كلمة للشيخ رحمه الله فيها التنبيه على عناية الشرع بالعمل بالعلم وأن العالم متوعد بالعذاب إن لم يعمل بعلمه وسوق الأدلة على ذلك . حفظ
السائل : شيخ معليش سؤال قبل كل شيء.
الشيخ : على كل حال أنا أريد أن ألفت النظر لأخينا أبو أحمد أنه يجب أن يستحضر دائما أنه ليس بإمكانه أن يسجل كل ما يجري فليكن أي سؤال يطرح ولا يسجل فلا بأس عليه وما يأتيه من بعد فيه الخير والبركة !
علي حسن : كان بدو يسجل هذه الكلمة كمان.
السائل : إذا نقول نسأل يا أبو أحمد خلينا نسأل الشيخ سؤالا عاما إن شاء الله تعالى .
الشيخ : أنا أقول قبل السؤال إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
نحمد الله عز وجل أن جمعنا على الهدى والتقى - إن شاء الله - وعلى سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فنسأله عز وجل أن يلهمنا العمل بما علمنا لأن حجة ربنا تبارك وتعالى علينا أقوى منها على غيرنا لأن الكثيرين من غيرنا لا يزالون بعيدين عن سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أما وقد هدانا الله عز وجل إلى شيء كبير مما أنعم الله به علينا من أن عرفنا بسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فبقي علينا أن نعمل بما علمنا حتى لا تكون الحجة قائمة علينا ولعلكم تذكرون معي جميعا قول الله عز وجل في القرآن الكريم (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) ، وكذلك لعلكم تذكرون معي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الذي أخرجه الإمام مسلم في * صحيحه * أنه كان في مجلس لمعاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنهم جميعا حينما طلب من أبي هريرة أن يروي لهم حديث الثلاثة فتهيأ أبو هريرة رضي الله عنه ليجمع ذهنه وفكره ليلقي على من في مجلسه ذلك الحديث الذي اصطلح عليه ولكنه لم يتمكن من هول ذلك الحديث أن ينطلق بروايته مباشرة فقد أغمي عليه وكاد أن يغشى عليه من هول ذلك الحديث لأنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة عالم ومجاهد وغني ) قال رسول الله صلى الله وآله وسلم ( فيؤتى بالعالم يوم القيامة فيقال له أي عبدي ماذا عملت فيما علمت فيقول يا رب نشرته بين الناس فيقال له كذبت إنما فعلت أو علمت ليقول الناس فلان عالم وقد قيل خذوا به إلى النار ثم يؤتى بالمجاهد فيقال له ماذا عملت فيما أعطيت من قوة فيقول يا رب جاهدت في سبيلك فيقال له كذبت إنما قاتلت ليقول الناس فلان بطل وقد قيل خذوا به إلى النار ثم يؤتى بغني فيقال له ماذا عملت فيما أنعمت عليك بالمال فيقول يا رب أنفقته في سبيلك فيقال كذبت إنما أنفقت ليقول الناس فلان كريم وقد قيل خذوا به إلى النار ) قال رسول الله صلى الله وآله وسلم فهؤلاء الثلاثة أول من تسعر بهم النار يوم القيامة فأنتم ترون أن مجرد العلم بالشيء لا يكفي انطلاقا من الآية السابقة ومن هذا الحديث فلا بد أن يقترن معه العلم أمران اثنان إذا اختل أحدهما كان العلم على صاحبه وبالا بل ربما كان جهل غيره بذلك العلم خيرا منه كما قيل في بعض الآثار السلفية " ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات " ، الشرطان وضحا لكم إن شاء الله الأول أن يعمل بعلمه ، الآخر أن يكون مخلصا في علمه والعلم من العمل أي فلا بد من الإخلاص ولنقل صراحة لا بد لنا نحن المنتمين إلى السنة من أن نجمع في هذا الاجتماع الأمرين المذكورين آنفا الأول العمل بالعلم والآخر فيه لله عز وجل وإلا أخشى ما أخشاه أن ندخل في عموم قوله تبارك وتعالى (( وقدمنا إلى ما علموا من عمل فجعلناه هباء منثورا )) هذه الكلمة أردت أن ألفت النظر إليها بمناسبة هذا الجمع الطيب إن شاء الله والوجوه التي يغلب عليها اهتمامها باتباع سنة نبيها صلى الله وآله وسلم بل واتباع أوامره عليه الصلاة والسلام .
ويؤسفني أن أقول أن هناك بعض الظواهر أو بعض الظاهر التي تنبي أن أفرادا ممن يطلبون العلم أو يجاهدون في سبيل الله ظاهرا أن هذا وذاك ليس خالصا لوجه الله تبارك وتعالى .
ولقد علمت آسفا جدا وأخيرا وقد علمتم ما وصل إليه حال الجهاد الأفغاني من التوقف وعدم اقتطاف الثمرة التي سعوا إليها طيلة تلك العشر سنوات وأكثر لما توقف الجهاد بدأ الأحزاب الإسلامية تناحر ويناحر بعضها بعضا ويستعمل بعضهم السلاح الذي جاهدوا به الكفار والشيوعيين يقاتل به بعضهم بعضا هذا وقع في بعض البلاد أو من بعض الطوائف أو من بعض الأفراد الأمر الذي يدل على أن الذين يجاهدون أو يطلبون العلم لم يربوا على التربية الإسلامية الصحيحة التي مدارها على الأمرين الآنفين ذكرهما ألا وهو العمل بما نعلم والإخلاص فيما نعمل هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين قلت هذه الكلمة بين يدي تلقي الأسئلة إن شاء الله لنجيب عما يمكننا الجواب عليها .