تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وذلك أنه ما من سبب من الأسباب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسببه ولا بد من مانع يمنع مقتضاه إذا لم يدفعه الله عنه فليس في الوجود شيء واحد يستقل بفعل شيء إذا شاء إلا الله وحده قال تعالى : (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )) أي فتعلمون أن خالق الأزواج واحد ولهذا من قال : إن الله لا يصدر عنه إلا واحد - لأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد - كان جاهلا فإنه ليس في الوجود واحد صدر عنه وحده شيء - لا واحد ولا اثنان - إلا الله الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون فالنار التي خلق الله فيها حرارة لا يحصل الإحراق إلا بها وبمحل يقبل الاحتراق ; فإذا وقعت على السمندل والياقوت ونحوهما لم تحرقهما وقد يطلى الجسم بما يمنع إحراقه والشمس التي يكون عنها الشعاع لا بد من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه فإذا حصل حاجز من سحاب أو سقف : لم يحصل الشعاع تحته وقد بسط هذا في غير هذا الموضع والمقصود هنا : أنه لا بد من الإيمان بالقدر فإن الإيمان بالقدر من تمام التوحيد كما قال ابن عباس : هو نظام التوحيد فمن وحد الله وآمن بالقدر تم توحيده ومن وحد الله , وكذب بالقدر نقض توحيده .". حفظ
الطالب : " وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا مِنْ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إلَّا وَهُوَ مُفْتَقِرٌ إلَى سَبَبٍ آخَرَ فِي حُصُولِ مُسَبَّبِهِ ، وَلَا بُدّ مِنْ مَانِعٍ يَمْنَعُ مُقْتَضَاهُ "
الطالب : " لَا بُدّ مِنْ عدم مَانِعٍ يَمْنَعُ مُقْتَضَاهُ ".
الشيخ : لا ، صح : " مِنْ عدم مَانِعٍ يَمْنَعُ مُقْتَضَاهُ ".
الطالب : " وَلَا بُدّ مِنْ عدم مَانِعٍ يَمْنَعُ مُقْتَضَاهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ اللَّهُ عَنْهُ فَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ وَاحِدٌ يَسْتَقِلُّ بِفِعْلِ شَيْءٍ إذَا شَاءَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ قَالَ تَعَالَى : (( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) أَيْ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ خَالِقَ الْأَزْوَاجِ وَاحِدٌ " .
الشيخ : صحيح : (( ومن كل شيء خلقنا زوجين )) زوجين يحصل بها هذا الشيء ، يقولون ما من شيء من الموجودات إلا وهو مركب ، ولم يكن إلا سبب ومسبب لكان هذا زوجاً ، ليعلم من كل شيء خلقنا زوجين ليعلم أن الخالق واحد .
الطالب : " وَلِهَذَا مَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إلَّا وَاحِدٌ - لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إلَّا وَاحِدٌ - كَانَ جَاهِلًا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ وَاحِدٌ صَدَرَ عَنْهُ وَحْدَهُ شَيْءٌ - لَا وَاحِدَ وَلَا اثْنَانِ - إلَّا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ، فَالنَّارُ الَّتِي جعل فِيهَا حَرَارَةً " .
الشيخ : " الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا حَرَارَةً " لكن الذي عندنا أحسن .
الطالب : " جعل فِيهَا حَرَارَةً لَا يَحْصُلُ الْإِحْرَاقُ إلَّا بِهَا وَبِمَحَلِّ يَقْبَلُ الِاحْتِرَاقَ ، فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى السمندل وَالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ تُحْرِقْهُمَا وَقَدْ يُطْلَى الْجِسْمُ بِمَا يَمْنَعُ إحْرَاقَهُ ".
الشيخ : القوة التي في النار وهي قوة الحرارة تحرق ، لكن قد يكون هناك مانع يمنع من الإحراق ، مثلا : قدرة الله عز وجل مثل ما حصل لنار إبراهيم عليه السلام ، وكذلك بعض الأدوية أو بعض المركبات تمنع من الاحتراق ، السمندل يقول المؤلف والياقوت ونحوهما ما تحترق في النار ولا تؤثر عليها ، ويوجد الآن غير السمندل ، رأيت في الدفايات حديد محيط بالدفاية ولكنه لا يحترق ولا تأثر عليه النار شيئا ، طبعا إذا يبقى بارد معناه ما يحترق ، كذلك ربما يطلي إنسان بطلاء يمنع من الاحتراق ، وهذا أظنه موجود عنه الإطفاء ، يطلون به ويدخلون بالنار .
ويقولون أن شيخ البطائحية وهو من المبتدعة ، وهم صنف أظنه من الصوفية ، تناظر هو وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مسألة من المسائل ، وقال له شيخ البطائحية إذا كان كلامك حق أو كلامي أنا حق ، فلنوقد نارا وندخل بها ، والتي لا تأكله النار هو الذي معه الصواب ، أنا أو أنت ، هذا الرجل الشيخ قد طلا جسمه بشيء يمنع من الاحتراق ، ففطن شيخ الإسلام لهذا وقال له : ما فيه مانع وندخل أنا وإياك في النار ، والذي على الصواب ما تأكله النار لأن إبراهيم على حق ولم تأكله النار ، ولكن أشترط عليك شرطا أننا الآن ننزل ونغتسل ونغسل أجسامنا ، وبعد أن نغتسل ندخل النار ، فقال الرجل : لا ، فقصدي أن هذا شيء قديم هذا الطلاء الذي إذا اطلى به الإنسان امتنع من الاحتراق .
فإذا السبب موجود ولكن المانع منع نفوذ هذا السبب ، والأشياء لا يمكن تتم إلا بوجود أسبابها وانتفاء موانعها .
الطالب : " وَالشَّمْسُ الَّتِي يَكُونُ عَنْهَا الشُّعَاعُ لَا بُدَّ مِنْ جِسْمٍ يَقْبَلُ انْعِكَاسَ الشُّعَاعِ عَلَيْهِ ، فَإِذَا حَصَلَ حَاجِزٌ مِنْ سَحَابٍ أَوْ سَقْفٍ لَمْ يَحْصُلْ الشُّعَاعُ تَحْتَهُ ، وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ".
الشيخ : وهذا صحيح الآن الجو هذا مظلم أو نور .؟ الجو مظلم ، ما يمكن أن يتبين نور الشمس إلا إذا قابلها جسم ينعكس عليه الضوء ، وإلا الجو هذا مظلم ، فعندما يكون هناك غبار بالجو تجده أبيض ، من أين هذا النور الأبيض .؟ من الشمس ، لأنها انعكست على ذرات الغبار فبان ضياؤها ، لكن عندما تكون السماء صافية وش تجد .؟ تجد زرقة مظلمة ، ولا يمكن أن تنعكس إلا إذا قابلت جسما يمنعه ، إذا كان هذا الجسم كثيف فإن الضوء لا تنفذ من وراءه ، بخلاف ما إذا كان خفيفا فإنه تمضي من وراءه ، فالحاصل أن كل شيء لابد من وجود أسبابه وانتفاء موانعه .
الطالب : الزرقة هذه هل هي لون السماء أو انعكاس الضوء .؟
الشيخ : لا ما فيه انعكاس ، السماء صافية ظلمة ، لكن هذا الذي نرى ظاهر القرآن أنه لون السماء : (( أفلم ينظروا إلى السماء )) فلولا أنه يمكن رؤيته ما تحداهم الله به ، وبعض المتأخرين اليوم الذين يدعون العلم يقول : لا ، السماء نفسها الأجرام لا نراها ، لأنها بعيدة ، لكن هذا الذي نراه الفضاء ، الله أعلم .
الطالب : " وَالْمَقْصُودُ هُنَا : أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ مِنْ تَمَامِ التَّوْحِيدِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ نِظَامُ التَّوْحِيدِ ، فَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَآمَنَ بِالْقَدَرِ تَمَّ تَوْحِيدُهُ ، وَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ نَقَضَ تَوْحِيدَهُ ."
الشيخ : لا ، نقص ، لأنه في مقابل تم ، تم توحيده فيكون هذا نقص .