن " (( قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ )) " حسبي بمعنى كافيني .
" وَقَالَ تَعَالَى : (( قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ )) إلَى قَوْلِهِ : (( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ )) " وش الآية الثالثة .؟
(( قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون )) كل هذه الآيات تدل على أن المشركين كانوا مقرين بأن الله تبارك وتعالى وحده هو الخالق .
وقال : " إلَى قَوْلِهِ : (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَهٍ إذًا لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )) ".
(( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ )) لماذا لم يتخذ ولداً ؟! لكمال غناه عن الولد ، ولأنه ليس كمثله شيء، فهو مستغن عن الولد ، لا يحتاج إلى الولد يعينه ولا يساعده ولا يبقي ذكره ، وكذلك أيضا لا شبيه له ، والولد لو فرض أن له ولداً لكان مشابها له ، والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك :
ثانيا : (( وما كان معه من إله )) من حرف جر زائد من حيث الإعراب ، لكنه من حيث المعنى للتوكيد ، يعني وما كان معه إله .
(( إذا )) هذا التنوين عوض عن جملة تقديرها إذ لو كان معه إله (( لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون )) لو كان معه إله لوجوب أن ينفرد كل إله بما خلق ، فيكون للعالم بذلك خالقين ، لازم يكون له خالقين ، وكل خالق ينفرد بما خلق .
ونحن الآن نشاهد أن الكون شيء واحد ليس فيه تناقض ولا تنافر ولا يصادم بعضه بعضا . ولا يخالف بعضه بعضا ، مما يدل دلالة قطعية على أن مدبره واحد ، لو كان هناك إلهين كان كل واحد له مملكة ، مثل ما نرى في ملوك الدنيا كل ملك له مملكة وحده ، لا يمكن يدخل عليه الأخر ولا هو يدخل على الآخر . ونحن نشاهد الآن الكون أنه شيء واحد لا تناقض فيه .
كذلك أيضا الأمر الثاني مما يدل على الامتناع (( ولعلا بعضهم على بعض )) هذا أيضا ضروري أن يعلوا بعضهم على بعض ، فإذا علا بعضهم على بعض فمن الذي يستحق أن يكون إلها ؟! العالي هو الذي يستحق أن يكون إلها وحينئذ ينفرد بالألوهية . وإن عجز بعضهم أن يعلو بعضا صار الجميع غير صالح للألوهية لأن الإله لا يكون عاجز .
أرجو الانتباه لهذا الدليل ، لو كان مع الله إله لزم أن ينفرد كل إله بما خلق ، وحينئذ إذا انفرد كل إله بما خلق إما أن يعلو بعضهم على بعض ـ أحسن جمع حتى يشمل الإله ومن معه ـ إما أن يعلو بعضهم على بعض ، أو يعجز بعضهم عن بعض ، إن علا بعضهم على بعض فالعالي هو الإله ، وتتعين الألوهية فيه ، وإن عجز بعضهم عن بعض فكل منهم غير صالح أن يكون إلها ، لأن الإله لا يكون عاجزا ، وحينئذ يبطل تعدد الآلهة على كل تقدير .
فتبين بهذه الآية الكريمة امتناع تعدد الآلهة من وجهين :
الوجه الأول : لو تعددت الآلهة لذهب كل إله بما خلق ، ونحن نرى الآن ان الكون شيء واحد لا اضطراب فيه ، الشمس تطلع على ما هي عليه وتغيب على ما هي عليه ، ما فيه واحد يقول : لا ، أنا أريدها اليوم ما تطلع ، القمر أريد أن لا يطلع اليوم ، نجد أن الكون كله واحد ، ولسنا مكلفين بما لا نعلم ، كل ما نعلمه من الكون نجد أنه يدبر بتدبير إله واحد .
الشيء الثاني مما يدل على الامتناع : أنه لو تعددوا وذهب كل إله بما خلق لعلا بعضهم على بعض ، أو عجز بعضهم عن بعض ، فإن علا بعضهم على بعض فالعالي هو الإله والمعلو عليه ليس بإله ، وإن عجز كل منهما على الآخر فكل منهما لا يصلح إلها ، وهذا دليل قطعي جدا من أوضح ما يكون .
سبق أن المؤلف رحمه الله تعالى نقل عن الذين يتكلمون في مقالات الناس الخلافيات أنهم لم ينقلوا أن أحدا من الناس قال بإثبات صانعين للعالم متساويين ، وهذا صحيح ، ليس فيه أحد قال إن للعالم خالقين متساويين أبدا ، ولا يمكن أن يقوله عاقل .يقول : " بل من أعظم ما نقلوا في ذلك قول الثنوية الذين يقولون بالأصلين : النور والظلمة ، وأن النور خلق الخير ، والظلمة خلقت الشر ، ثم ذكروا لهم في الظلمة قولين :
أحدهما : أنها محدثة فتكون من جملة المخلوقات له ." أي : للنور .
" والثاني : أنها قديمة لكنها لم تفعل إلا الشر فكانت ناقصة في ذاتها وصفاتها ومفعولاتها عن النور .
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ إقْرَارِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ الْمَخْلُوقَاتِ مَا بَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ : (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) " الله فاعل لفعل محذوف تقديره خلقهن الله ، وهذا إقرار بأن الله وحده هو الخالق .
" (( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ )) " الجواب : لا " (( أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ )) " لا ، إذن " (( قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ )) " حسبي بمعنى كافيني .
" وَقَالَ تَعَالَى : (( قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ )) إلَى قَوْلِهِ : (( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ )) " وش الآية الثالثة .؟
(( قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون )) كل هذه الآيات تدل على أن المشركين كانوا مقرين بأن الله تبارك وتعالى وحده هو الخالق .
وقال : " إلَى قَوْلِهِ : (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَهٍ إذًا لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )) ".
(( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ )) لماذا لم يتخذ ولداً ؟! لكمال غناه عن الولد ، ولأنه ليس كمثله شيء، فهو مستغن عن الولد ، لا يحتاج إلى الولد يعينه ولا يساعده ولا يبقي ذكره ، وكذلك أيضا لا شبيه له ، والولد لو فرض أن له ولداً لكان مشابها له ، والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك :
ثانيا : (( وما كان معه من إله )) من حرف جر زائد من حيث الإعراب ، لكنه من حيث المعنى للتوكيد ، يعني وما كان معه إله .
(( إذا )) هذا التنوين عوض عن جملة تقديرها إذ لو كان معه إله (( لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون )) لو كان معه إله لوجوب أن ينفرد كل إله بما خلق ، فيكون للعالم بذلك خالقين ، لازم يكون له خالقين ، وكل خالق ينفرد بما خلق .
ونحن الآن نشاهد أن الكون شيء واحد ليس فيه تناقض ولا تنافر ولا يصادم بعضه بعضا . ولا يخالف بعضه بعضا ، مما يدل دلالة قطعية على أن مدبره واحد ، لو كان هناك إلهين كان كل واحد له مملكة ، مثل ما نرى في ملوك الدنيا كل ملك له مملكة وحده ، لا يمكن يدخل عليه الأخر ولا هو يدخل على الآخر . ونحن نشاهد الآن الكون أنه شيء واحد لا تناقض فيه .
كذلك أيضا الأمر الثاني مما يدل على الامتناع (( ولعلا بعضهم على بعض )) هذا أيضا ضروري أن يعلوا بعضهم على بعض ، فإذا علا بعضهم على بعض فمن الذي يستحق أن يكون إلها ؟! العالي هو الذي يستحق أن يكون إلها وحينئذ ينفرد بالألوهية . وإن عجز بعضهم أن يعلو بعضا صار الجميع غير صالح للألوهية لأن الإله لا يكون عاجز .
أرجو الانتباه لهذا الدليل ، لو كان مع الله إله لزم أن ينفرد كل إله بما خلق ، وحينئذ إذا انفرد كل إله بما خلق إما أن يعلو بعضهم على بعض ـ أحسن جمع حتى يشمل الإله ومن معه ـ إما أن يعلو بعضهم على بعض ، أو يعجز بعضهم عن بعض ، إن علا بعضهم على بعض فالعالي هو الإله ، وتتعين الألوهية فيه ، وإن عجز بعضهم عن بعض فكل منهم غير صالح أن يكون إلها ، لأن الإله لا يكون عاجزا ، وحينئذ يبطل تعدد الآلهة على كل تقدير .
فتبين بهذه الآية الكريمة امتناع تعدد الآلهة من وجهين :
الوجه الأول : لو تعددت الآلهة لذهب كل إله بما خلق ، ونحن نرى الآن ان الكون شيء واحد لا اضطراب فيه ، الشمس تطلع على ما هي عليه وتغيب على ما هي عليه ، ما فيه واحد يقول : لا ، أنا أريدها اليوم ما تطلع ، القمر أريد أن لا يطلع اليوم ، نجد أن الكون كله واحد ، ولسنا مكلفين بما لا نعلم ، كل ما نعلمه من الكون نجد أنه يدبر بتدبير إله واحد .
الشيء الثاني مما يدل على الامتناع : أنه لو تعددوا وذهب كل إله بما خلق لعلا بعضهم على بعض ، أو عجز بعضهم عن بعض ، فإن علا بعضهم على بعض فالعالي هو الإله والمعلو عليه ليس بإله ، وإن عجز كل منهما على الآخر فكل منهما لا يصلح إلها ، وهذا دليل قطعي جدا من أوضح ما يكون .