ضرب مثال على أن فهم الكتاب والسنة لا سبيل له إلا وفق فهم السلف الصالح بقوله تعالى (( الرحمن على العرش استوى )). حفظ
الشيخ : فأريد أن أختصر الكلام في الأمثلة فالمثال هو (( الرحمن على العرش استوى )) هنا قولان لعلماء التفسير سلفا وخلفا
السلف يقولون (( الرحمن على العرش استوى )) أي استعلى وهذا مؤيد لعشرات النصوص من الكتاب والسنة وحسبكم الآن قوله تبارك وتعالى (( سبح اسم ربك الأعلى )) ونحن خضوعا لأمره تعالى فإذا سجدنا ووضعنا جباهنا على أرض ربنا قلنا سبحان ربنا الأعلى الخلف قالوا لا ليس معنى (( الرحمن على العرش استوى )) هو استعلى وإنما استولى وهذا باطل لغة ومخالفة للسلف ومخالفة أيضا للذين فسروا هذا المعنى الخلفي لأنه قالوا استوى بمعنى استولى مع تجريد معنى المغالبة شوف مع تجريد معنى المغالبة لأنهم لاحظوا وهذا من ضلالهم البعيد لاحظوا أنهم حينما يقولون الرحمن على العرش استولى أي المعنى معناه كان فيه غيره غلبه عليه فكان مسيطرا عليه ومستوليا عليه فالله استولى لا سيما إذا لاحظنا بعض الآيات القرآنية في هذه الآية (( ثم استوى على العرش )) إي هذا ضلال كبير جدا ولذلك إيش قالوا؟ لأنهم عرفوا أن مثلهم كما يقال في بعض الأمثال " كان تحت المطر صار تحت المزراب " يعني فر من كلمة السلف استعلى لأنهم بضلالهم وجهلهم فهموا أن معنى استعلى أي جلس واستقر والله غني عن ذلك وإنما استعلى أي له صفة العلو على كل المخلوقات وهو الغني عن الزمان والغني عن المكان فلما فروا من كلمة استعلى إلى كلمة استولى لاحظوا أن استولى يفيد معنى لا يليق بالله عز وجل ولذلك قالوا مع سحب معنى المغالبة إذا دعوا جماعة الآية كما فسرها السلف وقولوا كما قالوا استعلى استعلاء يليق بجلاله وعظمته كما نقول في سائل الصفات التي نقول ما نقول بناء على قوله تعالى (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ليس كمثله شيء في كل الصفات ومنها (( الرحمن على العرش استوى )) أي استعلى استعلاء يليق بجلاله وكماله وأثر مالك بن أنس في هذا المجال معروف عندكم قلت إنهم انحرفوا أولا عن اللغة لأنهم استعملوا مجاز دون الحقيقة والحقيقة ممكنة كما قلنا آنفا إذا قالوا استولى استيلاء يليق به حينما قالوا بسحب معنى المغالبة قولوا أيضا كما قال السلف استعلى استعلاء يليق به تبارك وتعالى فخالفوا اللغة أي خرجوا عن الحقيقة إلى المجاز بدون ضرورة الشيء الثاني خالفوا السلف كحجة لنا وهذا هو مجال حديثنا الآن في أن نفهم كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لأمر الرسول وليس فقط لأنهم أفهم منا باللغة العربية لا لأننا أمرنا أيضا أن نتلقى الكتاب والسنة بمفهومهم هم وليس بمفهوم الخلف ما هو الدليل ؟ الدليل قوله تبارك وتعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) كثير من الناس خاصة طلاب العلم لا ينتبهون للنكتة البلاغية في هذه الجملة (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فكأنه يفهم الآية على احتمال أنها لم تذكر فالآن لنتصور أن هذه الجملة لم تذكر في الآية (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فكانت الآية هكذا ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا هل خسرنا شيئا أم لا؟ الجواب لا شك خسرنا لكن الخسارة ليست خسارة لفظية وإنما هي خسارة معنوية ما هي الخسارة المعنوية، هنا كما يقال المقصود أو كما هو يقال بيت القصيد أن الله عز وجل حينما قال (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) في فهم نصوص الكتاب والسنة أي لا يجوز لكم أنتم معشر الخلف أن تستقلوا وأن تنفردوا في فهم الكتاب والسنة كما ترون في حدود علمكم مهما سما وعلا لا ينبغي لكم أن تستقلوا في فهم النصوص من الكتاب والسنة إذا خالفتم سبيل المؤمنين لأن الله عز وجل أوعد من خالف سبيل المؤمنين كما أوعد من شاقق الرسول فإذا من مشاققة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين من هنا تظهر هذه النكتة في قوله تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) هذه آية وهناك أحاديث تؤكد وتوضح هذا المعنى كما هو دائما شأن السنة مع القرآن الكريم لا تنسوا الآية السابقة (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) والله عز وجل أوحى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحيين وحي القرآن المتلو المتقرب بتلاوته إلى الله عز وجل ووحي غير متلو وهو حديث الرسول عليه السلام وحديثه كما تعلمون ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قول وفعل وتقرير لذلك يعبر عنه العلماء بأنه وحي غير متلو فيتميز القرآن على هذا الوحي بأنه متلو الشاهد ففي السنة ما يؤكد هذه الجملة المباركة (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) من ذلك حديث الفرق وحديث الفرق ذكرناها مرارا وتكرارا فلا نطيل المجلس بذكره وإنما أذكركم بآخره حيث قيل له عليه السلام ما هي الفرقة الناجية من ثلاث سبعين فرقة واحدة هي الناجية قال: ( هي التي ما أنا عليه وأصحابي ).