زكاة عروض التجارة . حفظ
الشيخ : وهذه هي المسألة الثانية الآن نمهد الوصول إليها بعد أن انتهينا من الأولى كما يمهد بعض التجار الذين عاشوا في جو من الفقه المذهبي هذا الفقه الذي لقنهم بأن على التجار زكاة تجاراتهم على اختلاف أشكالها وأنواعها ذلك بما يسمى عندهم بزكاة عروض التجارة فمن عاش في هذا الجو وتفقه بهذا الفقه فهو يحاول في ظنه أن لا يتاجر به ليش يتعب حاله وبعدين عليها زكاة يظن هو بيكنزها وبيطالع عليها الزكاة بالمئة اثنين ونص ولكن هو يجهل أن الناحية التجارية أو الاقتصادية تدل دلالة قاطعة وذلك ما رمى إليه الشارع الحكيم في فهمنا أن عروض التجارة لا زكاة عليها ربنا عز وجل حينما فرض الزكاة على المال المكنوز من النقدين كأنه بلسان الحال والحكمة يقول للتاجر شغله لأن التجارة ما عليها زكاة الزكاة المقننة هذه وهذا التقنين الذي يتضجر منه كثير من التجار فيريدون مخرجا ومخلصا ثم لا يجدون هذا المخرج وذاك المخلص إلا باللجأ إلى بعض من يفتيهم ممن لا يرضيهم مذهبهم بصورة عامة لأنهم لا يقتدون بمذهب معين يلتزمونه ويقلدونه وإنما يأخذون ممن اختلف فيه العلماء أقرب أقوالهم إلى الكتاب والسنة وأقرب أقوالهم في مسألة عروض التجارة أنه لا زكاة عليها تلك الزكاة التي تلقنوها منذ نعومة أظفارهم من مشايخهم أنه على عروض التجارة زكاة وقد يحاول أحدهم حينئذ أن يتاجر ويكنز المال فيقول له الشارع لا بد أن يأخذ الزكاة لكنه لو علم أولا الناحية الشرعية أن عروض التجارة لا زكاة عليها هذه زكاة معروفة بأن في كل آخر سنة ينبغي جرد العروض التي عند التاجر وأن يقدرها بقيمتها الشرائية منه لو اشتراها آنيا ثم يخرج بالمية اثنين ونص كما لو كانت نقدا لو علم أن هذا النوع من الزكاة لا تجب عليه لاستراح من محاولة الخلاص من المشكلة بأنه فهم أن الكتاب والسنة ما فرض على عروض التجارة زكاة على هذا التنظيم الدقيق وإنما قال (( خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) بمعنى أن هذا التاجر يخرج من عروض التجارة التي عنده يخرج من عينها يقدمها إلى المحتاجين من الفقراء والمساكين دون تحديد نسبة معينة أولا ودون اشتراط حولان الحول هذا أولا أيسر على الناس وهو الذي قام عليه الإسلام حينما قال رب الأنام (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) وثانيا لا نتبنى هذا الرأي لأن فيه يسرا فقط وإنما لأن الإسلام خلا من إلزام التجار بما يلزمهم به بعض الفقهاء من أنه يجب عليه في آخر كل سنة ما ذكرناه آنفا من الجرد والتقويم ثم الإخراج عن هذه المجموعة من القيمة بالمية اثنين ونص كما لو كان نقدا .
فإذا عرفنا أو عرف هذا المدين بأن الله عز وجل لحكمة بالغة فرض على الأغنياء أن يزكوا نقودهم لأنها مخزونة ولم يفرض عليهم مثل هذا الفرض فيما إذا طرحوه في سوق المعاملة إذا سارع هذا المدين فضلا عن التجار بصورة عامة أن يشغل هذا المال لأنه ما استدانه ليكنزه أولا ثم يجب عليه الزكاة ثانيا من أجل ذلك قلت هذه الصوة نادرا ما تقع لأن الحاجة التي دفعته إلى الاستدانة هي التي تفرض عليه بأن يشغل هذا المال ويصبح من عروض التجارة قل هذا المال أو كثر وحينئذ لا يجب عليه إخراج الزكاة إلا على التفصيل الذي ذكرته آنفا في زكاة عروض التجارة زكاة مطلقة غير مقيدة بنصاب أو بكمية أو بحولان الحول هذا جواب ما سألت .