ما قولكم فيمن يرى أن قوله صلى الله عليه وسلم ( لا صلاة لمن لا يقرأ فاتحة الكتاب ) يراد به : لا صلاة تامة ؟ حفظ
الحلبي : شيخنا في ورد ذكر في المسألة ولو كان خارج قليلا لكن ورد شيئا منها ، سؤال الآن كتبته طبعا ، ما هو رأيكم فيمن قال في قوله صلى الله عليه وسلم ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) إن المراد منه لا صلاة تامة بدليل قوله ( من لم يقرأ بأم الكتاب فصلاته خداج ) ومعنى خداج عنده ناقصة فخرج من ذلك بعدم ركنية الفاتحة في الصلاة .
الشيخ : طبعا هذا الجواب خطأ وهو جواب حنفي ، لأن هذا الجواب قائم على الفلسفة السابقة بمعنى لو كان الحديث عندهم متواترا ما أجابوا بهذا الجواب ، لكنهم بنوا هذا الجواب على أن الحديث هذا حديث آحاد وهو متواتر عند إمام المحدثين ، وعندهم آية ما يجوز تخصيصها بهذا الحديث فهم يقولون بقى فنحن ما نلغي الحديث من أصله لكن نؤوله حتى ما يتصادم مع النص القرآني المقطوع به ، عرفت كيف ؟
السائل : نعم .
الشيخ : فهذا التأويل بلا شك هذا خطأ لأننا سنقول كعبارة عربية ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ، الأصل في " لا " أنها نافية ، نافية للشيء أو لحقيقة الشيء ليست هي موضوعة لنفي الكمال إلا لقرينة ، فهم يضطروا لهذا التأويل لأنهم ناظرين بعينهم اليمنى إلى قوله تعالى : (( فاقرءوا ما تيسر من القرآن )) على أن هذه الآية دليل لفرضية القراءة وهي ما تيسر ، فلو لا هذه الآية كان موقفهم من الحديث غير ذاك الموقف ، ولو لا أن الحديث مع وجود الآية لولا أن الحديث عندهم آحاد وكان متواترا لما لجأوا إلى مثل هذا التأويل ، أما الحديث ( من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج فصلاته خداج فصلاته خداج غير تمام ) لكن هذا ليس دليلا لهم لأن التمام أو لنقل العكس النقصان قد يستلزم النقصان فقد الشيء من أصله وقد يستلزم المحافظة عليه ، فكون قوله عليه السلام ( فصلاته خداج ) دليل إلى أن هذه الصلاة لا وجود لها ولا فائدة منها أقرب إلى أن هذه الصلاة لها كيان ولها وجود لكنها ناقصة أي لا يصح تفسير الحديث على ضوء الحديث الآخر ... نذكره في مناسبة أخرى وهو قوله عليه السلام : ( إن الرجل ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ) إلى أن قال عليه السلام ( نصفها ) هذا نص صريح أن الصلاة كاملة مقرونة ولكن بدرجات متفاوتة ، الحديث مع الدرجات المتفاوتة ينص عليها ، في الوقت نفسه الدليل أن هذه الصلاة ما باطلة ، هم يريدون أن يفسروا فهي خداج على هذا المعنى ، هذا التفسير خطأ لماذا ؟ لأنه في اللغة العربية يقولون أخدجت الناقة أي أسقطت ، جابت أيش ؟ طرح ، فإذن الحديث على الأسلوب العربي يعني ما يعني ظاهر الحديث الأول لكن مع ذلك انهم اضطروا لهذا التأويل للمقدمة السابقة أنه عندهم آية والآية قطعية والحديث حديث آحاد فإذن فلا يجوز نحن أن نخصص عموم الآية بحديث آحاد على أنه نحن عندنا جواب آخر نقول سبحان الله هم عندهم فلسفة ، فلسفة أخرى تعلمناها منهم بطبيعة الحال منهم وهي أن العقيدة لا تثبت وكذلك لا يجوز تقييد عموم القرآن إلا بنص قطعي الدلالة قطعي الثبوت ، شرطان اثنان : قطعي الثبوت ، وقطعي الدلالة ، لكن هنا هم يجابهون بحقيقة تستفاد من فلسفتهم الخاصة هذه فيقال لا يجوز أن تصرفوا الحديث دلالته قطعية لكن ثبوته غير قطعي بآية قرآنية ، ثبوتها قطعي لكن دلالتها ظنية غير قطعية ، فالآن هنا (( فاقرأوا ما تيسر من القرآن )) الدلالة ظنية ما هي دلالة قطعية ، فلو كانت دلالتها قطعية لهم وجهة نظر إنه يقولون هذه الدلالة قطعية نحن ما نقدر نخصصها أيش ؟ بعموم الحديث ، لكن الحقيقة ما فقط دلالة الآية ما هي قطعية استدلالهم بالآية خطأ من الأصل لأن معنى الآية (( فاقرأوا ما تيسر من القرآن )) أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل ، يعني الآية في واد وهم في واد آخر ، الآية موردها قيام صلاة الليل كم ركعة ؟ ما تيسر من القرآن ، ما تيسر لكم من صلاة الليل ، هنا كما يقول العلماء أطلق القرآن وهو الجزء (( فاقرءوا ما تيسر من القرآن )) وراد الكل وهي الصلاة ، مثاله قوله تعالى : (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر )) أقم قرآن الفجر (( إن قرآن الفجر كان مشهودا )) أقم قرآن الفجر أي صلاة الفجر ، (( إن قرآن الفجر )) اي صلاة الفجر كان مشهودا ، أطلق الجزء وأراد ايش ؟ الكل ، أطلق القراءة وأراد الصلاة ، كذلك قوله تعالى : (( فاقرءوا ما تيسر من القرآن )) لا يعني القراءة الحقيقية وإنما يعني الصلاة أطلق الجزء وأراد الكل ، وهذا أسلوب عربي لبيان أهمية القراءة في الصلاة ليبين أن القرآن في الصلاة ركن منها وأنه إذا لم يقرأ في الصلاة فليس له صلاة ، برجع إلى الحديث ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) فإذن لا تعارض بين الحديث وبين الآية لأن مورد الحديث فيما يجب أن يقرأ الإنسان في كل ركعة ، ومورد الآية التيسير على الناس إذا قاموا يصلوا في الليل فيصلون ما تيسر لهم .