ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية فقتل فقتلته جاهلية )؟ حفظ
الطالب : ( قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية فقتل فقتلته جاهلية ) فتوضح لنا هذه المسألة جزاكم الله خيرا، علما يا إخوان أقول سلفاً يعني أرجو أن تنصتوا إلى إجابة شيخنا .. لأن كثيراً من الأسئلة التي وردتنا معظمها أو جلها تدور حول هذا المعنى، ولذلك الذي أرجوه أن تلتفتوا إلى الإجابة المستفيضة لعل الجواب على هذا السؤال وحده يغني عن أسئلة كثيرة جدا تقدم بها الإخوان إلينا، وبارك الله فيكم.
الشيخ : حمدا لله وصلاةً وسلاماً على رسول الله، وبعد: فيجب على المسلمين جميعاً أن يعلموا أن الجهاد قِسمان: جهاد دفع لاعتداء الكافر، وجهاد نقل الدعوة إلى بلاد الكفر. الجهاد الأول لا يرِد عليه مطلقا الحديث السابق، لأنه في هذه الحالة، أي: حالة يغزو الكافر بلداً من بلاد المسلمين، فيجب على المسلمين جميعا أن ينفروا كافة، وأن لا يفكروا في أي شيء في أي شرط مما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الذي هو جهاد لنقل الدعوة إلى بلاد الكفر والضلال، فرفع الراية الإسلامية التي دائماً ندندن حولها ونؤيدها كل التأييد إنما هو حينما يريد المسلمون أن يهيؤوا أنفسهم وأن يقيموا دولتهم، فذلك لا ينبغي أن يكون إلا تحت راية إسلامية، وأن لا يجاهدوا ذاك الجهاد إلا تحتها.
أما في الحالة الأولى حالةَ يغزو الكافر بلداً من بلد المسلمين ففي هذه الحالة لا نفكر في تحقق ذلك الشرط أو سواه، وإنما على المسلمين أن ينفروا كافة لدفع الخطر الأكبر، ألا هو هجوم الكفار على بلاد الإسلام.
ولذلك فالناس اليوم تفكيرهم ضيق جداً حينما يفكرون بشرط رفع الراية الإسلامية لدفع مثلا اعتداء هؤلاء الكفار الذين اجتمعوا من كل جانب وصوب للاعتداء على بلاد المسلمين وهي العراق، فهاهنا يجب على الدول الإسلامية أن ينصروا الشعب المعتدى عليه من الكفار، وأن لا يفكروا أن هذا الشعب هل دولته ترفع راية الإسلام أم لا؟ لأننا في هذه الحالة نريد أن ننقذ الشعب المسلم من سيطرة ذاك الكافر أو أولئك الكفار، فهنا يجب على المسلمين جميعاً أن ينفروا كافة.
والحقيقة أن من آثار هذه الفتنة التي ألمت بالمسلمين في هذا العصر، والتي لا نعلم لها مثيلاً في التاريخ الإسلامي كله، إن من آثار هذه الفتنة أن المسلمين يختلط عليهم الحق بالباطل، ويختلط عليهم الواجب بما لا يجب، بل بما لا يجوز، سبب هذا يعود إلى أمرين اثنين:
الأمر الأول: يتعلق بعامة المسلمين، وذلك أنهم بعيدون كل البعد عن التفقه في الدين.
والسبب الآخر : يتعلق ليس بعامة المسلمين بل بخاصتهم، أولئك الخاصة المفروض أنهم يدرسون ما حل بالمسلمين من الفتن على ضوء ما جاء في الكتاب والسنن، وذلك هو الذي يساعدهم أن يتعرفوا على الحكم الشرعي فيما نزل في المسلمين.