هل يجوز لطلاب العلم أن يتخذوا من زكاة المال وهم لا يحتاجونه؟ حفظ
الشيخ : نسأل الله عز وجل أن يلهمنا العمل بشرع ديننا ويؤلف قلوبنا بيننا كان آنفا أعطي لي بعض الأسئلة وتكلمنا عن سؤال ونحن قادمون إلى هذا المكان فلا حاجة الآن الإجابة عن ذاك السؤال بقي عندي بعض الأسئلة ثم على مقدار ما يساعدنا الوقت نجيب إن شاء الله على ما قد يأتينا هنا سؤال
هل يجوز لطلاب العلم أن يتخذوا من زكاة المال هيك يمكن يتخذوا ولا إيش؟
الحلبي : يتخذوا السائل شيخنا يقول هل يجوز لطلاب العلم أن يتخذوا من زكاة المال وهم لا يحتاجونه؟
الشيخ : هذا سؤال الحقيقة سؤال هام وهو السؤال يلفت نظرنا إلى ظاهرة عصرية الآن وهي أنه كثرت الجمعيات الخيرية كثرت بين الناس وفي كثير من الحارات أو المحلات توجد جمعيات تسمى بالجمعيات الخيرية أنا لا أنكر شرعية هذه الجمعيات كأصل لأنها تدخل في عموم قوله تبارك وتعالى (( ولا تحاضون على طعام المسكين )) هكذا الآية نعم ؟
السائل : نعم
الشيخ : نعم فأقول لا سبيل لإنكار مثل هذه الجمعيات لكن بشرط أن تكون قائمة على الأحكام الشرعية منها مثلا أن يكون هناك في هذه الجمعية صندوقان صندوق يختص بأموال الزكاة لأن هذه الأموال لا يجوز صرفها إلا للأصناف الثمانية ولا أقول كما في بعض المذهاب لا بد من توزيعها على الثمانية وإنما إلى مصرف من هذه المصارف الثمانية هذا الصندوق الأول والصندوق الآخر أن يكون خاصا بالصددقات التي هي من باب التطوع وليست زكاة المال لأنه هذا النوع من الصدقات ومن المبرات والعطيات يمكن أن يتوسع القائمون على الجمعية في توجيهها إلى من ليسوا من أهل الزكاة أي إلى من ليسوا من مصارف الزكاة فأنا أعرف أن بعض الجمعيات عندهم صندوق واحد وهنا يقع الخبط والخلط وهذا لا يجوز فهذا مما ينبغي أن تراعيه هذه الجمعيات أو أن يراعيه القائمون عليها
الشيء الثاني أنه لا يجوز لبعض الناس أن ينصبوا أنفسهم رؤوسا أو مسؤولين إداريين في هذه الجمعيات ثم بعد أن يوظفوا أنفسهم شيئا من هذه الوضائف يرتبون بأنفسهم لأنفسهم رواتب وقد يتأولون ذلك من قوله تعالى (( والعاملين عليها )) أقول هذا انحراف خطير جدا في العصر الحاضر لأن من السنة الثابتة في الصحيح قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إنا لا نولي من ) إيش؟
الحلبي : على عملنا من طلبه.
الشيخ : ( إنا لا نولي على عملنا من طلبه ) هذا من نظام الإسلام في الوظائف بعامة وبخاصة الوظيفة المتعلقة بالمالية ببيت مال المسلمين كما كانوا يقولون قديما إذا كان طالب التوظف من المسؤول الأعلى وهو خليفة المسلمين لا يوظفه وهو له الحق أن يوظف من شاء فكيف يجوز لمسلم أن يوظف نفسه بنفسه وأن يرتب لنفسه هذه راتبا يقتطعه من مال الفقراء والمساكين لذلك هذه الجمعيات القائمة اليوم أنا في اعتقادي حتى الجمعيات العالمية وأنا أعني ما أقول أكثرها قائمة لمصالح أفراد الموظفين فيها وأنهم يأكلون أموال الفقراء باسم العاملين عليها فأنا أقول إن كان هناك دولة مسلمة وتحكم بما أنزل الله كثيرا أو قليلا وعندها نظام بيت مال المسلمين فمن الحكم بما أنزل الله توظيف موظفين يليق بهم أن يكونوا موظفين في بيت مال المسلمين وأول شرط أن يكونوا أمناء لايختلسون الأموال التي ستكون تحت أيديهم وهم عليها أمناء فإذا كان المسؤول هو الذي يوظف واختار وجعل لهم راتبا انطلاقا من الآية السابقة (( والعاملين عليها )) فلا بأس أما أن يأتوا جماعة ويسعون سعيا حثيثا باسم تشكيل جمعية خيرية ويجعل لها رئيس ونائب رئيس وما أدري موزع إلى آخره وكل واحد يجعل له راتب من هذا المال وبخاصة إذا كان الراتب من الصندوق الأول صندوق الزكوات هذا يكون خيانة ما بعدها خيانة ولذلك فالجواب باختصار بعد هذا التوضيح أنه لا يجوز لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر حقا أن يقتطع هو بنفسه مالا بزعم أنه طالب علم أنا أدري أن هناك قولا لعالم من الخلف ولكنه من أتباع السلف له رأي فيقول يجوز إعطاء طلاب العلم فضلا عن العلماء إعطاء رواتب لهم ولو كانوا أغنياء هذا رأي له لأنه يفلسفه أقول هكذا والحق أن نقول يعلله بأن الدين لا يقوم إلا بهؤلاء لكن أقول الدين لا يقوم إلا بهؤلاء صح لكن من صفتهم أنهم كيف الآية (( لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )).
السائل : (( إنما نطعمكم لوجه الله )).
الشيخ : أيوه (( لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )) وحقيقة أهل العلم لا يكون لهم الأثر المطلوب في المجتمع الذي يحيون ويعيشون فيه إلا إذا كان دعوتهم لله خالصة لوجهه تبارك وتعالى ليس للراتب ولذلك أنا أعلم أن بعض الدول التي لا تزال فيها بقية من الحكم الإسلامي وفيها بقية من علماء كرام يهتمون بنشر دعوة الإسلام في بلاد الكفر أو بلاد الإسلام يوظفون دعاة يسمونهم دعاة ويرتبون لهم رواتب لا بأس من هذا إذا كان هذا الراتب ليس من أموال الزكاة ولكن أنا أدري وأعلم بتجربتي أن كثيرا من هؤلاء الدعاة اسم دون جسم دعاة لكن لا يفهمون من الإسلام إلا قليلا وأيضا قد لا يقومون بواجب الدعوة وقد ينغمسون في المجتمع الذي ذهبوا إليه بزعم إصلاحه إلى آخره فأنا أعلم أن بعض العلماء وعنيت به صديق حسن خان بالذات حيث ذكر في كتابه الذي أنصح كل طالب علم أن يدرسه وأن يتفقه فيه وهو المسمى بالروضة الندية شرح الدرر البهية هناك في كتاب الزكاة يصرح بهذا الحكم أنه يجوز إعطاء الزكاة للعلماء وطلبة العلم ولو كانوا أغنياء أنا أقول بيت مال المسلمين موارده متعددة الأطراف والجوانب فما كان من زكاة الفريضة ففي جانب كما قلنا اليوم في صندوق وما كان من تبرعات وصدقات من نوافل تكون في صندوق آخر هذا الصندوق الآخر يمكن لمن كان مسؤولا إما من الدولة التي لا تزال تتبنى نظام بيت مال المسلمين فإذا وظفت الدولة بعضهم وكانوا مخلصين في عملهم فلا بأس من ذلك أو إذا كنا في بعض الدول التي لم يبق فيها الحكم بنظام بيت مال المسلمين فكان من آثار ذلك هذه الجمعيات الخيرية التي قامت على ساق وقدم
ومثل ذلك تماما جمع التبرعات لبناء المساجد وأنا أرى هذه أيضا مشكلة عصرية لأن الذين يجمعون التبرعات أنا أعلم كثيرين منهم وقد يكون بعضهم من أقربائي يعتاشون من جمع الأموال وليس عليه لا رقيب ولا عتيد فيجمع ما شاء ويأخذ ما شاء وفعلا تجده نشيطا ويبني هنا مسجدا وهنا مسجدا في هذه القرية وفي تلك القرية إلى آخره لكن ليس له عمل من أين يعتاش؟ من هذه الأموال هذه فيه خطورة بالغة جدا