شخص مضطر إلى شراء شيء بالتقسيط فهل يجوز أم لا.؟ حفظ
السائل : شخص مضطر إلى شراء شيء بالتقسيط هل يجوز أم لا ؟
الشيخ : ليس مضطرا ليجوز كيف انبح صوتنا يا أبا عبد الله ونحن نحكي عن التقسيط
السائل : ...
الشيخ : الحقيقة أننا في زمن اليوم ابتلينا بالدنيا وزهرتها وأصبحنا لا نستطيع أن نعيش عيشة وسطا غير مقرونة لا أقول بالترف بل لا نستطيع أن نعيش بعدم التوسع في العيش فلذلك رجل مثلا عاش وبلغ من السن ما شاء الله وهو قوي البنيان قوي الجسم ويمشي على رجليه ولا يتأثر لكن يرى جيرانه هذا عنده سيارة وهذا عنده دراجة نارية وإلى آخره، فهو يشتاق أن يكون عنده مثل ما عند غيره فيرجع يقول أنا مضطر أن أشتري سيارة أو دراجة نارية بالتقسيط وأين هذه الضرورة سوى أنه يريد أن يتوسع وعلى ذلك قس أمورا كثيرة لا حصر لها، إنسان يقول مثلا أنا أدفع كل شهر إيجار سكن سبعين ثمانين مائة دينار مثلا فيقول أنا مضطر لكي أبني دارا ولذلك أريد أن أستقرض بالربا، وأين الضرورة ما دام أنت عايش ومأوي وهل هذا السكن الذي أنت عايش فيه، ستسحبه معك إلى الآخرة، يكفيك أنه كما قال عليه السلام ( من أصبح منكم آمنا في سربه ) - في داره سواء كانت ملكه أو ملك غيره - ( وعنده قوت يومه ومعافى في بدنه وعنده قوت يومه فكأنما سيقت اليه الدنيا بحذافيرها ) ،وأين الضرورة أنه يأخذ الربا ليبني دارا تسجل باسمه ما فيه ضرورة ، ولذلك أصبحت هذه الكلمة مع الأسف مبتذلة . ... فالقضية لو كان الإنسان مضطرا إلى الربا المكشوف فيكون كاذبا في دعواه ، لماذا هو مضطر ؟ هل هو سيموت جوعا ؟ الجواب لا ، إذا سيموت جوعا يجوز له أن يسرق بل أقول لا يجوز له أن يسرق .
السائل : يجب عليه .
الشيخ : لا لا أريد أن أقول شيئا آخر ، يجوز له أن يشحذ لأن هذا أهون من السرقة ، السرقة اعتداء على مال الغير دون حق أما الشحاذة كما قال تعالى (( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم )) ، فإذا أنت تسأل يعني تشحذ بحق فأنت أشرف لك من أن تأخذ هذا الحق بالطريق الشرعي من أنك تسرق ، انظروا كيف الفقه يتدرج في الإنسان ويبين له الفوارق بين أمر وأمر ، أنت ستموت جوعا ، ستموت بردا ، لازم تتدرج للوصول إلى ارتكاب الحرام مضطرا درجات، تصور نفسك في أي مكان كنت، ونحن الآن نعيش في بلد مسكون فيه ناس كثيرون ما هي الضرورة التي تضطرك أنك تستقرض بالربا، ما في هناك ضرورة أبدا تريد تتاجر ، التجارة ليست ضرورة ممكن أن تعمل أي عمل، ممكن أن تبيع عطورات في صندوق صغير جدا، إذا ما كان عندك قوة لحمل المتاعب والمشاق سيارة مثلا تبيع فيها او دراجة عادية أو ما شابه ذلك كما يفعل بعض إخواننا المصريون وغيرهم، وأين الفقر يريد يرتكب الربا المحرم لماذا ؟ بحكم الضرورة ، فأنت مثلا ستموت جوعا اسأل من حولك وقل له أنا حالتي كذا وكذا، لا هذا يعطيك، ولا هذا يعطيك ولا هذا يعطيك إلى أن يئست من السؤال ، وستموت إذا أقرب طعام تناله يدك سرقة خذه ، صار لك حلال الآن لكن متى ؟ بعد اتخاذ الخطوة الأولى ، وأين تأتي الخطوة الأخيرة أن تأكل الحرام بالربا ، ما في هنا سبيل ، ما في حاجة تتصورها للضرورة تؤدي بك إلى الربا، ما هي إلا توسع في أكل المال الحرام ، ونحن نجهل أو نتجاهل قول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قول الله تبارك وتعالى (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ))، الحقيقة بح صوتي وأنا أكرر هذه الآية ، ولكن مع الأسف الشديد قل من يتذكر بها ، (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )) هذه الآية معناها على الأقل لم تعد يدور هذا المعني في أذهان المسلمين ثم قوله عليه السلام ( يا أيها الناس إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها أجملوا في الطلب ، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ) ، فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ، منسوخ هذا الكلام من أذهان المسلمين أبدا، فهم يعيشون مع الأسف الشديد عيشة الذين قال الله عزوجل فيهم (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ))، أعني (( ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله )) ، أقل كلمة يقول لك أنا مضطر ، أنا مضطر ، وهو غير صادق باضطراره أبدا على حسب التفصيل الذي بيناه آنفا .
السائل : ما الموقف ما موقفنا عندما نسمع من فضيلتكم تحريم التقسيط بينما نسمع من فضيلة الشيخ ابن باز وغيره بحل التقسيط ؟
الشيخ : صحيح والله ، هذا السؤال ، موقفك أولا أن تسمع دليل كل من المختلفين وتتجرد عن اتباع الهوى حفظك الله من الهوى آمين آمين آمين ، فتتجرد من اتباع الهوى وتفكر بدليل هذا ودليل هذا، وبعد ذلك اتبع ما أداك إليه الدليل ولو كنت رجلا عاميا ، ما تقول هذا الشيخ وهذا الشيخ هذا عالم وهذا عالم ، وحينئذ تأخذ ما يناسب هواك لا، أنت تكون مؤاخذا عند الله عز وجل إذا اتبعت هواك بحجة أنه فيه قولان في المسألة ، لا يجب أن تنظر في دليل هذا ودليل هذا ، فإذا الدليل أداك إلى التحريم ، فصار عليك حراما ، إذا الدليل أداك إلى التحليل صار عليك حلالا ، أما أن تتبع الأنسب والأهوى لك، فهذا داخل في عموم ، النهي عن اتباع الهوى في الكتاب والسنة، هذا الشيء الأول والذي لابد منه للخلاص من مشكلة اختلاف العلماء في مسألة ما ، الشيء الثاني أن تأخذ بمبدأ ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) وهذا لا كلامي ولا كلام الشيخ الفلاني هو قول نبي الجميع ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) وإذا كانت المسألة ما فيها احتياط ممكن نتصور مسائل ما فيها احتياط ، يأتي في المرحلة الأخيرة قوله عليه الصلاة والسلام مع ملاحظة الابتعاد عن الهوى ، ( استفت قلبك وإن أفتاك المفتون، استفت قلبك وإن أفتاك المفتون )، وأنا اعتقادي الشخصي أن الناس اليوم يهملون تطبيق هذه المراحل كلها، يعني مثلا أنا أتصور إنسانا من إخواننا يسمع رأيا لي أو من إخوان الشيخ الفلاني يسمع رأيا له لكن سرعان ما سيترك رأي شيخه الذي عاش في حلقات علمه حينما يجد هواه ومصلحته مع شيخ آخر بينما هو متعاطف مع الشيخ الأول، هذه مشكلتنا نحن أننا لا نستعمل الميزان لنعرف قول فلان هو الصواب أم قول علان ، وإنما ننظر المصلحة والهوى والتيسير والرخصة إلى آخره مع أي قول نحن مشينا معه ولو كان خلاف قول الرجل الذي انت تتبنى منهجه العلمي والفكري وإلى آخره، ولذلك يجب نحن أن نتخلص من مشكلتين لعل واحدة منها تخلصنا منها، وهو التقليد الأعمى ، لكن المشكلة الأخرىما تخلصنا منها وهي اتباع الهوى ، اتباع الهوى هذا محظور كبيرا جدا، شر ما في الرجل هوى متبع وإعجاب كل رأي برأيه، ولذلك أنا أنصح الإنسان المسلم إذا احتار بين قولين يجب أن يبحث في حدود استطاعته عن دليل كل منهما ثم يتبع ما أداه الدليل سواء كان له أو كان عليه إن كان هناك شبهة يتبع الحديث الذي ذكرناه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، ما تنتهي المسألة فرضا لا بهذا ولا بهذا ، ينتهي أخيرا ( استفت قلبك ولو أفتاك المفتون ) وليس معنى استفت قلبك هواك ، لا القلب المؤمن بالله عز وجل المستحضر مراقبة الله عز وجل الذي يعلم ما في الصدور .