حدثنا هناد بن السري، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرني ابن أبي سليمان، عن عطاء، قال: " لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية، حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجرئهم - أو يحربهم - على أهل الشام، فلما صدر الناس، قال: يا أيها الناس، أشيروا علي في الكعبة، أنقضها ثم أبني بناءها؟ أو أصلح ما وهى منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فرق لي رأي فيها، أرى أن تصلح ما وهى منها، وتدع بيتا أسلم الناس عليه، وأحجارا أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن الزبير: " لو كان أحدكم احترق بيته، ما رضي حتى يجده، فكيف بيت ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثا، ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتى صعده رجل، فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة، فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوي على بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه )، قال: " فأنا اليوم أجد ما أنفق، ولست أخاف الناس "، قال: " فزاد فيه خمس أذرع من الحجر حتى أبدى أسا نظر الناس إليه، فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا، فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشر أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه ". فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه، وسد الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه ". حفظ