توضيخ مسألة أخذ الأجرة من أجل الوضائف الشرعية حفظ
السائل : ذكرتم شيخنا فيما ذكرتم بأن الهبة والعطية والجعالة التي تجعل للمجاهد مثلا في سبيل الله أو لطالب العلم أو لغيرهما ممن يعمل عملا لا يبتغى به إلا وجه الله عز وجل هذا أمر جائز لكن يعني أنتم تعلمون بأننا في مثل هذا الزمان الذي نعيشه الآن الأمر في حياة الأمة أخذ مأخذ التنظيم والتقنين والترتيب بحيث أصبح من العسير على طالب العلم أن يعمل إماما أو مدرسا للقرآن أو واعظا أو نحو ذلك من الأمور أو المسائل أو الأعمال التي لا يؤخذ أجر عليها أو في الأصل أنه لا يؤخذ الأجر عليها وتولت هذه الأعمال ما يعرف بدائرة الأوقفاف ووزارة الأوقاف ونحو ذلك وربما يقوم مقام الوزارة بعض الأشخاص وذلك لكي يتفرغ هذا الطالب طالب العلم للإمامة أو الوعظ أو الإرشاد أو الخطابة فماذا هذا المنقطع لمثل هذا العمل؟
الشيخ : ويضاف إليه أيضا المعلم
السائل : إي نعم
الشيخ : ولكن أنا أجبت عن هذا الأمر في تضاعيف كلامي السابق.
السائل : بس ما كان واضحا.
الشيخ : وقلت فما يأخذه المؤذن أو الإمام أو المعلم لا يأخذه بنية أجر كما هو الشأن في الأمور العادية وإنما يأخذه راتبا وظيفة جعالة إلى آخره ولتأكيد هذا الأمر إن الإمامة الكبرى وهي الخلافة كان أول خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو كما تعلمون أبو بكر الصديق وكان أبو بكر يعمل بالتجارة فيما يعين به أهله فلما ربطت به هذه الإمامة الكبرى إنصرف عن عمله الذي به كان يكسب قوت أهله ولذلك فرضوا له كل يوم شيئا معينا من ذبيحة وشيء آخر فما كادت تمضي أيام من خلافته إلا بدأ لأبي بكر أن هذا الذي فرض له لا يكفيه وأهله ولذلك فهو طلب الزيادة لكن هذه الزيادة ما طلبها أجرا لقيامه بالوظيفة الكبرى وهي الإمامة الكبرى وإنما ليستطيع أن يقوم بعالة نفسه وأهله فإذا الكلام السابق لا ينافي التنظيم الذي تحدث به الأستاذ كل ما في الأمر هو أن الذي أخذ المال سواء كان معلما أو كان متعلما كل منهما فرغ للعلم فالفرق في النية وليس في العمل فالترتيب والتنظيم الذي كان من قبل شيء من موجود اليوم هذا لا ينافي أن يخلص المسلم نيته لله عز وجل فلا يأخذ المعلم والإمام والخطيب ما يأخذه بنية أجر لعبادته وإلا أبطل نيته وإنما يأخذه ذلك كراتب وقد قلت في بعض المجالس حينما تحدثنا عن هذه المسألة بالذات لقد كان من خطة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يفرض لكل مسلم حتى المولود الجديد أن يفرض له راتبا هذا الراتب لم يكن لأنه يعمل عملا ويقوم بعبادة وإنما لأغناء المسلمين ولتفريغهم للقيام بشؤون دينهم ونحو ذلك وقع فيما يذكر التاريخ في عهد خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فإذا هذه الجعالة ولو مقابل لا شيء فهي جعالة فإذا كان مقابل شيء فلتكن جعالة ولتؤخذ بهذا المعنى ولا تؤخذ بمعنى أجر يستحقه الإنسان إذا كان عمر جعل لكل مولود مثلا يولد راتبا مقابل ماذا ؟ مقابل لا شيء إذا ممكن أن يجعل رجل كبير مثلا جعالة مقابل لا شيء يأخذه مقابل لا شيء فإذا جعل جعالة ما للذين جاهدون من قبل في سبيل الله وهم الآن في بلدهم مطمئنون آمنون فهذه أيضا جعالة فلا تؤخذ هذه الرواتب وهذه الجعالات باسم أجر لقيام الرجل بعبادة من هذه العبادات فإذا لا منافاة بين تنظيم هذه الأمور التي أصلها عبادة وبين قولنا فلتؤخذ هذه الرواتب ليس بأجر نية وإنما أجر راتب أو تعويض أو ما شابه ذلك.
السائل : يذكرني هذا بأمر عجيب جدا وهو كائن في حياتنا اليوم وبخاصة في الوزارات أو الدوائر التي تقوم بالوظائف الدينية طبعا هذا المفهوم ليس موجودا في أصل النظام الذي تتولاه هذه الدوائر وإنما النظام الموجود ينص على أن الواعظ أو الإمام أو الخطيب يأخذ مقابل عمله هذا يعني هذا هو الواضح تماما ولذلك يذكرني هذا بقصة طريفة وهي تتكرر أيضا أن إماما في مسجد من المساجد أعطي إجازة لمدة أسبوع أو عشرة أيام وبيته كان في حرم المسجد الإمامة في إجازة هذا الإمام تولا المؤذن أو يعني رجل آخر أنيب منابه فكان لا يخرج إلى الصلاة الإمام يعني فلما سئل ذلك قال أنا مجاز فالإجازة إذا تتناول الإجازة عن الإمامة والصلاة وأداء هذه العبادة والفريضة.
الشيخ : يعني هذا معناه أن أئمة المساجد يفترضون أنفسهم كسائر موظفي الدولة كالذي يصلح سيارات الدولة مثلا لو صلح سيارة فرد من أفراد الأمة وأخذ عليه أجرا وهو في محله مثلا فهذا يحق له أن يأخذ عليه أجرا وكذلك الموظفون في الدولة لمثل هذه الأعمال المادية يأخذون عليها أجرا أما أئمة المساجد وخطباء المساجد فهؤلاء وظيفتهم أسمى من وظائف سائر الموظفين في الدولة ليس الذي يأخذ مثلا راتبا لتعليم الناس دينهم ليؤمهم في صلاتهم ليؤذن لهم لتحديد مواقيت صلواتهم وهكذا ليس هذا الموظف كالموظف مثلا في الضرائب أو في الجمارك أو ما شابه ذلك لا يستويان مثلا أبدا فهذا يأخذ تعويضا مقابل قيامه بعبادة هذه العبادة كما جاء في المثال يجب أن يقوم بها يجب أن يصلي في المسجد مع جماعة المسلمين لكن لما أخذ الإجازة والإجازة في عرف نظام الدولة تعفيه من القيام بالوظيفة فهو أخذها كأنها وظيفة عادية فلم يخرج إلى الصلاة من هنا يعني نستكشف قضية خطيرة جدا وهناك أمثلة كثيرة تؤيد هذا المثال أن بعض أئمة المساجد أصبحوا يعتبرون أنفسهم كأي موظف في الدولة لا يشعر أبدا بأنه يقوم بطاعة وعبادة لله عز وجل وأن هذا القائم أو هذا المتعبد بهذه العبادة لو لم يعطى فلسا واحدا على قيامه بهذه العبادة كان ينبغي عليه أن ينهض بها لكنه إذا هو لا ينهض إلا من أجل إيش ؟ الراتب فهو إذا يأخذ أجرا وبهذا الأجر يبطل عمله كما سمعتم في حديث الثلاثة الذين تسعر بهم النار يوم القيامة