ما حكم التعاون مع البنوك الربوية وإذا كان يحرم فما البديل عنها.؟ حفظ
المجلس الثاني .
أبو ليلى : كما نلفت انتباهكم إلى أن معرفة السؤال الأول في المجلس يتوقف على مضمون الحديث .
الشيخ : لأنه في عهد الرسول عليه السلام ما في إلا أولئك المرابون المعروفون بثروتهم وبغناهم وليس لهم أيش محلات معينة ، فيجيء الشخص ومعروف الشخص عند الناس جميعا أنه غني وأنه يرابي يقول له جيب شاهدين يجيء بشاهدين وعنده كاتب يكتب أو يجيء من عنده كاتب إلى آخره ، فتعاون الجميع على هذه الأنواع ، آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، فبسبب التعاون على هذا المنكر الفظيع قال عليه السلام : ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) اليوم البنك لا يقوم على هذه الأنواع الأربعة يجوز البنك الآن ما في حاجة في كثير من المعاملات إلى أيش ؟ شاهدين ، لكن هو بحاجة بدل الشاهدين إلى متعاونين معه أنواع كثيرة وكثيرة جدا بدء من القمام الكناس المنظف إلى رئيس البنك كم هنا في أنواع بالنسبة للعصر الحاضر ؟ كل هؤلاء داخلون تحت اللعن لأنهم يتعاونون على هذا المنكر الضخم ، وهذا الحديث في الواقع هو نعتبره دائما من الأمثلة التي نستطيع أن نفسر بها بلاغة القرآن ، في مثل قوله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) فالتعامل مع البنوك إثم وعدوان على أموال الناس وعلى حقوقهم بعد اعتدائهم على أحكام الله وعلى شريعة الله ، إذن انظر دائما إلى نوع التعامل مع أي بنك كان فإن كان الشرع يعطيك الجواز فهو جائز وإلا فلا ، وأكثر المعاملات اليوم التي تجري في البنوك هي مخالفة للشريعة ولاشك ، وباختصار شديد لا يجوز التعامل إلا مع الضرورة التي تبيح للمسلم أن يأكل لحم الخنزير .
السائل : فقط والله يا شيخ لو استطعت ... ؟
الشيخ : ما هو البديل
السائل : ... .
الشيخ : وهذه هي المشكلة ، الجواب عن السؤال السابق ذكره من أحد إخواننا ما هو البديل ؟ هذا السؤال في اعتقادي الجواب عنه ليس بالسهل ، ليس بالنسبة للمجيب ولكن بالنسبة للسائلين لأنه لا يخفى على جميع الحاضرين أن البنوك القائمة الآن هي ثمرة تغير نفوس المسلمين الذين وجدت بينهم هذه البنوك التي تتعامل تعاملا غير إسلامي ، فإذن هي أثر من آثار فساد المجتمع الإسلامي فحينما نطلب بديلا عن هذا البنك الذي يتنافر مع المجتمع الإسلامي الحقيقي فلا يمكننا أن نوجد البديل إلا بإيجاد التبديل والتغيير كما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم : (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) لأن البديل إن وجد وسوف لا يمكن إيجاده مع بقاء المسلمين على ما هم عليه إن وجد فسوف يلفظ وسوف يهجر ولا يتعامل المسلمون معه لأنهم ليسوا مسلمين حقا ولم يشكلوا المجتمع الإسلامي الذي يتقبل هذا البديل عن البنك اللا إسلامي ، وموضوع تغيير النفوس المشار إليه في الآية السابقة أمر هام جدا وهو من الأمور التي لا يزال كثير من المسلمين فضلا عن الكافرين لا يعلمون أهميته وربما يعلم الحاضرون جميعا أن بعض القوانين الغربية الكافرة كانت يوما ما قد اقتنعت تحت مطارق التجارب والأضرار التي لمسوها لمس اليد من انتشار شرب الخمر في تلك البلاد تحت ملاحظتهم لهذه الأضرار ، اصدروا قانونا بتحريم الخمر لكن سرعان ما تراجعوا عن هذا التحريم وعن هذا القانون ، لماذا ؟ وهنا الشاهد لأن النفوس التي فرض عليها هذا النظام وهذا قانون ليس عندها استعداد أن تجاهد نفوسها وأن تبتعد عن شرب الخمر مع علمهم بأضرارها إنما يبتعد الناس عن المضرات المشتهاة عند النفوس بتقوى الله تبارك وتعالى ولا شيء آخر ، ولذلك لا نزال إلى اليوم نجد كثيرا من الأطباء المسلمين يشربون الدخان مع علمهم بأضرار الدخان بل وبعضهم يشرب الخمر أيضا وهم يعلمون أضرارها ، إذا كان بعض أطباء المسلمين هكذا يشربون الخمر فماذا يقال عن الكفار ؟ الأمر فيهم أدهى وأمر ، ولذلك فشرابهم الخمر ليلا نهارا والذين يسافرون أو بالمعنى الأصح يبتلون بالسفر لبلاد أوروبا يذكرون أن أقل ما يشربون الماء وإنما يشربون الخمر ، فإذن ما هو السبيل للابتعاد عما حرم الله وإحلال ما أباح الله محله ؟ ليس هو مجرد التغيير و التبديل وإنما تبديل شيء قائم في النفوس ألا وهو تحقيق تقوى الله عز وجل التي هي العلاج لابتعاد الناس عن كل المعاملات المحرمة إسلاميا ، إذن باختصار أريد أن أقول إن البديل لا يمكن إيجاده إلا بعد تهيئة النفوس للابتعاد عن هذه البنوك المحرمة ... تأتي جملة مشهورة في العصر الحاضر وهي " الحاجة أم الاختراع " فمادام الناس لا يزالون يقبلون على التعامل مع البنوك بحجة أن هذه فيها شيء وهذه ما فيها شيء وهذه التي فيها شيء في ضرورة وما هي الضرورة ، لا ينظرون إلى قول الفقهاء صحيح " الضرورات تبيح المحظورات " لكنها القاعدة مقيدة بقاعدة أخرى وهي " الضرورات تقدر بقدرها " فإذا سألت التجار ما هي الضرورة التي تضطركم إلى أن تودعوا أموالكم بالألوف بل ربما الملايين في البنوك ، يقول لك التجارة ، طيب التجارة ليست ضرورة تبيح للمسلم ارتكاب المحرمات ، كيف والإسلام يقول في صريح حديث الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث معناه ( يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ) فأنت إذا أردت أن تتاجر فعليك أن تتقي الله عز وجل ولا تظنن أن استحلالك ما حرم الله بزعم الضرورات تبيح المحظورات ولا ضرورة هناك سوى توسعة الكرش وإملاء البطن بما حرم الله هذه ليست ضرورة أبدا ، يستطيع الإنسان أن يعيش في هذه الحياة الدنيا أحسن عيش وأحسن حياة في حدود القناعة وليس من الضروري أن يكون غنيا مثريا كبيرا وبخاصة بناء على المعاملات المحرمة في الإسلام ، قلت مرارا وتكرارا وأرى لزاما علي أن أكرر ذلك على مسامع الناس ولو كان فيهم من قد سمع فإن في الإعادة كما يقال وقد يكون هناك من لم يسمع فأنا أقول إن المسلمين اليوم بعامة وهذا لا يعني أن هناك في خاصة لا يدخلون في هذا العموم نسوا قول الله تبارك وتعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) حين أقول نسوا أعني المعنى القرآني وهو قال تعالى : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى )) فأنا قلت إن المسلمين اليوم نسوا هذه الآية الكريمة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) فلا يقولن قائل لا يا أخي ما نسوا والدليل قلما تدخل بيتا إلا وتجد هناك لافتة بخط جميل (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) نقول له رويدك أنا ما أعني بالنسيان الفكري العلمي وإنما أعني النسيان العملي المذكور في الآية السابقة (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا )) نسيان ذهني ؟ لا إنما نسيان عملي ، فإذن نحن اليوم مع الأسف الشديد تنطبق هذه الآية على الكثير من المئات الملايين من المسلمين ينطبق هذا الوعد الشديد (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) وأي ضنك أشد من أن تستحل أطراف من بلاد الإسلام من الكفار أصالة أو الكفار انتهاء إلى آخره ، ونعيش في ذل هؤلاء الحكام الذين بعضهم كفار أصليون وبعضهم كفار طارؤن ونحو ذلك ، هذه المعيشة الضنك الذي لا تستطيع أن تنتقل من بلد إسلامي إلى بلد آخر كما هو الواجب أن تطوف في بلاد الإسلام وتعيد رحلة ابن بطوطة أو ابن جبير أو نحو ذلك ، يتعجب الإنسان كيف استطاع هذا الرحالة أو ذاك أن يطوف هذه البلاد دليل أنه ما كان في هذه التعقيدات التي أصيب بها المسلمين اليوم بل لا تستطيع أن تتجاوزها مقدار مئة كيلوا متر أو مئتين متر حتى تحتاج تقف ساعات حتى يؤذن لك ويسمح لك هذا من أيش ؟ من الحياة والمعيشة الضنك (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) إلى آخر الآية ، فالآية السابقة معروفة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) لكنها مهجورة متروكة لا يعمل بها ، لا أحد من التجار إلا من شاء الله وقليل ما هم يخطر في باله (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )) أي من يترك الربا فالله عز وجل يجعل له مخرج أحسن من المخارج التي يتكلفها العاصون لله عز وجل في تعاملهم تعاملا ربويا (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )) نحن نسأل ولا جواب هل تؤمن بهذه الآية ؟ يقول نعم ، لكن أراك لا تعمل بها ، أنت لا تتقي الله عز وجل حتى يجد لك مخرجا ، باعتقادي الآن البديل هو في هذه الآية ، البديل لا يستطيع شخص من مثلي ولا عشرات من مثلي ولا مئات أو يوجدوا بنكا بالمعنى العرفي اليوم وموافق للأحكام الشرعية ، مادام هذه الآية لا تزال تزين بها الجدر وليس القلوب فلو أننا غيرنا من أنفسنا لغير الله عز وجل ما بنا وذلك بأن نتقي ربنا لأن الله عز وجل أصدق القائلين (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) إذن القضية ليس قضية أنه يعني حل مادي ، أنه يوجد نظام بهذه السرعة التي يسعى لها الكفار ويضعون القوانين لحل بعض المشاكل ، هذا يحتاج إلى تطوير الأمة من نفوسها من أفكارها من عقائدها حتى ربنا عز وجل يتفضل عليها حينذاك بأن يلهمه البديل المادي الذي يأتي بحلول لمشاكلهم ولا يؤخر أعمالهم الدنيوية المباحة منها ، وبهذه المناسبة أيضا بمناسبة التعليق على هذه الآية أنا أذكر حديثين اثنين أيضا يعتبران كالتفسير لهذه الآية تفسير واقعي مما وقع في بعض الأمم التي كانت قبلنا ، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام البخاري في صحيحه ( كان فيمن قبلكم رجل غني فجاءه سائل وقال له أقرضني مئة دينار ، قال هات الكفيل قال الله الكفيل ، قال هات الشهيد قال الله الشهيد ، فنقده مئة دينار ذهب ولا شهيد هنا من العباد ولا كفيل إنما هي تقوى الله والخوف من الله ، كل من الغني والفقير من المقترض والمقرض وتواعدا على يوم لوفاء هذا الدين وانطلق المستقرض بالمئة دينار يعمل في بلدة أخرى فلما حل الميعاد وجد نفسه لا يستطيع أن يحضر البلدة التي فيها الغني ليوفيه المئة دينار ) فماذا فعل ؟ لقد فعل أمرا عجيبا ، أنا أول من يستنكره تمسكا بالمبادئ الكونية الطبيعية المعهودة عند الناس ، أما الإنسان حينما يلجأ إلى الله عز وجل ويتوكل عليه فهنا تأتي العجائب كما جاء في حديث وهو قوله عليه السلام : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فقد كانت فيهم أعاجيب ) من هذه الأعاجيب هذه القصة ، هذا الرجل ( لما شعر أنه لا يستطيع أن يحضر في اليوم الموعود لدفع النقود ماذا فعل ؟ أخذ خشبة وحفرها ودك فيها مائة دينار ذهب وحشاها حشوا جيدا ثم جاء إلى ساحل البحر فقال يا رب أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد ورمى الخشبة في هذا البحر ) شغل دروشة ، شغل جنون والجنون فنون لكن إنما الأعمال بالخواتيم شوفوا شو صار بالرجل ؟ ربنا عز وجل الذي يعلم ما في الصدور ويعلم إخلاص هذا الإنسان في محاولته الوفاء في اليوم الموعود وقد فاته بينه وبين البلد ما شاء الله من مسافات فتوكل على الله حق توكله ثم أتى بسبب باستطاعته هذا السبب لكن ليس هو كل السبب ما في عنده بريد مسجل كما هو اليوم موجود أو بريد سريع أيضا إلى آخره ، ( فدك هذه الخشبة ودك بها هذه الدراهم وهذه النقود ورماها في البحر متوكلا على الله ، أنت كنت الكفيل وأنت كنت الشهيد يعني يا رب هذه شغلتك مش شغلتي أنا ، أنا هذا الذي يطلع بيدي ، ربنا عز وجل بقدرته التي لا حدود لها أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى البلدة التي فيها الدائن الغني وخرج الدائن في اليوم الموعود ليتلقي صاحبه المدين لكن عبثا ، الرجل لا يزال في تلك البلدة التي كان يعمل فيها ووقع بصره على خشبة بين يديه تتقاذفها الأمواج وتتلاعب بها يمينا ويسارا ، فألهم أن يمد يده إليها وإذا بها ثقيلة ، الأمر الذي جعله يحس بأن الخشبة هذه ليس خشبة مفوخرة فارغة ، لا بل صامدة ومليئة أخذها للدار وكسرها فانهارت أيش ؟ المئة دينار ذهب ، تعجب الرجل ثم جاء المدين بعد الوعد ).
الشيخ : انظر الآن الاخلاص في الوفاء من جهة وعدم الاعتماد على ما فعله ، أنتم تسمعون بأن الصوفية يقولون فلان أخذه الحال ، أنا أنكر هذا الشيء لكن له معنى هذا الكلام لازم تعرفوه معي ، قضية الإنسان أحيانا يأخذه الحال هذا ليس مستنكر أبدا لأن الإنسان أحيانا لازم ينفصل عن الوجود المادي هو بارتفاعه إلى الأعلى واتصاله بالملأ الأعلى ، هذا الرجل لما ألقى الخشبة وفيها المائة دينار بلا شك أخذه الحال .
الحلبي : الحال الإيماني ؟
الشيخ : اسمح ، اسمح لي ، فنحن نقول الصوفية يقولون أخذه الحال يعني ذاك جنان عم يذكر الله وأخذه الحال لا ، هذا أخذه الحال ، هنا أخذه شعوره بأنه يجب عليه أن لو كان له أجنحة أن يطير إلى تلك البلد من أجل ماذا ؟ أن ينقده النقود وفاء بالوعد ، لكن ليس طالع بيده ، إذن ما يفعل ؟ ها ، لا جود إلا بالموجود ، هذا الذي يطلع بيده دك النقود بالخشبة ورماها في البحر إلى آخره ، لكن هذا الحال الذي أخذه ما استمر معه فهو يرجع للوضع الطبيعي والوضع الطبيعي يعبر عنه لما جاء عند صاحبه تجاهل كل شيء فعله وأخرج من جيبه ونقده مائة دينار ، لو كان يريد يعتمد على ذلك الفعل كان يقول له أنا بعثت لك بالبريد الإلهي مائة دينار لعله وصلك ، ما يعرفه هذه قضية خارجة عن طوع الإنسان رأيت ، ولذلك تجاهل الموضوع ونقده مائة دينار ، هذا بلا شك منتهى الوفاء والإخلاص والعمل بالوسائل المادية والوسائل إذا صح تسميتها الروحية أو الإلهية جمع بين الأمرين ورجع إلى نظام الأمر المعتاد ، فنقده المائة دينار ، انظروا الآن موقف الدائن ليذكرنا بالمثل السائر " إن الطيور على أشكالها تقع " لو واحدا من الأغنياء اليوم جاء بهذا البريد الإلهي الذي لا مثيل له مائة دينار يحطهم بجيبه بخزانته ولما يجيء المدين ويدفع له يقول له جزاك الله خيرا لأن هذا المدين ما يقدر يقيم الحجة عليه أنه أنا بعثت لك مائة دينار كما نفعل نحن اليوم بطاقة مستردة إنه أنا بعثت لك ما في شيء من هذا ، فوق الأسباب الكونية الطبيعية الذي وقع ، لكن هذا الغني مثل هذا المدين كلاهما في الخوف من الله وفي تقوى الله سواء ، ماذا فعل ؟ ( قال له يا أخي أنا يوم الميعاد خرجت لاستقبالك وتلقيك ما جئت لكن وجدت خشبة فأخذتها وكسرتها ووجدت بها مائة دينار ، ما القصة ؟ قال له القصة كذا وكذا وحكى له القصة ورد عليه المائة دينار وقال له بارك الله لك في مالك ) ، هذا تفسير لقوله تعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )) يعني سخر الله لهذا الإنسان البحر الموج الأمواج هذه المتلاطمة ... الجبال الراسخات البواخر التي رأيتموها الضخمة كأنها بلد تمشي في البحر ، ربنا عز وجل سخر هذا الموج لهذا الإنسان المتقي فتقوى الله عز وجل تأتي بالعجائب لكن نحن مع الأسف اليوم ما عندنا نحس بأثر التقوى إلا نادرا ونادرا جدا ، الحديث الثاني الذي أذكره بهذه المناسبة وهو معجزة وآية أيضا أخرى تؤكد أثر تقوى المسلم لله عز وجل وكيف أن ربنا يسخر له الكون ، قال عليه السلام ( خرج رجل ممن قبلكم يمشي فسمع صوتا من السحاب ) ، صوت من السحاب حتى في زمن استعلاء الطائرات على السحاب لا يمكن أن يسمع صوت البشر إلا صوت دوي الطائرات.