امتناع رؤية الرب عز وجل في الدنيا ورؤيته في الآخرة " في الجنة " حفظ
الشيخ : من هذا نعود إلى البشارة أن الله عز وجل يمتن على عباده فيمكنهم من أن يروه بأبصارهم. أما في الدنيا فالأمر كما قالت السيدة عائشة حينما سألها رجل من أفاضل التابعين وهو مسروق رضي الله عنه قال: ( يا أم المؤمنين هل رأى محمد ربه ؟ قالت: لقد قف شعري مما قلت ) فعظمت هذا السؤال لأنها تعلم كما قال عليه الصلاة والسلام.
في حديث آخر من صحاح الأحاديث حينما وصف لأصحابه الدجال الأكبر يدعي أنه هو الإله لكن الله عز وجل يفضحه بعلامتين اثنتين العلامة الأولى علامة مادية والعلامة الأخرى علامة علمية فكرية عقائدية العلامة الأولى مكتوب على جبهته كافر يقرأه المؤمن القارئ وغير القارئ إذا ليس لأحد عذر أبدا أن يغتر بهذا الدجال الأكبر الذي يقول للسماء أمطري فتمطر وللأرض أنتبتي نباتك فتنبت وللأرض الخربة البيت الخرب أخرجي كنوزك فتخرج كنوزها فضعاف العقول وضعاف الإيمان يغترون بهذه الظواهر المادية ولا يرون المكتوب على جبهته إنه كافر هذه العلامة المادية العلامة المعنوية الفكرية العلمية الاعتقادية يقول الرسول عليه السلام ( أنتم ترونه وإن أحدكم لن ير ربه حتى يموت ) السيدة عائشة أفهمتنا باستنكارها الشديد على مسروق سؤاله أنها تبنى رأيا في علم الأصول الفقه المخاطب هل يدخل هو نفسه في خطابه أم لا يدخل؟ لما قال عليه السلام ( وإن أحدكم لن ير ربه حتى يموت ) هل هو يدخل في أحدكم أم لا؟ قولان استعجل الشيخ قولان للعلماء السيدة عائشة تلفت نظرنا بطريقة غير مباشرة أن المتكلم يدخل لأنها تجزم بأن أحدنا من البشر مطلقا لن ير ربه حتى يموت ولذلك حينما قال مسروق: ( هل رأى محمد ربه؟ قالت: لقد قف شعري مما قلت ) بتعرفوا أنتم إذا واحد فوجئ بشيء مزعج شعره هيك ينتفش ( لقد قف شعري مما قلت، قال يا أم المؤمنين ارحميني ولا تعجلي علي أليس يقول الله عز وجل (( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى )) ؟ قالت رضي الله عنها، أنا أعلم الناس بذلك سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - أي عن هذه الآية - فقال عليه الصلاة والسلام: رأيت جبريل - مش رب العالمين - رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمئة جناح ) الله أكبر ( وقد سد الأفق ) إذا ما رأى ربه وإنما رأى خلقا من خلق الله العظيم وهو جبريل عليه السلام له ستمئة جناح وقد سد الأفق من عظمته فقالت السيدة عائشة في تمام حديثها وهو حديث طويل أقتصر على موضع الشاهد منه وهو قولها ( من حدثكم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، ثم تلت قوله تبارك وتعالى (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) وقوله عز وجل (( وكان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من واء حجاب أو يرسل رسولا )) ) استدلت السيدة عائشة بهاتين الآيتين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه يوم عرج به إلى السماوات العلا وقد سئل عليه الصلاة والسلام: ( هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه ) نور أي كما جاء في حديث أبي موسى كلا الحديثين في * صحيح مسلم * ( حجابه النور ) فالرسول يشير إلى هذا الحديث الآخر بقوله ( نور أنى أراه ) يعني لا يمكن أن يرى عبد ولو كان سيد البشر كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن ير أحد ربه حتى يموت إذا هذا الإمكان المرفوع في هذه الدنيا يرفع ونفي النفي إثبات رفع رفع إثبات أي ما قدر الله عز وجل في هذا الكون العاجل أن أحدا لن ير ربه حتى يموت.
هذا النظام يخرق ويتجدد نظام آخر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فيومئذ يفرح المؤمنون بعد دخولهم الجنة فرحة لا ينسون لذتها أبدا دهر لأن الحياة الآخرة كما تعلمون جميعا كما جاء في حديث ذبح الموت يؤتى بالموت قال عليه السلام: ( يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش فيوقفوا به بين الجنة والنار فيقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ويذبح الموت ) المتمثل في الكبش إذا هذه الحياة الباقية إما سعادة أبدية وإما شقاوة أبدية فهؤلاء المسلمون السعداء الذين نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم وأن يذيقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم هذه اللذة ستصحبهم ما داموا خالدين في الجنة أبدا إذا هذا المثال الذي ذكره الرجل الذي أشرت إليه فهو من جهله البالغ يقيس أمور الآخرة على الدنيا مع ما فيه من الضلال من تشبيه الخالق على المخلوق والله عز وجل يقول (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )).