ما هو الرّد على شبهة من يقول إذا لم تخرج المرأة للعمل والتدريس فمن يقوم بهذا الدور وإعمال قاعدة " الضرورات تبيح المحظورات "؟ حفظ
السائل : ما ردّ فضيلتكم على بعض المسلمين الذين يقولون أن المرأة المسلمة إن لم تعمل في مجال الطب والتدريس والتمريض فمن يقوم بديلا عنهنّ علما بأنهن يقعن في بعض المخالفات الشرعية ويحتجّون بأن الضّرورات تبيح المحظورات، وهنا ضرورة شرعية من أداء هذه المهن خدمة للمسلمين جميعا ؟
الشيخ : الاستدلال بهذه القاعدة في هذه المسالة لا أراها صوابا ذلك بأن الضرورات تبيح المحظورات هو فيما يتعلق بالأفراد ونحن نعلم أن هذه القاعدة أخذت من آية (( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير )) ثم تابع ربنا تبارك وتعالى الآية فقال (( إلا ما اضطررتم إليه )) إذا وقع الإنسان، يجب أن نلاحظ هنا ... إذا وقع الإنسان المكلف ... فاضطر أن يواقع ما الأصل فيه الحرام فهنا " الضرورات تبيح المحظورات " الشيء الثاني لا يقال الضرورات تبيح المحظورات في شيء لم يقع بعد وإنما قد يقع في المستقبل فنحن لا ينبغي لنا مثلا أن نعرّض أنفسنا للهلاك في موضع لا نجد فيه الخلاص من الهلاك بما أحل الله وعلى العكس من ذلك إذا طرأ هذا الطارئ على هذا الإنسان المكلّف ففي هذه الحالة إذا اضطر أن يأكل ما حرّم الله جاز، أما أن يتقصّد الإنسان أن يدخل المجتمع يعلم بأنه يقع في ما حرم الله فيبرر هذا الدّخول بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات هذه القاعدة ليس محلّها ها هنا وإنما محلّها فيما إذا ما وقع الإنسان لا بكسب منه ولا فعل منه بضرورة فهناك محل " الضرورات تبيح المحظورات " على أن العلماء قيّدوا هذه القاعدة كما ذكرت في جلسة سابقة بقاعدة أخرى حتى لا يصبح تطبيقها فوضى فقالوا " الضرورة تقدّر بقدرها " فإنسان مثلا اضطر لأكل الميتة فلا ... ويأكل منها كأنه يأكل لحما طازجا حلالا وإنما يأكل بمقدار ما يدفع عنه خطر الهلاك ، ثانيا نحن نقول يجب أن يكون هناك طبيبات مسلمات وهذا على الوجوب الكفائي وليس على الوجوب العيني ولكن إذا كان تحصيل واجب كفائي يترتب منه أن يقع هذا ... لتحقيق هذا الفرض الكفائي إذا كان يعلم أنه سيقع في مخالفة شرعية فلا يجوز له أن يأتي هذا الفرض الذي هو فرض كفائي فنحن نعلم هذا الحكم والأحكام الأخرى يذكرها الفقهاء في بعض الفروع الفقهية مثلا تشييع الجنائز هو فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين لكن الفقهاء يذكرون أن هذا الفرض الكفائي إذا اقترن معه مخالفات شرعية وبدع تخالف النصوص الحديثية فلا يجوز للمسلم أن يحضر ذلك التشييع لأنه ليس بواجب عيني أن يحضره بل نجدهم يصرّحون وهذا ما كنت ذكرته بشيء من البيان والتّفصيل في كتابي " آداب الزّفاف في السّنة المطهّرة " يقولون إذا دعي المسلم إلى وليمة فعليه الإجابة إلا إذا كان يعلم أن ثمة منكرا لا يستطيع تغييره فحين ذاك يسقط عنه وجوب الإجابة فهذه كلها أمور معروفة من السّنّة ومن أقوال الفقهاء فلا يجوز إذن أن نقول نحن بأنه يجوز لنا أن نعرّض نساءنا وبناتنا لما قد نراه من الفساد في الجامعات وغيرها بدعوى أننا نريد أن نعلم نساءنا وبناتنا فرضا كفائيا .
هذا الفرض الكفائي أنا أقول ... من بعض النّسوة اللاتي لا يلتزمن ما يلتزمه المؤمنات الصالحات القانتات ولذلك فلا خوف على المجتمع الإسلامي من التزام الحكم الشرعي الذي نحن في صدد بيانه بدعوى أنه إذا لم تتقدّم النساء المسلمات لتحصيل هذا الفرض الكفائي ... في ذاك المكان الذي يحصلون فيه هذا العلم لا خوف من أن هذا العلم سوف لا يوجد من النساء من يحصّله لأنه كما يقال : " لكل ساقطة في الحي لاقطة " فنحن نرى بالمشاهدة أنه ليس كل الشّباب المسلم الذي ينطلق إلى المدارس والجامعات هو ملتزم وكذلك ليس كل الفتيات المسلمات اللاّتي ينتمين أيضا إلى المدارس والجامعات أيضا لسن هن ملتزمات فاللاتي عندهن تساهل فهؤلاء سيقومون بتحصيل هذا الواجب الكفائي والأخريات من النساء الملتزمات إذا لم يقمن به ففي الأصل ... لأنه الفرض كفائي إذا قام بالواجب من المسلمين والمسلمات سقط عنهن وثانيا قد ابتعدن حين اتعضن عن مواقع الزّلل والخطر، هذا توجيهي وجوابي عن ذاك السؤال .