ذكر كلام الذهبي في تلاوة القرآن مع تعليق الشيخ عليه : " ولو تلا ورتل في أسبوع، ولازم ذلك، لكان عملا فاضلا، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك، لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب. فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم، فقد خالف الحنيفية السمحة، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه، ولا تدبر ما يتلوه. هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. وكذلك قال له - عليه الصلاة والسلام - في الصوم، وما زال يناقصه حتى قال له: ( صم يوما، وأفطر يوما، صوم أخي داود -عليه السلام -) . وثبت أنه قال: (أفضل الصيام صيام داود) . ونهى - عليه الصلاة والسلام - عن صيام الدهر . وأمر - عليه الصلاة والسلام - بنوم قسط من الليل، وقال: (لكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) . وكل من لم يزم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية، يندم ويترهب ويسوء مزاجه، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، الحريص على نفعهم، وما زال -صلى الله عليه وسلم - معلما للأمة أفضل الأعمال، وآمرا بهجر التبتل والرهبانية التي لم يبعث بها، فنهى عن سرد الصوم، ونهى عن الوصال، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير، ونهى عن العزبة للمستطيع، ونهى عن ترك اللحم، إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي. فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور، والعابد العالم بالآثار المحمدية، المتجاوز لها مفضول مغرور، وأحب الأعمال إلى الله -تعالى - أدومها وإن قل. ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة، وجنبنا الهوى والمخالفة. " . حفظ