تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك أهل الفلسفة والطبع والنجوم الذين يجعلون أن بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور هم مع الإقرار بالصانع يجعلون هذه الفاعلات مصنوعة مخلوقة لا يقولون إنها غنية عن الخالق مشاركة له في الخلق فأما من أنكر الصانع فذاك جاحد معطل للصانع كالقول الذي أظهر فرعون والكلام الآن مع المشركين بالله المقرين بوجوده فإن هذا التوحيد الذي قرروه لا ينازعهم فيه هؤلاء المشركون بل يقرون به مع أنهم مشركون كما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع وكما علم بالاضطرار من دين الإسلام .". حفظ
الشيخ : " وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْفَلْسَفَةِ وَالطَّبْعِ وَالنُّجُومِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ " عندك : " أَنَّ بَعْضَ "
الطالب : لا .
الشيخ : اشطبوا على أن يا جماعة .
" الَّذِينَ يَجْعَلُونَ بعض الْمَخْلُوقَاتِ مُبْدِعَةٌ لِبَعْضِ الْأُمُورِ هُمْ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالصَّانِعِ يَجْعَلُونَ هَذِهِ الْفَاعِلَاتِ مَصْنُوعَةً مَخْلُوقَةً ولَا يَقُولُونَ إنَّهَا غَنِيَّةٌ عَنْ الْخَالِقِ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِي الْخَلْقِ ، فَأَمَّا مَنْ أَنْكَرَ الصَّانِعَ فَذَاكَ جَاحِدٌ مُعَطِّلٌ لِلصَّانِعِ كَالْقَوْلِ الَّذِي أَظْهَرَ فِرْعَوْنُ " .
أهل الفلسفة والطبع . وش معنى الطبع : الذين يجعلون الأمور تتفاعل بطبائعها . وكذلك أصحاب النجوم . الذين يجعلون النجوم لها تأثير في الخلق . يقولون هذا النجم الفلاني يأتي بالمطر وما أشبه ذلك ، أو هذا النجم الفلاني إذا ولد فيه الإنسان يكون سعيداً أو إذا ولد فيه يكون شقيا وما أشبه ذلك .
أصحاب هذه النجوم يجعلون بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور . مثلاً يجعلون الطبيعة تتفاعل . وبعضها ينشئ بعضا ، النجوم يجعلونها تفعل وتسعد الإنسان أو تشقيه ، تنزل المطر أو تمنعه ومع ذلك يجعلون هذه الفاعلات مصنوعة مخلوقة . لا يقولون إنها غنية عن الخالق . مشاركة له في الخلق .
كأن المؤلف ــ رحمه الله ــ يريد أن يجيب عن أشياء فيها شبهة ، خلاصة الشبهة أنه قرر في أول كلامه أنه لا يوجد من يقول إن للعالم خالقين متساويين ، أورد على نفسه قضية الثانوية ، أجاب عنها ، أورد قضية القدرية ، الذين يقولون إن الإنسان خالق أفعاله ، أجاب عنها بأنهم يقولون أن الإنسان مخلوق ، أورد على نفسه أهل الطبع والنجوم الذين يقولون أن بعض المخلوقات تفعل ، أجاب عنها بأنهم لا يقولون أنها غنية عن الخالق بل يرون أنها من جملة المخلوقات .
قال : " فَأَمَّا مَنْ أَنْكَرَ الصَّانِعَ فَذَاكَ جَاحِدٌ مُعَطِّلٌ لِلصَّانِعِ كَالْقَوْلِ الَّذِي أَظْهَرَ فِرْعَوْنُ " هذا في الحقيقة غير مشرك لأنه جاحد قال الله تعالى : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ )) هذا أصلا لم يثبت خالقا . يقول عن نفسه أنا ربكم الأعلى ، هو من الأصل ما أثبت خالقا حتى نقول إنه أثبت شريكا ، هو لم يقل : أنا والله سواء . بل قال هو نفسه الرب .
وهذا أيضا قدره المؤلف سؤالاً وأجاب عنه ، كأنه قيل : فرعون أنكر الخالق . قال : نعم . لكن ما جعله شريكا ، والقضية التي أثبتها من قبل أنه لم يقل أحد من الناس إن للعالم خالقين ، حتى فرعون ما قال إن للعالم خالقين ، أنكر الخالق إطلاقاً ، وقال : (( ما علمت لكم من إله غيري )) .
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، متساويين ضروري ، لأن المتساويين هما الذين يصحون أن يصيروا ربا .
ثم قال : " وَالْكَلَامُ الْآنَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ الْمُقِرِّينَ بِوُجُودِهِ فَإِنَّ هَذَا التَّوْحِيدَ الَّذِي قَرَّرُوهُ لَا يُنَازِعُهُمْ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بَلْ يُقِرُّونَ بِهِ مَعَ أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ كَمَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَكَمَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ".
نقول : أنتم يا أهل الكلام توحيدكم هذا الذي زعمتم أنه هو التوحيد، ما هو توحيد أهل الكلام .؟ أن الله واحد في ذاته لا قسيم له . وواحد في صفاته لا شبيه له ، واحد في أفعاله لا شريك له ، هذا الذي يزعمونه غاية التوحيد ، وأن هذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل وهو الذي كلف به الإنسان ، نقول هذا التوحيد الذي أنتم جعلتموه توحيدا هو توحيد المشركين ، فإنه لا يوجد أحد من المشركين قال إن الله ينقسم . ولا إن الله له شبيه في صفاته ، ولا إن الله له شريك في أفعاله ، ليقولن الله ليقولن الله .
هذا التوحيد الذي هو توحيد المشركين هل أخرجهم من الشرك .؟ الجواب : لا ، بقوا مشركين مع أنهم يوحدون هذا التوحيد الذي زعمتم أنه هو التوحيد ، وهذا شيء معلوم بالضرورة كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى .
الطالب : ... .
الشيخ : معلوم لأن المشركين ما ينازعونهم في هذا التوحيد ، ما ينازعون المشركين الذين قرروا أن التوحيد ما سبق ، أنه واحد في لا قسيم له . ولا شبيه له في الصفات ، ولا شريك له في الأفعال .
الطالب : ... .
الشيخ : هؤلاء المشركين ، الآن التوحيد هذا ما يخرجهم من الشرك ، هذا التوحيد الذي زعموا أنه توحيد الله لا يخرجهم من الشرك و هو يقول الكلام الآن مع المشركين بالله المقرين بوجوده ، فإن هذا التوحيد الذي قرروه ـ أهل الكلام ـ لا ينازعهم فيه هؤلاء المشركون ، هذا سبق ، المشركين ... بالله في العبادة مقرين بوجوده .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم المشركين بالله في عبادته وألوهيته ، مثل كفار مكة و وغيرهم ممن إذا سئلوا عن الربوبية أقروا بها ، فهم يقرون بالله وبوجوده وبربوبيته لكن ينكرون توحيده في أفعالهم هم ، في العبادة يعني .
الطالب : ... .
الشيخ : ... المشركين الذين أقروا بأن الله واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله ولكن يعبدون معه غيره ، أليسوا مشركين هؤلاء أو لا .؟ هؤلاء المشركين لو أخذنا تعريف التوحيد على حسب ما قاله هؤلاء المتكلمون لكان هؤلاء الذين يقرون به ويعبدون غيره لكانوا موحدين ، والأمر ليس كذلك ، فالله تعالى جعلهم مشركين وأجمع المسلمون على أنهم مشركون ، ومع ذلك هم يقرون بالتوحيد الذي زعم هؤلاء أنه هو التوحيد ، مفهوم .؟
والمهم الآن أن نعرف أن هذا التوحيد الذي ذكره أهل الكلام والنظر هو توحيد صحيح أو لا .؟ غير صحيح ، لأنه قاصر ، هم لو زودوا وواحد في ألوهيته لا يعبد سواه ، لو قالوا هكذا لكان توحيدهم صحيحا ، لكان كلامهم صحيحا ، لكن هم قصروا التوحيد مع الأسف على الأفعال والصفات ، أما مسألة واحد في ذاته لا قسيم له ، فما علمنا أحدا قاله ، ولا حاجة إلى ذكره لأنه معلوم أن الرب سبحانه وتعالى ليس بأعضاء ، ليس يتقطع أعضاء ما أحد قال بهذا ، لكن هم يريدون أن ينمقوا الكلام بدل ما يقول أهل السنة والجماعة ثلاثة أقسام هم يقولون التوحيد ثلاثة أقسام ، واحد في ذاته وواحد في صفاته وواحد في أفعاله ، لكن فرق بين الثلاثة والثلاثة
الطالب : ... .
الشيخ : نعم : " بَلْ يُقِرُّونَ بِهِ مَعَ أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ كَمَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَكَمَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ " .