تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فمن راعى الأمر والقدر كما ذكر : كان عابدا لله مطيعا له مستعينا به متوكلا عليه من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ; وحسن أولئك رفيقا وقد جمع الله سبحانه بين هذين الأصلين في مواضع كقوله : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) وقوله : (( فاعبده وتوكل عليه )) وقوله : (( عليه توكلت وإليه أنيب )) وقوله : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا )) فالعبادة لله والاستعانة به . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الأضحية : ( اللهم منك ولك ) فما لم يكن بالله لا يكون ; فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله وما لم يكن بالله فلا ينفع ولا يدوم . ولا بد في عبادته من أصلين . : أحدهما : إخلاص الدين له . والثاني : موافقة أمره الذي بعث به رسله ; ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه : اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا ; وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى : (( ليبلوكم أيكم أحسن عملا )) قال : أخلصه وأصوبه قالوا يا أبا علي : ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إذا كان العمل خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا ; والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة . ولهذا ذم الله المشركين في القرآن على اتباع ما شرع لهم شركاؤهم من الدين ما لم يأذن به الله من عبادة غيره وفعل ما لم يشرعه من الدين كما قال تعالى : (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )) كما ذمهم على أنهم حرموا ما لم يحرمه الله . والدين الحق أنه لا حرام إلا ما حرمه الله ولا دين إلا ما شرعه الله .". حفظ
الطالب : " فَمَنْ رَاعَى الْأَمْرَ وَالْقَدَرَ كَمَا ذكرَ كَانَ عَابِدًا لِلَّهِ مُطِيعًا لَهُ مُسْتَعِينًا بِهِ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ مِنْ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ فِي مَوَاضِعَ كَقَوْلِهِ : (( إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) وَقَوْلِهِ : (( فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ )) وَقَوْلِهِ : (( عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )) وَقَوْلِهِ : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )) . " .
الشيخ : أما : (( فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ )) فواضح ، و (( إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )) واضح فيها الأصلين .
(( عليه توكلت وإليه أنيب )) فيها الأصلين :
التوكل يعود للقدر ، والإنابة عبادة تعود للأمر .
لكن : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ... )) فيها أيضاً الأمرين :
من يتق الله هذا الأمر ، تعظيم الأمر والشرع . ومن يتوكل : القدر .
الطالب : " فَالْعِبَادَةُ لِلَّهِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْأُضْحِيَّةِ : ( اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك ) فَمَا لَمْ يَكُنْ بِاَللَّهِ لَا يَكُونُ ، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ للَّهِ فَلَا يَنْفَعُ وَلَا يَدُومُ ".
الشيخ : صحيح ، الحقيقة العبارة جيدة : " ما لم يكن بالله لا يكون " لأن الله إذا لم يرد شيئاً لم يكن " وما لم يكن لله فلا ينفع ولا يدوم " يعني حتى لو نفعت ما يدوم ، الذي ليس لله لا ينفع ، فلا بد من أن يكون الشيء بالله ولله ، ونحن نزيد أيضاً شيئاً ثالثاً : في الله .
لا بد أن يكون الشيء لله وبالله وفي الله . لله هذا الإخلاص ، بالله الاستعانة ، وفي الله المتابعة ، في الله يعني في شريعته ، ففي للظرفية ، فهذه الحروف الثلاثة هي في الحقيقة مبنى العبادة . أن تكون لله وبالله وفي الله . ولهذا نقول : قوموا لله بالله في الله . فالأول الإخلاص والثاني الاستعانة والثالث الاتباع .
الطالب : " وَلَا بُدَّ فِي عِبَادَتِهِ مِنْ أَصْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا إخْلَاصُ الدِّينِ لَهُ . وَالثَّانِي مُوَافَقَةُ أَمْرِهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ ، وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِك خَالِصًا وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدِ فِيهِ شَيْئًا ، وَقَالَ الفضيل بْنُ عِيَاضٍ فِي قَوْله تَعَالَى : (( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) قَالَ : أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ ، قَالُوا يَا أَبَا عَلِيٍّ : مَا أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ ؟ قَالَ : إذَا كَانَ الْعَمَلُ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا ، وَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ ".
الشيخ : صحيح ، إذا العبادة لابد فيها من أصلين:
الإخلاص . والمتابعة موافقة الأمر ، لماذا .؟
لأن العبادة مبنية على الحب والتعظيم ، وهذا مر عليكم فبالحب يكون الإخلاص ، وبالتعظيم تكون الموافقة ، فلهذا نقول كل عبادة لابد فيها من هذين الأصلين : الإخلاص لله الذي منشأه المحبة ، لأنك إذا أحببت شيئاً أخلصت له ، والثاني : المتابعة التي منشأها التعظيم لله ، لأن من عظم الله لا يمكن أن يخرج عن شريعته ، فإذا خرج عن شريعته فليس عنده تعظيم ، نقص من تعظيمه لله سبحانه وتعالى بمقدار ما خرج من شريعته .
الطالب : " وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى اتِّبَاعِ مَا شَرَعَ لَهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ مِنْ الدِّينِ الذي لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ "
الطالب : " مِنْ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ " .
الشيخ : لا ، الذي لَمْ يَأْذَنْ ، أحسن : " مِنْ الدِّينِ الذي لَمْ يَأْذَنْ ".
الطالب : الآية ... .
الشيخ : أي لكن شرعوا لهم من الدين ، ليس هذا بشرع ، على اتباع ما شرعه لهم شركاؤهم من الدين الذي لم يأذن به الله .
الطالب : ... .
الشيخ : تقول ما اسم موصول .؟ هي اسم موصول لكن ما تصح أن تكون صفة .
الطالب : " لَمْ يَأْذَنْ به الله مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ، وعبادته بمَا لَمْ يَشْرَعْهُ مِنْ الدِّينِ " .
الشيخ : لا اصبر " مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ، وَفِعْلِ مَا لَمْ يَشْرَعْهُ " وش عندك .؟
الطالب : " مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ، وعبادته بمَا لَمْ يَشْرَعْهُ مِنْ الدِّينِ " .
الشيخ : حطوها : " وعبادته بمَا لَمْ يَشْرَعْهُ مِنْ الدِّينِ " ... .
الطالب : " وعبادته بمَا لَمْ يَشْرَعْهُ مِنْ الدِّينِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )) كَمَا ذَمَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ حَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ . وَالدِّينُ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا حَرَامَ إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَلَا دِينَ إلَّا مَا شَرَعَهُ .".