كلام الشيخ على نعمة الذاكِرَة المُعِينة على حفظ القرآن الكريم . حفظ
الشيخ : هو الحفظ يا أبو عدنان الحقيقة يحتاج إلى توفر أسباب للإنسان منها الذاكرة القوية ، الحافظة اللاقطة كالمغنطيس ، بعض الناس ربنا - عزَّ وجلّ - منعم عليهم بحافظة تشبه المغناطيس ، والمثال كنت ذكرته لكم إياه ، في أول الإسلام فرضت الصلاة الصلوات الخمس ، لكن لم تشرع مع الصلوات الخمس صلاة الجماعة ، شرعت قبل هجرة الرسول - عليه السلام - من مكة إلى المدينة ، وفي برهة إقامة الرسول - عليه السلام - في مكة ، كان الذين أسلموا في المدينة وربما في بلاد أخرى يفدون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتلقوا منه الأحكام الشرعية التي تنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - تباعا ، فذهب وفد من الأنصار في المدينة المنورة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة ، فرجعوا ومعهم حكم جديد ، وهو صلاة الجماعة وأنه يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله ، يقول راوي هذا الحديث واسمه عمرو بن أبي سلمة على ما أظن ، يقول : فنظروا فلم يجدوا أقرأ مني ، وهو ابن سبع أو تسع سنين لا أكثر ، هكذا الرواية جاءت ، إما هو ابن سبع وإما بالكثير ابن تسع ، لماذا.؟ قال هو عن نفسه : كنت كلما جاء وفد من طرف الرسول - عليه السلام - من مكة أسألهم ماذا أُنزل عليه من القرآن.؟ فأحفظه ، كل ما جاء وفد يسألهم فيحفظ ، فلما جاء الوفد الأخير وفيهم والده ، قال : نظروا فلم يجدوا أقرأ مني ، فقدموني أصلي بهم إمامًا ، لماذا.؟ لأنهم سمعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله ) فإذًا هنا ما في سن ، ما في صلاح ، تقوى ، كذا كما يشترط البعض ، هذه الشروط يجب أن نعرف جيدًا أنها شروط كمال ، وليست شروط صحة ، يعني عندك مسجدين يمين ويسار ، هذا المسجد الأيمن فيه إمام مبتدع ، هذا المسجد الأيسر فيه إمام سنة ، صلي هنا ولا تصلي هناك ، والله هذا بعيد شوي عني أو ما فضيت فصليت هنا ، تصح صلاتي .؟ نعم ، تصح صلاتك ، لأنه ليس شرطا أن يكون إمامك هو النبي ، هو الرسول ، هو الصحابي ، هو التقي ، هو الورع ، وإنما يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله عند الاختلاف ، فقدموا عمرو هذا فصلى بهم .
السائل : ذكرتني بسؤال .
الشيخ : لس ، صلى بهم ، ما كاد الرجل يُسلم إلا سمعوا صوتًا من وراء الصفوف من امرأة تقول : " ألا تسترون عنا است إمامكم ؟! " يعني دبره - يضحك الشيخ - قال : لأنه كان لابس شملة أو إزار .
السائل : قصير .
الشيخ : مش قضية قصير ، من يلي نحن نسميه جنفيص ، الله أعلم شو بتسموه أنتم هنا.؟ الغليظ يعني يلي ما هو لين ، يعني لما يسجد شو بتعمل؟ تعمل هيك - يضحك شيخ السنة رحمه الله والطلبة - فالظاهر أن أحد النساء وقعت عينها على عورة الولد هذا ، فنادت بأعلى صوتها ألا تسترون عنا است إمامكم وهو طفل صغير ، حتى نتأكد من صباه ، قال : فاشتروا لي شملة ، فما فرحت بشيء فرحي بمثلها - يضحك الشيخ رحمه الله - .
السائل : كمان هو الذي يروي الحديث .
الشيخ : هو راوي الحديث ، الشاهد أنه من يؤتى مثل هذه الحافظة يتيسر له إيش.؟ حفظ القرآن ، هذا سبب لكن ليس هو كل السبب ، ما تستطيع تتصور وضعك أنت ، بل وضعي أنا يوم كنت ساعاتي وقيس نحن نجار أو حداد على أنفسنا ، لأنه هذا غير أنت وأنا ، أنا مثلاً يومئذٍ كنت وأنا وراء الطاولة في الدكان ، أحط المصحف ...واحفظ قدر ما أستطيع ، مع أني لم أوت حافظة تذكر ، فكنت أحفظ ما شاء الله ، لكن كل ما تعمقت بالعلم وبالحديث ما بقي عندي إلا الشيء القليل من الحفظ الذي كنت حفظته ، أعني بهذا الكلام كله أن حفظ القرآن يحتاج إذا إلى شيئين أساسيين : الشيء الأول : الحافظة القوية ، الشيء الثاني : الفراغ ، الفراغ الذي يمكن الإنسان من أن يحفظ ، كما ضرب مثال أبو عدنان الله يجزيه خير بنفسه ، ومثال بسيط من طرفي أنا وما أستمررت على ذلك - مع الأسف - فلذلك ما نستطيع أن نقول لكل إنسان احفظ لك مئتين آية ، هذا ليس ميسر إلا للقليل ، فهنيئًا لحفظة كلام الله - عزَّ وجلّ - ولكن بشرط أن يكون القصد من وراء ذلك هو ابتغاء وجه الله ، وإلا ذهبت أتعابهم هباءً منثورا .